«كليات القمة» ليست كذلك.. أنت من تصنع القمة!

منذ أول خطوة تُخطى في درب العلم، وأعيننا لا تغيب لحظة عن هذا المصطلح الزائف «كليات القمة»، نقاتل لأجل الوصول لهذا الحلم الذي حولناه إلى واقع حتى قبل مجيئه، فلم نعد قادرين على تخيل أنفسنا خارج حرم هذه الكليات!

وسرعان ما تمر السنون لنجد أنفسنا أمام باب كليات القمة، منا من استطاع جمع الدرجات اللازمة ففُتح له الباب، ومنا من قدر الله له غير ذلك، فضاقت نفسه، ودمعت عينه، ونظر إليه الجميع نظرة لوم وعتاب، وربما تغيرت حاله، واختفت معالم مستقبله؛ لأنه لم يستطع تحقيق هذا الحلم الوهمي الذي زرعه المجتمع داخله منذ الصغر، فهل يوجد ما يسمى بـ«كليات القمة»؟ والقمة أين تكمن؟

«كليات القمة» ليست كذلك

«كليات القمة» مصطلح لا يستند إلى أي دليل علمي أو حقيقة مؤكدة، يطلق على مجموعة من الكليات مثل الطب والهندسة والصيدلة.. وما إلى ذلك، هذه الكليات سميت بـ«كليات القمة» لأنها تستلزم مجموعاً مرتفعاً لا يمكن لأي طالب أن يأتي به، من هنا بدأت التفرقة بين من استطاع تحصيل الدرجات العالية فدخل واحدة من هذه الكليات، وشخص آخر في كلية أخرى خارج حرم «كليات القمة».

وفي حقيقة الأمر، ليس هناك ما يسمى بـ«كليات القمة»؛ لأن كثيراً من خريجي هذه الكليات لم يُفد المجتمع في شيء، بل كان حملًا زائدًا عليه، بل في كثير من الأحيان نجد بعض من دخل هذه الكليات لم يستطع تجاوز اختباراتها أو التخرج فيها، فكيف تكون قمة؟!


انظرأيضًا: أزمة التخصص وكليات القمة



«كليات القمة» الحقيقية

«كليات القمة» هي الكلية التي يجد الشخص نفسه بها؛ أي تكون متوافقة مع اهتماماته، ورغباته، وميوله الفكرية، فكم من طالب دخل كلية الطب وقام بالتحويل منها لكلية أخرى بعد عام أو أكثر لأنه لم يجد نفسه طبيبًا! وكم من طالب حصل على مجموع «كليات القمة» ودخل كلية أخرى لأنه يحب هذا المجال، ويرى أن مستقبله ينطلق من هذه الكلية دون الالتفات إلى حديث المجتمع، أو نظرة الناس.

وبذلك، تكون «كليات القمة» الحقيقية هي الكليات التي تتوافق مع رغبة الطالب، واهتماماته، وشغفه، وخبرته، الكليات التي تمكنه أن يكون شخصاً إيجابياً في المجتمع، وأداة فعاله لتقدمه.


انظر أيضًا: أزمة التخصص وكليات القمة


أين تكمن القمة؟

القمة الحقيقية تكمن في ذات طالب العلم لا في الكليات والجامعات، فكم من طالب دخل كلية يبغضها الناس، أو ينظر المجتمع إلى طلابها نظرة شفقة، واستطاع أن يثبت نفسه بها، وأن يكون في قمتها، فحقق حلمه، وأفاد المجتمع.

فأنت من تصنع القمة، ليست هي التي تصنعك، أنت من تحدد إلى أين تتجه، وماذا تريد، وكيف تفيد المجتمع، لا الدرجات الصماء التي لا علاقة لها بكفاءاتك وخبراتك وقدراتك.

فلا تجعل المجتمع يُقيد طموحك بإطار زائف «كليات القمة»، فالقمة أن تكون نافعًا، مُبدعًا، مُلهمًا، أينما كنت وبأي كلية، وفي أي مجال.

إن قمة التعليم الحقيقي هي أن تدرس ما تحب، وتعمل فيما تبدع، وتترك أثرًا طيبًا لا يُنسى، حينها تجد نفسك صانعًا للقمة، لا منتسبًا لها.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة