كيف حوّلت «القسام» رماد جباليا إلى محرقة لـ«جفعاتي»؟

سيف باكير

03 يونيو 2025

140

في قلب الأرض المحروقة حيث لا مأوى ولا ماء ولا طعام، وحيث تتفاخر آلة الحرب الصهيونية بأنها سوّت كل شيء بالأرض، تخرج المقاومة من بين الركام كأنها ولدت من جديد، في جباليا، التي لم يبقَ فيها حجرٌ على حجر، تسطّر «كتائب القسام» ملحمة جديدة من الصمود والبطولة، وتعيد تعريف معنى الاشتباك من المسافة صفر.

وأعلنت «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، مساء الإثنين، أن مجاهديها خاضوا اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال من مسافة صفر شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، مشيرةً إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف الجنود الصهاينة.

تفاصيل العملية

وفي تفاصيل الحدث، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن المتحدث باسم جيش الاحتلال أن انفجار عبوة ناسفة في معسكر جباليا أدى إلى مقتل 3 جنود في العشرينيات من عمرهم، من وحدة «جفعاتي»، وإصابة جنديين آخرين بجراح متوسطة.

وأوضحت الصحيفة أن قوة من كتيبة «روتيم» التابعة للواء «جفعاتي»، التي تتبع بدورها للكتيبة التاسعة المدرعة، تعرّضت أولاً لتفجير عبوة ناسفة استهدفت ناقلة جند مدرعة كانوا على متنها، وقد تمكّن الجنود من القفز منها، وأصيب بعضهم بجروح طفيفة.

عقب ذلك، وصلت قوة دعم تضم مدرعة «هامر» ووحدة إطفاء تابعة للجيش، لإخماد النيران التي اندلعت في الناقلة، وبينما كانت القوة في طريق عودتها عبر المسار نفسه، وقعت مدرعة «هامر» –التي كانت تؤمّن عربة الإطفاء– في كمين جديد، حيث انفجرت عبوة ناسفة أدّت إلى مقتل الجنود الثلاثة وإصابة آخرين، بينهم اثنان من طاقم الإطفاء.


الجنود الثلاثة القتلى  (المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت)

وسائل إعلام عبرية وصفت الحدث بـ«المأساوي»، مؤكدة مقتل الجنود الثلاثة وإصابة 11 آخرين، بينهم اثنان في حالة حرجة، جراء استهداف مركبتهم العسكرية بصاروخ مضاد للدروع، فيما حاولت مروحيات الاحتلال التدخل لإنقاذ الجنود، إلا أن نيران المقاومة الكثيفة أفشلت تلك المحاولات.

وأشارت مصادر عسكرية «إسرائيلية» إلى أن القوة سقطت في منطقة مفخخة بعشرات العبوات الناسفة؛ ما أسفر عن كارثة ميدانية للجيش.

تفاعل واسع على مواقع التواصل.. ملحمة من تحت الركام

وقد أثارت العملية البطولية تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل، حيث وصف ناشطون ما جرى بـ«الملحمة العظيمة».

الإعلامي القطري جابر الحرمي كتب: عملية جباليا ليست صادمة للعدو بعدد القتلى، بل بصدمتها المعنوية؛ في منطقة تفاخر الاحتلال بأنه سوّاها بالأرض، ولم تعد صالحة للحياة، تخرج «القسام» من بين الركام وتنفذ هذه الضربات القاتلة.

وأضاف: المجاهدون يقاتلون بلا طعام، بلا ماء، بلا مأوى، ومع ذلك يخرجون كأنهم أسود من تحت الأنقاض ليقاتلوا من المسافة صفر، هذه بطولات لم نسمع بمثلها، وصمود أسطوري تكسّرت عليه آلة الحرب الصهيونية بكل قوتها ودعم حلفائها.

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد: العملية وقعت في أقصى شرق جباليا، خلف خطوط العدو، في منطقة زراعية مدمرة لا تحوي مباني تُذكر، مما يُعد إنجازاً تكتيكياً كبيراً وسط معركة عنيفة مستمرة.

أما الكاتب يحيى غنيم فعلق بالقول: القضية ليست في عدد القتلى والجرحى، بل في عجز هذا الجيش المنهار عن إجلاء جرحاه بعد 4 ساعات من الكمين، إنهم يواجهون رجالاً يعشقون الشهادة كما يعشق الصهاينة الحياة، فأين النصر لحثالات الأمم؟!

وكتب أدهم شرقاوي: بعد أكثر من 600 يوم من الحرب، ومن قلب جباليا المدمرة، يخرج الأبطال من شقوق الأرض ليقاتلوا بعزائم لا تلين، هذه غزة التي لا تنكسر.

مواصلة المقاومة في محاور عدة

وفي السياق، تواصل «كتائب القسام» لليوم الـ605 على التوالي تصديها للقوات الصهيونية المتوغلة على مختلف محاور قطاع غزة، وقد أسفرت عملياتها حتى الآن عن مقتل المئات من جنود وضباط الاحتلال، وتدمير مئات الآليات العسكرية بشكل كلي أو جزئي.

وأعلنت الكتائب تنفيذ سلسلة من العمليات خلال الأيام الأخيرة، منها استهداف دبابة صهيونية في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان يونس، واستهداف تجمعات للجنود شرق بلدة القرارة بـ13 قذيفة هاون، بالإضافة إلى قصف موقع «العين الثالثة» بـ3 صواريخ قصيرة المدى من نوع «رجوم».

من جانبها، أعلنت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بالتعاون مع «كتائب شهداء الأقصى»، قصفاً مشتركاً لتجمعات الجنود والآليات الصهيونية في محيط الضابطة الجمركية جنوب شرقي خان يونس، كما بثت مشاهد مصورة لقصفها بقذائف الهاون مواقع العدو في ذات المحور.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة