كيف ستتصدى روسيا لحرب العقوبات الغربية؟

سامح ابو الحسن

01 فبراير 2022

27

لم تكد تنتهي جلسة مجلس الأمن العاصفة التي دعت إليها الولايات المتحدة لبحث الأزمة الأوكرانية، حتى اندلعت حرب التصريحات بين واشنطن وحلفائها من جهة، وموسكو من جهة ثانية، مترافقة بتهديدات وتهديدات مضادة بالعقوبات الاقتصادية والمالية ردّا على تفاقم الأزمة بين الطرفين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس -في إفادة صحفية بعد الجلسة- إن واشنطن ستتخذ عقوبات "رادعة" ضد روسيا في حال قامت بعمل عدائي ضد أوكرانيا.

لكنه لم يكشف عن طبيعة هذه العقوبات، في توجه لحرمان موسكو من إمكانية الاستعداد لمواجهتها.

وأشار برايس إلى أن جزءا من "التأثير الرادع" للعقوبات المحتملة يكمن في أنها ستكون غير مسبوقة من حيث نطاقها والأضرار التي ستتسبب بها لروسيا.

وقبل ذلك بيوم واحد، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إنه في حالة وقوع "عدوان" على أوكرانيا، فإن المملكة المتحدة ستفرض "أشد العقوبات" على روسيا، بما في ذلك ضد الأشخاص والشركات المرتبطة بالقيادة الروسية.

"تعدٍّ غير مبرر"

أما في موسكو، فوصف المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف تصريحات الوزيرة البريطانية بـ"هجوم العار"، معتبرا العقوبات المحتملة ضد الشركات الروسية "تعديا غير مبرر" على الأعمال التجارية.

ووفقا له، فإن روسيا ستقدم ردها الخاص على هجوم لندن على الأنشطة التجارية الروسية، بما يتناسب مع مصالحها الوطنية.

وردا على تهديدات الولايات المتحدة بفرض عقوبات، أعلنت السفارة الروسية في واشنطن أن موسكو لن "تتراجع" أمام التهديدات، "لأن الجانب الأميركي هو الذي يعمل كـ"مولد" للتوتر في العلاقات الثنائية"، وفق بيان على صفحتها بموقع فيسبوك.

إجراءات استباقية

وعلى خلفية العقوبات الأميركية المحتملة، قام مصرف "سبير بنك" -وهو أكبر مصرف في روسيا- بإجراء تمارين تقنية تم خلالها محاكاة إيقاف تشغيل البرامج والأجهزة الإلكترونية الأجنبية. ويخطط المصرف لشراء مجموعات كبيرة من الخوادم وأنظمة تخزين البيانات.

ومع تواصل تردي العلاقات بين روسيا والغرب في بداية عام 2022 ارتفع منسوب المخاطر باستخدام العقوبات الاقتصادية كسلاح سياسي.

وفي هذا السياق، كان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن احتمال استبعاد البنوك الروسية من العمليات التي تتم بالدولار الأميركي.

ونشر الكونغرس 3 مشاريع قوانين لعقوبات ضد البنوك الروسية الكبيرة وشركات التعدين، ولاتخاذ تدابير ضد المنظمات التي تقدم خدمات التحويلات المالية، خصوصا "سويفت" (SWIFT)، وفرض حظر على شراء الديون الروسية، بما في ذلك سندات الدولة، بالإضافة إلى عقوبات شخصية ضد كبار المسؤولين، وعقوبات على خط الغاز "نورد ستريم 2".

وبخصوص "نورد ستريم 2″، فحتى قبل أن تحشد روسيا 100 ألف من جنودها على الحدود الأوكرانية، دب الذعر في الدول الأوروبية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.

ومع تقدّم الأزمة على الحدود الأوكرانية، أصبح الذعر أكثر وضوحا، لأن الحرب مع أوكرانيا أو العقوبات المحتملة ضد روسيا قد يتسببان في وصول الأسعار لأرقام قياسية جديدة كل أسبوع تقريبا إذا قطعت موسكو إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا ردا على العقوبات الغربية، وأيضا على ضوء توجه الولايات المتحدة لمنع استكمال خط أنابيب الغاز بمساعدة هذه العقوبات.

سابقة لافتة

وفي الوقت الذي اعتاد فيه الناس على مناوشات واشنطن العلنية مع كراكاس وطهران وموسكو وبكين، فإن التهديدات التي عبرت عنها مرارا وتكرارا بفرض عقوبات ضد مشروع تجاري اقتصادي في أراضي الاتحاد الأوروبي تعتبر سابقة لافتة.

وقال ألكسندر دودتشاك الخبير الاقتصادي بمعهد رابطة الدول المستقلة إنه في حال قامت واشنطن بتعطيل مشروع "نورد ستريم 2″، فإن ذلك سيكشف مدى فقدان البلدان الأوروبية لقرارها المستقل، لأن وقف المشروع يضر بها بالدرجة الأولى، وبهذا الشكل فإنها تتصرف عكس مصالحها.

ونفى الخبير الروسي للجزيرة نت ما يقال حول ابتزاز موسكو الدول الأوروبية بالغاز لتحويلها إلى تابع لها، واضعا هذا الاتهام في سياق الحملة الإعلامية للبلدان الغربية، التي تحصل على الغاز الروسي بأسعار مناسبة.

وبتقدير الخبير، فإن روسيا ستتأثر بوقف مبيعات الغاز إلى أوروبا، لكن التأثيرات لن تكون "مميتة" على الإطلاق، نظرا لامتلاك روسيا أسواقا كبيرة بديلة، لا سيما في الصين وبلدان جنوب شرق آسيا.

بدائل موسكو

وبخصوص منع روسيا من المعاملات المالية التي تنطوي على استخدام الدولار الأميركي، لفت دودتشاك إلى وجود عدة بدائل، سواء من خلال التعاملات باليورو، أو بالعملات الوطنية للدول الشريكة في التعاملات التجارية. فضلا عن أن فرض العقوبات سيسهم في المزيد من تطوير الاقتصاد الروسي لجعله أكثر حصانة أمام التحديات السياسية والاقتصادية.

أما الخبير الاقتصادي فيكتور لاشون، فيرى أن الولايات المتحدة ستواصل بكل الأحوال ضغوطها على المستشار الألماني أولاف شولتز، لوقف العمل بمشروع "نورد ستريم 2″، بحجة الحاجة إلى كبح ما تصفه بالعدوان الروسي على أوكرانيا.

وقال لاشون للجزيرة نت إن ألمانيا ستتخذ موقف المنتظر والمترقّب، وستنقل الحق في تقرير مصير مشروع الغاز الروسي إلى المنظم الألماني والمفوضية الأوروبية، والتي لا تميل -برأيه- إلى القيام بذلك، لأنه ليس من مصلحة ألمانيا التخلي عن "نورد ستريم 2".

ويوضح الخبير الاقتصادي أن تعليق العمل بالمشروع يهدد شركات الطاقة الأوروبية بخسائر بمليارات الدولارات، فضلا عن شطب 8 مليارات يورو من الاستثمارات.

ويعتقد أنه يجري دمج عدة عوامل معا في قضية مشروع الغاز الروسي، وخلطها بالاعتبارات السياسية، من خلال اللعب بورقة المعاداة لروسيا داخل دوائر سياسية بعينها في ألمانيا، إلى جانب الضغط الأميركي على الدانمارك والاتحاد الأوروبي عامة، "كونه ليس سرا أنه يوجد في ألمانيا من يريدون تعقيد العلاقات بين ألمانيا وروسيا لكسب نقاط سياسية".

 

الرابط المختصر :

كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة