5 خطوات مهمة..
كيف يكون النجاح المهني وسيلة إلى الجنة؟

هل فكرت يومًا أن طريقك إلى الجنة يمكن أن يكون من عملك ومهنتك؟ في كل لحظة
نعمل فيها، أمامنا فرصة عظيمة لنكسب رضا الله وندخل الجنة، فهل نحول أعمالنا
اليومية إلى جسور تمتد نحو الجنة؟
روى الطبراني بسند صححه الألباني عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة قَالَ: مَرَّ
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ،
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى
وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى
عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ
كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ
كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ».
في هذا الموقف دلالة على أن البحث عن سبيل يوصل إلى الجنة هو الشغل الشاغل
للمسلم الصادق، وهذا السبيل ليس مقتصراً على أداء الصلوات أو إيتاء الزكوات أو
الصيام أو الحج، بل يسلك سبيل أهل الجنة بنية طيبة أو مساعدة أو خلق حسن، أو بعمل
يكتسب منه معاشه ومعاش أولاده، فكيف يكون العمل المهني سبيلاً إلى الجنة؟
والجواب: حين تتحول كل خطوة في مسيرة حياتنا إلى عبادة، إذ الإسلام دين
شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً.
أما الجواب التفصيلي هو الالتزام بالخطوات الآتية:
1- تجديد النية الصالحة:
تسهم النية الصالحة في تحقيق ثواب العمل قبل فعله، ويزداد الثواب بالعمل،
ففي صحيح البخاري، ومسلم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «إِنَّ
اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ
فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ
هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ
إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ
فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ
هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً».
وفي صحيح البخاري، ومسلم، عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى،
فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ
يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
إن النية تسهم في تحويل العادات اليومية إلى عبادات، إذا استحضر المسلم في
أدائها رضا الله تعالى، فتتحول حياته كلها إلى عبادة، وفي هذا يقول تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ
أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام)، فكل عمل من أعمال حياتنا يتحول إلى عبادة ترفع درجة
صاحبها في الجنة إذا أحدث فيه النية الصالحة، فإذا كان هدفك من النجاح المهني هو
إعالة أسرتك، أو مساعدة الآخرين، أو تقديم خير للمجتمع، فهذا يجعل عملك وسيلة
للتقرب إلى الله ودخول جنته.
2- إتقان العمل:
روى الطبراني بسند حسنه الألباني عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ»، فمن أتقن أي
عمل من أعمال الحياة فهو سبيل إلى محبة الله تعالى بشرط ألا يكون فيه معصية، ومن
هنا يتحول النجاح المهني إلى عبادة إذا أتقنه فاعله، وحرص فيه على إرضاء الله ونفع
عباده.
3- الأخلاق المهنية:
تسهم الأخلاق المهنية الحسنة في تحصيل الأجر والثواب، وسلوك السبيل إلى
الجنة، ذلك أن الإسلام حث عليها، ووعد فاعلها بحسن الجزاء، فالرحمة والصدق
والأمانة أخلاق مهنية في البيع والشراء، وقد أمر الله بها وحث عليها النبي صلى
الله عليه وسلم في كل التعاملات، لا سيما في المهنة والعمل.
ففي الرحمة روى الترمذي بسند صححه الألباني عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاحِمُونَ
يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي
السَّمَاءِ».
وفي الصدق قال تعالى: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:
119)، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكذب والغش والخيانة وغيرها من
الأخلاق الفاسدة في حياة الناس، فمن التزم الخلق الحسن في مهنته؛ نال أجره وثوابه
واستحق جنة ربه تعالى.
4- كسب الحلال:
يكون النجاح المهني طريقًا إلى الجنة إذا كان مصدر الرزق حلالًا، فيتجنب
المسلم فيه الغش والربا، أو أي وسيلة محرمة، فالله يسأل عبده عن مصدر المال وسبل
إنفاقه، حيث روى الطبراني بسند حسنه الألباني عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزُولُ قَدِمَا
عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ
عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ
مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ
فِيهِ».
5- ترك الأثر الإيجابي:
إذا كان النجاح المهني ملهماً للآخرين أو يُسهم في تحسين حياة الناس، أو
يترك فيهم أثراً إيجابياً، مثل تقديم خدمات طبية، أو تعليمية، أو ابتكارات مفيدة؛
فهذا عمل صالح يُكتب لك أجره حتى بعد مماتك، ومنه الصدقة الجارية ونقل الخبرات إلى
الآخرين.
فقد روى البزار بسند صححه الألباني عَن أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ
بَعْدِ مَوْتِهِ، وهُو فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ كَرَى نَهْرًا،
أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ
مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ».