لماذا ينتفض الغرب لغزة ويصمت العرب؟

لا ننسى معارك المغاربة في حروب تحرير الشام والمشرق وفلسطين رفقة نور
الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، ولا ننسى معارك عبدالكريم الخطابي، والهاشمي
الطود، وكتيبة غزة المغربية لتحرير غزة في زمن الاجتياح الصهيوني لغزة.
ولن ننسى معارك حارة المغاربة ضد الاحتلال في عام 1967م التي داست عليها
أقدام بوريطة وإعلاميين مغاربة مطبعين (باسم ساحة المبكى) لا باسم حارة المغاربة،
ولن ننسى معارك المغاربة وشباب الريف في شوارع هولاندا وأنهار أمستردام أمام
الصهيونية، ولن ننسى معركة إبتهال في أمريكا، وزياش، وصاحبة الكوفية في الجامعة،
ولن ننسى معارك وأكثر من 7 آلاف مسيرة ووقفة في المغرب التي جعلت عين الماسونية
الصهيونية في موازين تخرج حقداً وانتقاماً.
قمت بالتذكير بهذه المعارك للمغاربة داخل المغرب وخارج المغرب، وكانت
الانتصارات في كل مواقفها لا في جلها، كانت المعارك المغربية عبارة عن حدث يهتز له
العالم ويتضامن مع المغاربة، حتى رجال الأنفاق في بعض الأحيان يؤيدون ويباركون فعل
المغاربة.
أما اليوم ما نسمعه في جنين من استهداف الجيش الصهيوني لوفد عربي وأجنبي
يضم سفيراً مغربياً، فهذه معركة أخرى تحتاج إلى رد سياسي مغربي مسؤول من الدولة
المغربية، فهل من رد مغربي سياسي وقانوني؟
من جنين إلى ولادة الجنين
في جنين، كان هناك وفد عربي وأجنبي يزور الضفة وتم استهدافه برصاص الكيان
الصهيوني، في المقابل كان العالم يتجهز لولادة جنين فمولود جديد عبارة عن حراك
غربي ودولي ضد الكيان الصهيوني.
تحولات كبيرة متسارعة تخنق الكيان الصهيوني وتجعله يُحشر في الزاوية ويعيش
العزلة، هو تحرك دولي لكن لن يصل إلى صحوة وشعلة قوية إلا باجتماع طاقات الشعوب
الغربية بقوة حكامها في أوروبا والغرب، لكن السؤال: أين موضع العرب من هذا الحراك؟
لماذا لا يتحركون؟ لماذا يتحرك الغرب ويعجز العرب؟
الجواب في صنعة التطبيع؛ فالتطبيع ليس بعملية اتفاقية وعقود في مجالات
متعددة بين النظام العربي والكيان الصهيوني من أجل مصلحة اقتصادية أو اجتماعية أو
سياسية أو ثقافية، الأمر أشد وأعمق.
التطبيع هو عملية اختراق الكيان الصهيوني للنظام العربي، وتقمص الصهيوني
للنظام وجيشه وأحزابه ومؤسساته وجامعاته، لتوظيف هذه الطاقات من أجل هدف واحد، هو
القضاء على الشعوب العربية والإسلامية والإسلام والأسرة من الداخل، ثم المضي للهدف
الأساس هو صناعة قوة عربية عسكرية وسياسية لتصفية غزة وفلسطين والمقاومة، هذه كانت
غاية صناعة «صفقة القرن» تحت شعار «التمهيد للتعبيد والتهويد».
هذا التطبيع مع العرب هو أشد من تطبيع الكيان مع بعض الأنظمة الغربية، لذلك
في بعض الأحيان العلاقة بين الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة العربية أقوى من علاقة
بين الكيان الصهيوني ودول غربية، لماذا؟
أكيد أن العلاقة بين أوروبا مثلاً والكيان الصهيوني هي قديمة جداً قبل
الإسقاط الصليبي الصهيوني للدولة العثمانية، لكن «طوفان الأقصى» اليوم نخرت العمق
الصهيوني في الغرب والعالم، واخترقت بروايتها الفلسطينية العالم الغربي والشعوب
وبدت تؤثر الآن تدريجياً في جل الأنظمة الغربية، خصوصاً في أوروبا لتتراكم الجهود
وربما تصنع هناك صفعة جديدة مستقبلاً.
بالتالي يمكن للدول الأجنبية أن تقاطع الكيان الصهيوني تجارياً أو حتى سياسياً في المستقبل، لأنها تتميز بنظام ديمقراطي جعل شعوبها وقواها الحية وأحزابها ونوابها ومنظماتها تتحرك من أجل غزة (رغم وجود عملة النفاق) وحتى لو تم تهديدها من الكيان الصهيوني والصهيونية العالمية بحصار أو إسقاط، فلا يمكن تحقيق ذلك في هذه الفترة لأن جهود أوروبا موحدة ديمقراطياً وسياسياً، بل والمحاصر الآن هو الكيان الصهيوني.
التطبيع المغربي زمن «طوفان الأقصى»
لذلك، شهدنا موقفاً مهماً وهو حالة إسبانيا تجاه الكيان الصهيوني ورفض
الميناء الإسباني رسو السفن «الإسرائيلية» أو الأمريكية المسلحة الداعمة للكيان
الصهيوني، في المقابل المغرب رصدناه يقبل برسو هذه السفن، بل وسعت إسبانيا وأوروبا
إلى خطوات تهديد بقطيعة تجارية مع الكيان الصهيوني، في المقابل المغرب كان يحتضن
جنوداً صهاينة يتدربون في أرضه، رغم توجه رصاصات جنود الصهاينة في جنين إلى وفد
عربي يضم السفير المغربي، جنود يتدربون في أرضنا ثم يحاولون قتلنا في جنين.