مجزرة «سربرنيتسا».. رفات غائبة وقصص لم تلتئم
يشيِّع مسلمو البوسنة، اليوم الثلاثاء 11 يوليو، رفات 30 من ضحايا «سربرنيتسا»، في الذكرى الـ28 لوقوع المجزرة التي استشهد فيها 8372 مسلماً، على يد قوات صرب البوسنة، ظل ذووهم يتجرعون مرارة الغياب الطويل تحت التراب.
https://twitter.com/MSrebrenice/status/1677989239974248448وبهذا العدد الذي يوارى الثرى اليوم، يصبح إجمالي من تم دفن رفاتهم 6751 من شهداء المجزرة البالغ 8372 شهيداً، لتبقى رفات 1621 على قائمة الانتظار، جروح فراقها لم تندمل، ورحلة غيابها الطويل تأبى أن تلتئم وإن كانت بين الثرى.
هؤلاء الشهداء راحوا ضحية إبادة جماعية على يد قوات صرب البوسنة، دون أن يترك أحدهم من خلفه أكثر من اسم في قائمة المفقودين أو رفات تنتظر العثور عليها، فتبقى الأجيال تتوارث قصص الشوق حتى وإن كان الأحباب رفاتهم تائهة تحت التراب.
في كل عام تلتف العائلات حول رفات ذويهم التي جرى العثور عليها ومعرفة هوية أصحابها، يتلمسون النعوش، ويهمسون يحدثونهم عن قصص الشوق وعما تلا رحلة تيههم في المقابر الجماعية، ويتمتمون لهم بالدعوات موقنين أن نبضات قلوبهم تصل رفات أحبابهم الغائبة منذ وقوع المأساة.
https://twitter.com/sarhan3mo/status/1414212533825810435?s=46&t=amqj42UAncQdpUoNNw5ORgعمليات البحث عن رفات الضحايا التي تتواصل منذ سنوات، لم تعثر على رفات كاملة، فغالباً ما يعثرون على عظمة أو عظمتين من الجسد، والسبب في ذلك، كما ذكر تقرير المحكمة الجنائية الدولية الصادر في أغسطس عام 2001م، بالاستناد إلى أدلة الطب الشرعي، بسبب مستوى التحلل، وأن الصرب قاموا خلال سبتمبر وأكتوبر 1995م؛ أي بعد شهرين من وقوع المجزرة، بإعادة حفر العديد من المقابر الجماعية للضحايا من إجمالي 21 مقبرة، وأعادوا توزيع الرفات على مقابر جديدة بهدف طمس وتضييع الأدلة.
لم أنجبه بلا رأس
ومن بين قصص الألم في تضييع رفات الضحايا معاناة عائلة الحاجة خديجة محمدوفيتش التي فقدت زوجها وولديها، وفي إحدى السنوات عثروا على بعض عظام أحد أبنائها، تقول: سألت: هل الجسد سليم؟ أجابوا: إنه ليس كاملاً، وجدنا فقط عظمتين من الساقين، قلت: لن أدفنه، فلم أنجبه بلا رأس، قالوا: نأسف، إن القبور كانت مدمرة ويستحيل إيجاد بقايا أخرى.
https://twitter.com/sarhan3mo/status/1282227769691312129ويشير تقرير المحكمة الجنائية الدولية، ووفق شهادات الشهود، إلى أن الصرب حاصروا الآلاف من المدنيين العزل في سربرنيتسا، فانقسموا إلى فريقين؛ مجموعة لجأت إلى قاعدة بوتوتشاري مقر الوحدة الهولندية الأممية، ويقدر هؤلاء بنحو 20 أو 25 ألفاً، ومجموعة أخرى فرت عبر الغابات.
لكن الصرب قتلوا الآلاف منهم خلال أيام بعد استيلائهم على قاعدة بوتوتشاري، وأعدوا كمائن لهؤلاء الذين فروا عبر الغابات فقتلوهم بشكل جماعي ودفنوهم في مقابر جماعية، وخلال أيام قليلة تم القضاء على الآلاف من الأرواح وقد تم محوها من صفحات التاريخ.
https://twitter.com/BosnianHistory/status/1678086177381838851كانت سربرنيتسا تعد منطقة آمنة بموجب قرار مجلس الأمن (819)، الصادر في أبريل 1993م، ومع ذلك اقتحمها الصرب للحاق بالمدنيين العزل، وبحسب تقرير المحكمة الدولية، وفي ظل اشتداد الأحداث وتفاقم الأحوال الإنسانية خرج القائد العسكري لصرب البوسنة راتكو ملاديتش أمام الكاميرات، بشكل إنساني يطمئن النازحين ويقدم الحلوى للأطفال، على اعتبار أنهم لن يتعرضوا لهم بأذى!
https://twitter.com/sarhan3mo/status/1546467649957289985?s=20وبحسب روايات الشهود أمام المحكمة الدولية، بعد ذهاب الكاميرات، بدأت عمليات القتل على مجموعات، ويتم تكديس الجثث في مبانٍ بمحيط بوتوتشاري، يقول أحد الشهود: إنه رأى من 20 - 30 جثة مكدسة خلف مبنى في قاعدة بوتوتشاري، ويروي آخر: إنه تم قتل أكثر من 100 مسلم خلف مصنع الزنك في محيط القاعدة، وآخرون تم قتلهم ونقلهم بجرارات إلى مقابر جماعية.
ثم تواصل القتل بشكل مكثف ليحصد أرواح الآلاف، ففي شهادته أمام محكمة لاهاي، عما حدث للآلاف من مسلمي البوسنة في سربرنيتسا، قال الضابط الصربي مومير نيكوليتش: سألت الجنرال ملاديتش: ماذا علينا أن نفعل بكل هؤلاء الرجال؟ فأشار إليَّ بطريقة فهمت منها أنهم سيُعدمون!
https://twitter.com/sarhan3mo/status/1281711065894715392?s=46&t=amqj42UAncQdpUoNNw5ORgغير عمليات الاغتصاب الجماعي التي كانت تحدث، فيروي أحد الشهود الهولنديين وكان طبيباً كيف رأى جنديين من الصرب يتناوبون على اغتصاب فتاة وهي مصابة بكدمات وتنزف دماً، حتى إنها أصيبت بالجنون من هول الصدمة.
قتل في الغابات
أما هؤلاء الذين فروا عبر الغابات، حاصرهم الصرب داخل الغابات وقتلوا أغلبهم بشكل جماعي، حتى إن الطريق الذي قطعوه يسمى حالياً بـ«طريق الموت»، ويتم إحياء ذكراهم سنوياً بفعالية «مسيرة السلام».
https://www.youtube.com/watch?v=DxKZ2x43vVI