مسجد «كوبه» في اليابان
يمثل المسجد الملاذ الآمن للمسلم، أما في حالة مسجد «كوبه» باليابان فمكانته ورمزيته لا تقتصر على المسلمين، وإنما يجلّه اليابانيون، فقد كان بمنزلة ملجأ آمن لهم من ضربات القصف الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، وهو المبنى الذي جسد رمزيته مجدداً بصموده أمام زلزال «هانشين» عام 1995م، فما قصة هذا المسجد؟
https://twitter.com/sarhan3mo/status/1275473331047870464خلال الحرب العالمية الثانية، كان مسجد «كوبه» المبنى الوحيد الذي صمد أمام القصف الأمريكي على مدينة كوبه عام 1945م، بينما سويت المدينة بالأرض، فلجأ اليابانيون للمسجد للاحتماء به هربًا من القصف، وأصبح ملجأ لضحايا الحرب والمصابين.
[caption id="attachment_319371" align="alignright" width="401"] مسجد كوبه بعد الحرب العالمية الثانية[/caption]وبعد 50 عاماً من الحرب العالمية، مثّل المسجد مجدداً ملجأ لليابانيين بصموده أمام زلزال «هانشين العظيم» الذي ضرب المنطقة عام 1995م.
ويقع مسجد «كوبه» بمنطقة تشوأو في مدينة كوبه (كوبي) بمحافظة هيوغو، وقد جاءت فكرة بنائه استجابة لحاجة المسلمين الذين قدموا إلى كوبه لمسجد للصلاة، ففي بدايات القرن العشرين جاء نحو 60 مسلماً هندياً إلى المدينة، ونحو 100 من المسلمين التتار قدموا من روسيا، وكانوا في بدايات الأمر يقيمون صلاة الجمعة في النادي الهندي.
وفي عام 1928م، أخذ عدد من المسلمين في مقدمتهم شخص يدعى أحمد بوشيا زمام المبادرة بوضع صندوق لجمع تبرعات لمشروع المسجد، حتى إنه سافر إلى الهند لجمع تبرعات، وبدأت حركة التبرعات في أوساط المسلمين التتار والهنود في مدينة كوبه، واشتركوا معاً في مبادرة بناء المسجد.
تبرع بالأرض للمسجد الحاج فيروز الدين، كما أسهم بجزء من تكاليف البناء، ووضع تصميم المسجد المهندس التشيكي يان يوسف سواقا، وتم وضع حجر الأساس للمسجد في نوفمبر 1934م، وأقيمت أول صلاة جمعة فيه في 2 أغسطس 1935م، وشكلت له إدارة مكونة من عدة جنسيات وأوقاف من عائدها يتم تسيير خدمات المسجد.
https://twitter.com/kobe_masjid/status/1649719157909512193وخلال الافتتاح، قال محافظ مدينة كوبه في كلمته: «أهدي التهاني القلبية لجميعة مسجد كوبه الذي يضيف معلماً جديداً للمدينة تفخر به كوبه، وسيكون مركز عبادة ليس فقط للمسلمين في المدينة، ولكن للمسلمين القادمين من جميع أنحاء اليابان، ليجعل مدينة كوبه مركزاً إسلامياً، وإني أشارك المسلمين الفرحة والسعادة في هذا اليوم المبارك، وأشعر وأنا أقدم رسالة التهنئة هذه أنني لا أقدم مشاعري فحسب، بل مشاعر أهل المدينة كوبه جميعاً».
وعن المسجد، كتب حينها الأستاذ في كلية اللغات الأجنبية في طوكيو نور الحسن بارلاس مقالة جاء فيها: «هذا المسجد تحفة فنية، وهو أشبه بمسجد موتي (مسجد اللؤلؤ) بالهند، وقد افتتح يوم الجمعة 2 أغسطس 1935م، بحضور ملحوظ، وخلال الافتتاح تم توزيع كتيب عن الإسلام».
كما استعرض قصة المسجد أيضاً الإسلام بدر الإسلام فضلي في كتابه «حقيقة اليابان»، وسرد عن جهود المسلمين الهنود والتتار لإنشاء هذا المسجد.
يشار إلى أن المساجد في اليابان تتمتع باحترام اليابانيين، وتستقبل وفوداً من الزائرين للتعرف على الإسلام.
____________________
1- كتاب الإسلام في اليابان، د. صالح السامرائي – د. سليم الرحمن خان.
2- كتاب الدعوة الإسلامية في اليابان، ماجد بن عبدالله الموسى.