معاناة النزوح داخل خيمة جائعة!

بنظرات مرهقة وجسد متعب أنهكه الجوع والنزوح والقصف الذي دمر بيت مها فجعلها تتنقل رحالة حافية القدمين تحت نيران الصواريخ من شمال غزة إلى جنوبها، والعودة مجدداً إلى الشمال، حتى استقرت بها الحال داخل خيمة قديمة ممزقة نصبت أوتادها المتهالكة بعد عناء كبير من البحث عن مكان تمكث فيه، فلم تجد أمامها إلا أرضاً رفضت الحيوانات العيش فيها، لكن ليس باليد حيلة.

وجع القلب

كلمات مها لم تخرج من لسانها فحسب، بل من قلبها الموجع وعينيها التي أرهقتها مشاهد المجازر المتوالية أثناء تنقلها مع عائلتها في محاولة للنجاة.

كل خطوة من خطواتها كانت تحمل الخوف والجوع، وما هي إلا نظرة سريعة إلى من هم خلفها في نزوحها من الشمال إلى مدينة غزة حتى وجدت من كان معها عبارة عن أشلاء على شوارع دوار بيت لاهيا.

في هذه اللحظة لا مجال للبكاء أو التراجع، فالخطوات محسوبة، فلا عودة للخلف أو حتى وداع الشهداء.

نزوح الجنوب

سارت بخطوات متثاقلة مع من تبقى من عائلتها لمسافات طويلة حتى الجنوب، نصبت خيمة مثقلة بالأوجاع والحكايات التي كانت تسردها مها على مسامعها من تشرد وجوع وبرد الشتاء وحرارة الصيف والخوف وحكايات الفقد ورحيل الشهداء بدون وداع.

حاولت أن تزرع شيئاً بجوار خيمتها لعلها تقتات منه، لكن قبل أن تثمر الزهر كان عليها الإخلاء والنزوح مجدداً حتى عاد بها المطاف إلى الشمال حيث بيت لاهيا في هدنة لم تدم طويلاً.

في كل نزوح كانت تفقد أشياء ضرورية لمعيشتها، كانت تجمعها بصعوبة لندرتها، وارتفاع سعرها، لكن كل ذلك يهون في عودتها، وإن كان على ركام بيتها، فقد نصبت الخيمة مجدداً وتنفست رائحة حيها، وإن غابت عنه البيوت وكثير من الأهل والجيران.

رغيف خبز

لم تلتقط أنفاسها إلا سريعاً، فقد دقت طبول الحرب مجدداً وعادت الصواريخ أكثر شراسة وعدواناً؛ الأمر الذي جعلها تركض إلى نزوح جديد في مدينة غزة داخل خيمة قديمة جداً ممزقة لا تظلها من حرارة الصيف، خيمة زادت معاناتها خاصة أن الكلاب المسعورة تزيد من خوفها وخوف بناتها اللاتي يتمسكن بها بقوة خاصة أثناء الليل.

داخل هذا الخيمة شهدت صوت قرقعة أمعاء مها الخاوية، وأمنيات بناتها بالحصول على رغيف خبز، فقد أصبح هذا الرغيف حلماً يراودهن في اليقظة والمنام!


كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة