من الهدي النبويّ.. 5 عادات ليوم صحيّ

محرر المنوعات

24 يوليو 2025

373

لم تكن الشريعة الإسلامية يومًا بعيدة عن حياة المسلم، وتنظيم يومه، والحرص على صحته، والنبي صلى الله عليه وسلم دائمًا ما يحث على الاهتمام بالصحة، حيث قال: «المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيف، وفي كلٍّ خيرٌ»، وقال: «إن لبدنك عليك حقاً».

والناظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لوجد أن الوقت عندهم أثمن ما يمتلكه المسلم، فعن ابن عَبَّاس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك».

في هذا المقال 5 عادات صحيّة مستمدة من الهدي النبوي، لتمنح المسلم يومًا صحيًا يحقق التوازن بين الجسد والروح.

1- الاستيقاظ مبكرًا وصلاة الفجر:

الاستيقاظ المبكر من أعظم العادات التي يبدأ بها المسلم يومه، وهي من الوسائل التي تجلب البركة في اليوم بأكمله، استجابة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» (رواه الترمذي)، فهو ينشط الجسم، ويمنح الإنسان وقتًا كافيًا لإنجاز أعماله دون تسرع أو عجلة.

وفي صلاة الفجر الطمأنينة، والسكينة، واستجلاب الرزق، وحماية الجسد، وأكدت العديد من الدراسات والأبحاث أن صلاة الفجر في وقتها تحمي صاحبها من التعرض للأزمات القلبية، وتنظم عمل الدورة الدموية وهرمونات الجسم بشكل عام؛ ذلك لأن الأعضاء تكون في قمة نشاطها عند توقيت صلاة الفجر، ويزداد إفراز الهرمونات، خاصة الأدرينالين الذي يعمل على تنشيط جميع أعضاء الجسم وحمايتها من الأورام، إضافةً إلى زيادة نسبة السكر اللازم لتنشيط المخ والخلايا العصبية، ومن ثم تحسين الذاكرة.

2- الأذكار وورد القرآن:

من أعظم أسباب راحة القلب، وتحصين النفس، وجلب البركة، أن يبدأ المسلم يومه بذكر الله تعالى، وأثبتت دراسات علم النفس أن أذكار الصباح تؤثر بشكل إيجابي على الصحة النفسية، وتقلل القلق والتوتر، وتحفّز السكينة والرضا، قال صلى الله عليه وسلم قل: «قُلْ هو الله أحد، والمعوِّذَتان، حين تُمسي وحين تُصبح ثلاث مرات، تَكفيك من كل شيء»، كما يجب أن يكون للمسلم ورد ثابت من القرآن الكريم، يبدأ به يومه تحت أي ظرف.

3- الحركة والنشاط البدني:

كان النبي صلى الله عليه وسلم نشيطًا، كثير الحركة، يفضل المشي على الأقدام، وكان يمارس العديد من الأنشطة البدنية، وروى أبو داود أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يتسابق مع السيدة عائشة رضي الله عنها، وكان صلى الله عليه وسلم محبًا للرماية، والجري، وفنون القتال، وكلها أنشطة بدنية حثنا الإسلام على ممارستها للاستمتاع بيوم صحي، وحياة متوازنة؛ توازن بين قوة الروح وقوة الجسد.

والله تعالى حينما اختار طالوت ملكًا على قومه، بين سبب هذا الاختيار فقال: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 247).

4- فطور متوازن:

دائمًا ما ينظر الإسلام إلى الطعام على أنه وسيلة يتقوى بها العبد على الطاعة والعمل، لا أنه غاية في حد ذاته، فيأكل كل ما طابت له نفسه دون تفرقه بين خبيث أو طيب، قال صلى الله عليه وسلم: «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع»؛ أي لا نأكل محبة في الطعام وطلبًا لذاته، بل لنسد جوعنا، وإذا أكلنا لا نملأ بطوننا.

ولذا، قال صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ابنُ آدمَ وعاءً شرًّا من بطنِه حسْبُ ابنِ آدمَ أُكلاتٌ يُقمْنَ صلبَه فإن كان لا محالةَ فثُلثٌ لطعامِه وثلثٌ لشرابِه وثلثٌ لنفسِه»، وكان التمر من أحب الأطعمة التي يبدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم يومه، قال: «مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ»، وقال: «يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ».

5- النوم المبكر وراحة البدن:

في «زاد المعاد»، نجد ابن القيم يقول: «مَنْ تَدَبَّرَ نَوْمَهُ وَيَقَظَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهُ أَعْدَلَ نَوْمٍ، وَأَنْفَعَهُ لِلْبَدَنِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْقُوَى، فَإِنَّهُ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَيَسْتَيْقِظُ فِي أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي، فَيَقُومُ وَيَسْتَاكُ، وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، فَيَأْخُذُ الْبَدَنُ وَالْأَعْضَاءُ، وَالْقُوَى حَظَّهَا مِنَ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ، وَحَظَّهَا مِنَ الرِّيَاضَةِ مَعَ وُفُورِ الْأَجْرِ، وَهَذَا غَايَةُ صَلَاحِ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ».

ومن تأمل قول ابن القيم لعلم أن اليوم الصحي ينتهي بنوم مبكر ليستيقظ صاحبه على يوم صحي آخر، وأن حال الشباب اليوم من سهر، وقلب الليل نهار والنهار ليل، ليس من الشريعة في شيء، بل مظلمة للجسد، ومضيعة للصحة، وجلب للكسل والخمول، فمن أراد يومًا صحيًا فليتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وليحافظ على هذه العادات، فإنها لا تحسن الصحة الجسدية للمسلم فحسب، بل تحقق التوازن بين دينه ودنياه.





______________

1- على أحمد عبدالعال طهطاوي، اللحية في ضوء الكتاب والسُّنة.

2- قحطان الدوري، علوم الحديث ونصوص من الأثر.

3- عبدالرؤوف المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، ج5.

4- https://n9.cl/2sbm4.

5- https://n9.cl/91kmp.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة