«إسرائيل» لا يمكنها محاربة العالم..

نصر المقاومة أضاء الأرض

د. جاسم الشمري

13 أكتوبر 2025

107

علمتنا التجارب أن الانتصار الكبير والحاسم ليس فقط في الميادين العسكرية، بل ربما تكون الانتصارات في ميادين السياسة والدبلوماسية أبرز وأروع من الميادين القتالية.

واليوم حققت المقاومة الفلسطينية، وخصوصًا حركة «حماس»، انتصارًا كبيرًا على «إسرائيل» بعد أن أرغمتها على توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار!

وقبل التطرق لهذا الأمر، نُذكِّر بأن الاتفاق ستوقعه «حماس» المتهمة بالإرهاب وليس حكومة محمود عباس المتناغمة مع «إسرائيل» التي كالت عشرات التهم للمقاومة؛ وهذا دليل كبير على أن العالم يحترم الأقوياء ويهمش الضعفاء!

واتفاق شرم الشيخ أرغم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على التصريح الفوري، وبعد اتصال جمعه برئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، بأنه طلب من «إسرائيل» الموافقة على الاتفاق «لأن «إسرائيل» لا يمكنها أن تحارب العالم كله، ونتنياهو يفهم معنى كلامي»، بحسب «فوكس نيوز».

وهذه العبارة هي المسمار الأشد في نعش الغرور الصهيوني، وهي رسالة أمريكية لـ«إسرائيل» بأننا لا يمكن أن نقف معك للأبد، ولا يمكن أن نقف ضد دول العالم أجمع مهما كانت الروابط الجامعة بين الفريقين.

وعبارة «إسرائيل» لا يمكنها أن تحارب العالم كله هي الوسام العالمي الأبرز للمشروع المقاوم في غزة، والضربة القاصمة لمشروع ريفييرا الذي طرحه الرئيس ترمب، وهذه جميعها عوامل قوة وانتصار ومنعة للمقاومة الفلسطينية الباسلة.

فشل مشروع ترمب

ومع فشل مشروع ترمب، ولترطيب الأجواء مع بعض الدول في المنطقة، قال الرئيس الأمريكي: سترون الناس يتعايشون، وغزة سيُعاد بناؤها.

وبهذا، فإن واشنطن أرغمت نتنياهو على توقيع الاتفاق قبل الوصول لمرحلة الانهيار الداخلي والخارجي للكيان الصهيوني، وكذلك تعهد ببناء غزة.

البعد الأوضح في كلمة ترمب أن «إسرائيل» في موقف عالمي هزيل، وما الكلمة الأخيرة لنتنياهو في الأمم المتحدة، التي شهدت عزوفًا عالميًا كبيرًا، إلا دليل على البؤس والشقاء السياسي الخارجي الذي وصلت إليه «إسرائيل»؛ ما دفع ترمب لتحذيرهم بشكل علني وصريح!

إن اتفاق وقف إطلاق النار بشرم الشيخ بجمهورية مصر دليل قاطع على الانتصار الفلسطيني، وأن الاتفاق نوقش، وسيوقع مع «حماس» التي أشاد بها ترمب، يوم السبت الماضي، بقوله: «قادة «حماس» مفاوضون جيدون وأقوياء جداً وأذكياء»، وهذا قمّة الاعتراف الأمريكي والصهيوني بشرعية المقاومة التي أكدت أنها لن تتخلى عن شعبها وأرضها.

بشائر النصر

المناخ السياسي القائم الآن مليء ببشائر النصر والتحرير، وهذا الانسحاب الصهيوني بعد عامين من القتل والتخريب ما هو إلا اعتراف رسمي بالهزيمة.

صحيح أن فاتورة «طوفان الأقصى» كانت ثقيلة وتقترب من 70 ألف شهيد، وأكثر من 179 ألف جريح، وما يقرب من مليوني نازح، وأكثر من 19 ألف معتقل، وفقًا للجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء، وكذلك وفاة أكثر من 455 فلسطينيًا نتيجة الجوع وسوء التغذية، بحسب صحة غزة في الأول من أكتوبر 2025م، فإن القضايا المصيرية لا يمكن أن تتحقق بالمجان أو دون تضحيات.

هذا الطوفان والتسونامي الفلسطيني سيكون له تبعاته الداخلية والخارجية وسيؤثر، كما هو الآن، على مفاهيم النضال العالمي، وموازين العلاقات الدولية، وفي مصير الدولة الفلسطينية التي صارت اليوم قاب قوسين أو أدنى من الاعتراف الأمريكي وعموم دول العالم!

وقد أظهر الطوفان الفلسطيني المواقف الرسمية والشعبية وجعلها إما مع المقاومة، أو مع الحالة المترددة، أو مع «إسرائيل»، وبذلك غابت المنطقة الرمادية التي يمكن الاختباء فيها.

جرد حسابات

ورغم الهزيمة الواضحة، يُردد الإعلام الصهيوني بأنه حقق أهداف عمليته العسكرية بينما بعض الأقلام الصحفية الصهيونية قالتها بصريح العبارة، ومنهم الكاتب بن كسبيت، الذي ذكر بمقال في صحيفة «معاريف» العبرية، في 10 أكتوبر الحالي: سنقوم بجرد الحسابات لاحقًا، لقد جردنا بعضها بالفعل، عندما اتضح، للأسف، أن الحرب انتهت وأن «حماس» لا تزال قائمة.

فيما قال عاموس هرئيل بصحيفة «هاآرتس» العبرية، في ذات اليوم: سيحاول نتنياهو الآن تصوير نهاية الحرب على أنها نجاح، لكن من المستحيل تجاهل الفجوة الهائلة بين ما حدّده لناخبيه وما حدث بالفعل، لا يوجد نصر كامل على «حماس» هنا، وهو بعيد كل البُعد عن السحق الذي وعد به المتحدثون باسم الحكومة طوال الحرب.

وهكذا، فقد انتصرت غزة، وانتصرت فلسطين وانتصرت «طوفان الأقصى»، وانتصرت المقاومة، وانتصرت القضية، وانتصر الشهداء، وهزم العملاء والخونة والجبناء والشعارات الصهيونية المزيفة.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة