هاني وسارة.. طفولة بُترت أطرافها وأحلامها!

لن يتمكن هاني
من الزحف، فضلاً عن المشي أو الركض، وستظل كرة القدم التي يركلها الأطفال حلماً
بعيد المنال، رغم أنه لم يتجاوز شهره الخامس، إلا أنه في نظر الاحتلال مجرّد هدف
أمني ضمن بنك أهدافه.
يرى الاحتلال في
كل طفل فلسطيني، حتى وإن كان رضيعاً، مشروع مقاومة مستقبلياً، ومصيره إما الإبادة
أو البتر، لا لبتر أحلامه فحسب، بل لبتر أطرافه، كما حدث مع عدد كبير من الأطفال
الذين فقدوا ساقاً أو ساقين.
شاهد
رغم صغره
هاني، بعمره
الصغير جداً، كان شاهداً على واحدة من أبشع المجازر، حينما كان في حضن والدته، أصابت
الصواريخ منزله، كانت أكبر من جسده الهش، فبُترت ساقه من منطقة الحوض، في إصابة
نادرة تزيد من تعقيد علاجه واستحالة تعويضها بساق اصطناعية.
احتاج هاني إلى
علاج عاجل خارج غزة، لكن الحصار الخانق، والمعابر المغلقة بإحكام لا تعرف الرحمة،
حرمته من ذلك، فأبواب غزة المقفلة لا تسمح حتى بمرور الحياة، فكيف تسمح بمرور
العلاج لطفل مبتور الطرف في شهوره الأولى؟!
أبسط
حقوقه مفقودة
لم يكن هاني
بحاجة إلى علاج فقط، بل إلى أبسط حقوقه كرضيع؛ حليب الأطفال الذي أصبح نادراً في
غزة، وإن توفر، فبسعر أغلى من الذهب، حتى الحفاظات، تجاوزت أسعارها في بعض الأحيان
المائة دولار!
هاني، رغم صغر
سنه، يخوض معركة بقاء شرسة، في وجه الخوف، والنزوح، والحرمان، والجوع.
قتلوا
حلم سارة
هاني ليس وحده
في هذا الجحيم، سارة أيضاً، الطفلة التي كانت تحلم أن تصبح طبيبة، وتنادي نفسها بـ«الدكتورة
سارة» منذ مقاعد الدراسة.
لكن الصواريخ «الإسرائيلية»
باغتت حلمها، فبترت ليس ذراعها اليمنى فقط، بل اليسرى أيضاً، وفقدت أجزاء كبيرة من
جسدها الغضّ، فلم تحرم من حلم الطب فقط، بل حُرمت من القدرة على الإمساك بقلم، أو
حتى ملعقة طعام.
رغم أن عمرها لم
يتجاوز عدد أصابع اليد التي فقدتها كلها، حاولت سارة أن تستخدم قدميها لمساعدتها
في تناول بعض اللقيمات تسند بها معدتها الخاوية في مجاعةٍ حرمتها حتى من رغيف
الخبز.
أين
حقوق الأطفال؟
هاني، وسارة،
هما جرح من جراح غزة، وصورة من صور القهر التي لا تنتهي، ومع كل صرخة ألم في أجساد
الأطفال المبتورة، لا يتوقف السؤال: من يعيد لهم ما فقدوه؟ من يعيد لهم أطرافهم..
طفولتهم.. أحلامهم؟!
أين هي المؤسسات
الدولية التي تتغنى بحقوق الأطفال؟! أين شعاراتها عن الحرية والحماية والرعاية؟!
لا يعقل أنها لم
ترَ أو تسمع شيئًا من مجازر استمرت أكثر من 21 شهراً، نُفذت بحق أطفالٍ حُرموا من
أبسط حقوقهم؛ الأمن، والخبز، والماء، والعلاج، والمأوى.