هيئة الدفاع عن الزواري: جهات سياسية متورطة في تسهيل إفلات الجناة من العقاب

سيف باكير

15 ديسمبر 2018

38

كشف رئيس هيئة الدفاع عن قضية الشهيد محمد الزواري، عبدالرؤوف العيادي، أنّ وزارة الداخلية والنيابة العمومية تعمدتا التغطية على ملف التجسس الأجنبي في تونس التي تورّط فيها الكيان الصهيوني، واتهم العيادي، يوم الخميس 13 ديسمبر 2018، وزارة الداخلية بـ"التقاعس والمناورة" في هذا الملف لوجود أطراف سياسية ودبلوماسية يمكن أن تحرج أسماؤها وزارة الداخلية.

وأكّد العيادي لـ"المجتمع" تورّط جهة سياسية في إعطاء التعليمات للمدير العام للأمن الوطني بإطلاق سراح الصحفي الصهيوني المتورط في التآمر على أمن الدولة في قضية الزواري، وأنه تم تفكيك ملف الاغتيال من أجل التغطية على تورّط هذه الأطراف، مشيراً إلى وجود نقاط استفهام كبيرة بخصوص إطلاق سراح بعض الموقوفين في القضية.

استعراض قدرات العدو  

وقال العيادي: هناك جهد جبار قامت به الوحدات الأمنية، لكن هناك جهة وراء عدم توجيه الاتهام لجهاز الاستخبارات الصهيوني (الموساد)، وكان بعض التصريحات كما لو كانت لاستعراض قدرات العدو الذي يقف وراء الجريمة الشنعاء، وكانت هيئة الدفاع عن الشهيد المهندس محمد الزواري، قد وجهت يوم الخميس، في ندوة صحفية عقدت بمناسبة ذكرى استشهاد الزواري ورداً على ندوة الداخلية التونسية، أصابع الاتهام صراحة إلى جهاز الاستخبارات الصهيوني (الموساد) تخطيطاً وإعداداً وتنفيذاً لعملية الاغتيال يوم 15 ديسمبر 2016م منتقدة تقصير وزارة الداخلية في التعاطي مع الجانب المتعلق بالتجسس والتخابر التي أحاطت بعملية الاغتيال.

تجريد الملف من جريمة التجسس

وقال رئيس هيئة الدفاع عبدالرؤوف العيادي: إن التهمة المضمنة في ملف القضية هي التعامل مع دولة أجنبية، وإن الكيان الصهيوني متورط في العملية، مبيناً أن الملف تم تفكيكه إلى ملفين، ولم يحظ الأول باستقصاء حقيقي، خلافاً للملف الثاني المتعلق بالجانب الأمني الذي كشفت فيه الوحدات المختصة بوزارة الداخلية عن عدة تفاصيل تتعلق بعملية الاغتيال.

وأوضح أن الملف الأول يتضمن التجسس والأطراف المرتبطة ببعض السياسيين والدبلوماسيين تم التقاعس بشأنه، وتم تعمد طمس جانب التجسس والتخابر على أمن الدولة، ملاحظاً أن المدير العام للأمن الوطني حضر جانباً من الندوة الصحفية التي عقدتها وزارة الداخلية يوم الثلاثاء 11 ديسمبر 2018م ثم انسحب لأنه المسؤول عن تسريح الصحفي الصهيوني مواض الذي صدر بشأنه إذن بالتفتيش يوم 20 ديسمبر 2016م بعد أن ضبط يصوّر وزارة الداخلية التونسية، وتم قبل إطلاق بتعليمات سياسية.

واتهم العيادي جهة سياسية لم يسمها بإعطاء التعليمات لإطلاق سراح الصحفي الصهيوني مواض، في الوقت الذي قدم فيه المدير العام للأمن الوطني آنذاك عبدالرحمن حاج علي استقالته يوم 14 ديسمبر2016م، وهو ما يعني وجود فراغ في الخطة، وفق تقديره، معتبراً أن موقف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي كان سياسياً.

نفي مع وجود القرائن

واستغرب العيادي من عدم قيام وزارة الداخلية بتوجيه التهمة خلال الندوة الصحفية إلى الكيان الصهيوني بالتورط مباشرة في جريمة اغتيال الشهيد محمد الزواري، والحال أن كل القرائن والأدلة تظهر تورط جهاز "الموساد" في العملية، مبرراً صمت الوزارة كذلك بأسباب سياسية، واتهم جهة سياسية متنفذة في تونس بالتعتيم على الملف، رافضاً الكشف عنها باعتبار أن ذلك من اختصاص القضاء وحده، داعياً القضاء إلى التحرك لتعرية الجهة السياسية المعنية، والمعلومة.

سلاح الجريمة

كما تساءل العيادي عن لغز السلاح الذي اغتيل به الزواري، وعن طريقة إدخاله إلى البلاد خاصة مع جهل وزارة الداخلية بالمسألة، معتبراً أن عملية الاغتيال تتصل بقضية أمن المواطن التونسي، باعتباره معرضاً في أي وقت إلى التصفية الجسدية، وأن هيئة الدفاع بحاجة إلى هيئة وطنية لمساندة قضية اغتيال محمد الزواري.

كوهين ليست بريئة

وتطرق العيادي إلى صاحبة وكالة أسفار في تل أبيب، إيريس كوهين، المتزوجة من سارج كوهين، (يهودي من أصول تونسية)، التي كانت تعاملت مع تونسي يدعى عماد، سهل عملية تنقل الصحفي الإسرائيلي مواض، إلى صفاقس لمعاينة ساحة الجريمة وإجراء التحقيق الصحفي أمام مسكن الشهيد، ملاحظاً أن الأبحاث في هذا الجانب لم تكن جدية، وذكر بأن عماد نقل الصحفي الجاسوس، بسيارته لإبعاد أي شبهة وبما يوفر الحماية له، وهو نفس الشخص الذي أعادة إلى المطار بسيارته، مستغرباً اعتماد فرضية أن ذلك كان من أجل المال وحسب، وقد تم إطلاق سراح الصحفي الصهيوني وقضيته أمام المحكمة، ثم حرر فيه بطاقة تفتيش بعد إطلاق سراحه، وهو ما يثير السخرية.

تواطؤ مع الإرهاب الدولي

وكشف العيادي عن وجود علاقات بين وزيرة السياحة السابقة آمال كربول، وكوهين، نسج خيوطها مسؤول يهودي في الحكومة التونسية، وعلّق قائلاً: "الموساد" ينسج علاقات مع الوسط السياسي المتعفن، ومشيراً إلى أن كوهين زارت تونس في عام 2018، معززة مكرمة بعد أن أقيم على شرفها حفل في نزل أفريكا حضره 22 فرداً، ولم يتم تسجيل اسمها في قائمة المقيمين في النزل المذكور، وأشار إلى أن المدعو عماد، والسفير الفرنسي بتونس راقصا كوهين، وفق شريط مصوّر يؤكد ذلك، وصنف عملية اغتيال الزواري في خانة الإرهاب الدولي، لتتجاوز بذلك إرهاب الجماعات والأفراد، معتبراً أنه لم يقع تهيئة الجهات المعنية للتصدي لهذا النوع من الإرهاب، واقترح مراجعة التشريع التونسي في مجال الإرهاب بإدراج الإرهاب الدولي، من أجل تأمين البلاد من مثل هذا الصنف من الإرهاب، بعد أن أصبحت تونس مستباحة من عدة أجهزة استخبارات أجنبية.

تقصير رسمي

من جانبه، عبر عضو هيئة الدفاع بشر الشابي عن استغرابه من صمت الدولة التونسية عن عملية الاغتيال وعدم تحريك أجهزتها للضغط دولياً لدعم الملف، وانتقد عدم إسناد الدولة التونسية الجنسية إلى أرملة الشهيد (جنسيتها سورية) كاعتراف بقيمة الشهيد الذي يمكن تصنيفه في خانة العلماء نظراً لأهمية بحوثه القيمة.

أما عضو هيئة الدفاع علي منصور، فقد أعرب عن استغرابه من عدم وجود أي موقوف سياسي في ملف القضية، مشيراً إلى أن الملف لم يتقدم في بعديه الأمني والقضائي، ولا يزال يراوح مكانه لأنه تم إهمال المسارات الحقيقية وذهب إلى مسارات لا يمكن أن توصل إلى أي نتيجة ملموسة، مؤكداً أن الكيان الصهيوني يواصل تنفيذ عمليات الاغتيالات في تونس وسط صمت مريب للسلطات.

يذكر أن وزارة الداخلية قدمت خلال ندوة صحفية، يوم الثلاثاء الماضي، تفاصيل عملية اغتيال محمد الزواري التي وقعت يوم 15 ديسمبر 2016، كاشفة عن هوية الأطراف الفاعلة في العملية والمنفذين المباشرين لها وهما من جنسية بوسنية (ألفير تساراتش، وآلان تشامجيتش)، اللذين دخلا إلى تونس يوم 8 ديسمبر 2016 عبر ميناء حلق الوادي، وغادرا من خلاله بعد تنفيذ الجريمة.

كما أفاد الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السلطي، بأنه تم إصدار بطاقات جلب في حق المنفذين، إلا أن السلطات البوسنية رفضت تسليمهما، ووقع رفع إنابات دولية سنة 2017 لكل من البوسنة والسويد وبلجيكا وتركيا وكوبا ولبنان ومصر، مضيفاً أنه لا يمكن إثبات أن جهاز الاستخبارات الصهيوني (الموساد) يقف وراء عملية الاغتيال ما لم يتم التحقيق مع المنفذين.

يشار في هذا الخصوص إلى أن حركة  المقاومة الإسلامية (حماس) كانت قد أعلنت عقب عملية الاغتيال عن انتماء المهندس محمد الزواري للحركة ولجناحها العسكري، واتهمت جهاز "الموساد" باغتياله.

الرابط المختصر :

كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة