وصية الشهيد صالح الجعفراوي.. المقاومة مستمرة ورسائل ما بعد وقف إطلاق النار
                    «ظلكم مع المقاومة.. عزّتنا في المقاومة»،
كلماتٌ لخصت وصية الصحفي الشهيد صالح الجعفراوي الذي ارتقى بعد الإعلان عن انتهاء
الحرب في غزة، خلال اشتباكات بين عملاء الاحتلال ورجال المقاومة الفلسطينية.
لقد حمل استشهاد الجعفراوي رسالة بليغة
لكل من ساند المقاومة ووقف مع حق الشعب الفلسطيني، وكذلك لأولئك الذين انتقدوها
بدعوى تجنّب التدمير وحقن الدماء، وفي ظل الأحداث المتسارعة، تبقى تلك الرسالة
شاهدة على أن المعركة لم تنتهِ، وأن الكلمة الصادقة قد تُستهدف كما يُستهدف
السلاح.
رسائل استشهاد الجعفراوي
يمكن تلخيص الرسائل التي يحملها هذا
الحدث المؤلم لكل من يدعم القضية الفلسطينية؛ محليًا وعربيًا وإسلاميًا ودوليًا،
فيما يلي:
1- وقف إطلاق النار لا يعني نهاية العدوان:
انتهاء المعارك لا يعني توقف الاحتلال عن
ممارساته القمعية، فقد استُهدف الجعفراوي وغيره بعد وقف إطلاق النار، ما يشير إلى
أن الخطر لا يزول بانتهاء العمليات العسكرية، بل يتخذ أشكالًا أخرى، من بينها
ملاحقة الأصوات الحرة واستهداف المقاوم والمدني وأهل الإعلام والصحافة أيضاً.
2- التوثيق الصحفي جزء من المقاومة:
استشهاد الجعفراوي ومئات الصحفيين
والإعلاميين من قبله، يُبرز أن الكلمة والصورة هما امتداد للميدان، فالصحافة
المهنية الحرة التي تنقل الحقيقة من قلب المعركة، تُعدّ هدفًا لقوى الاحتلال
وأعوانها، لما تمثّله من فضح للجرائم وكشف للانتهاكات، ومن هنا تبرز أهمية التغطية
الصحفية لجميع الخروقات والتأخير والعراقيل التي يُمكن أن توضع في وجه إعادة
الإعمار واستمرار الاتفاق.
3- تصريحات الاحتلال تفضح نواياه:
يمثِّل إعلان وزير الدفاع «الإسرائيلي»
أنَّ جيش الاحتلال يستعد لمواصلة العمليات العسكرية وتدمير الأنفاق بعد تسلّم
الأسرى، خرقًا واضحًا للاتفاقات، هذا يؤكد مسؤولية الاحتلال عن استمرار التصعيد
وسفك الدماء؛ وهو ما يضعف السردية التي تحمّل المقاومة مسؤولية الاعتداءات التي
يتوعَّد الاحتلال باستمرارها حتى بعد استعادة الأسرى الصهاينة في غزة.
رسائل إلى منتقدي المقاومة والداعمين للاحتلال
1- الاحتلال أصل المأساة:
معاناة الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع
غزة، لم تبدأ يوم 7 أكتوبر، بل منذ نكبة عام 1948م، حين أُجبر مئات الآلاف على ترك
ديارهم تحت وطأة المجازر والاحتلال، فما زال هذا الاحتلال يمارس القتل والحصار
والتجويع بحق سكان القطاع، حتى في فترات التهدئة.
2- من يتحمّل المسؤولية فعليًا؟
بينما تبدي بعض الأطراف قلقها على أرواح
المدنيين، فإن الواقع يُظهر أن من يواصل الاستهداف قبل الاتفاقات وبعدها هم أطراف
محسوبة على الاحتلال، فهل يتحوّل هذا «الحرص» إلى مواقف سياسية حازمة تجاه
المعتدي، أم يظل ذريعة لمهاجمة من يدافعون عن أرضهم؟
3- القرآن يرد على المثبطين:
يقول الله تعالى: (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ
وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ
الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران: 168)؛ الآية الكريمة تفضح من
يتحدثون بلسان اللَّوم والتثبيط دون أن يقدموا حلاً فعليًا يوقف العدوان أو يحمي
الأرواح، ولا يملكون الجرأة على حماية أنفسهم وإخوانهم من العرب والمسلمين.
4- العدالة لا تسقط بالتقادم:
إن نهاية الحرب لا تعني نهاية المساءلة
والسعي وراء السلام قبل متابعة الجهود القانونية الدولية، التي بدأتها جنوب أفريقيا
في محكمة العدل الدولية، لمحاسبة الاحتلال على الجرائم المرتكبة، والسعي إلى
استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
الإعلام الحر جبهة متقدمة
إنَّ استشهاد الصحفي صالح الجعفراوي بعد
إعلان وقف إطلاق النار يؤكد أن النضال الفلسطيني لا يقتصر على الجبهة العسكرية، بل
يمتد إلى كل من يحمل الكلمة بصدق وجرأة، وفي ظل غياب الردع الدولي، يبقى الإعلام
الحر والموقف الشعبي العربي والإسلامي جبهة متقدمة لمساندة هذا الشعب المظلوم،
والتأكيد أن قضيته لا تموت، ما دام هناك من ينقلها، ويدافع عنها، ويؤمن بها.