يوم العزّاب العالمي يدق ناقوس الخطر في الخليج

في 11 نوفمبر من كل عام، يحتفل العالم بـ«يوم العزّاب العالمي» (#يوم_العزاب_العالمي)، وتتفاعل الدول الخليجية معه كإشارة نحو ظاهرة اجتماعية متنامية وهي تأخّر سن الزواج وعزوف الشباب عنه.

أردنا مبكراً عبر صفحات «المجتمع» أن ندق ناقوس الخطر، مستندين إلى أرقام ترسم صورة أكثر وضوحًا عن أزمة تهدّد النسيج الأسري، وتعيد طرح السؤال: كيف نمنع هذا «الترند» من أن يصبح مظلّة للكل.. فرديّات بلا جذور أسرية؟

ففي البحرين، نحو 37.5% من الرجال لم يتزوجوا، و31.9% من النساء، بين من هم فوق سن الزواج، وبالإمارات أكثر من نصف النساء المتزوجات في عام 2005م كن أقل من 20 عامًا، في حين أن النسبة تناقصت إلى 15% فقط بحلول عام 2022م؛ ما يدل على تأخير واضح في سن الزواج.

ومجلس التعاون الخليجي بوجه عام نسبة المواطنين الذين لم يتزوجوا فيه بلغت تقريبًا 39.2%، الذكور منهم 44.5%، والإناث إلى 34%.

الخلاصة من تلك الأرقام الصادمة أنها تؤشر على واقع حقيقي، وليس مجرد انطباع، فحواه: هناك فتيان وفتيات في عمر الزواج لا يدخلون مؤسسة الأسرة، بسبب عوامل متعددة مترابطة.

ما السبب؟

في البحث عن أسباب تلك الظاهرة، يرى خبراء أن عدة أمور تضافرت لإنتاج تلك الحالة، ربما كان بعضها سببا للآخر أو نتيجة له، لكنها في النهاية مجتمعة أدت لشيوع الأمر حتى صارت أقرب للظاهرة.

البعض تحدث عن غلاء المهور ونفقات الزفاف، حتى صارت عنده عقدة حياته، ترى أحدهم يقول: «المهر أرهقني ماليًا، لكن العزوبية أرهقتني نفسيًا أكثر»، وهي أصوات تعكس ازدواجية في الواقع؛ عقل شبابي يتمنى الزواج، لكن يُعرقل بواقع اقتصادي واجتماعي.

ففي الإمارات، نجد أن 80% من القروض الشخصية للأعراس تُستهلك في المصاريف؛ ما يضطر البعض لإلغاء أو تأجيل الزواج، أو اللجوء إلى الزواج المختلط بدافع تقليل التكلفة.

كذلك، فإن الدراسات في دول الخليج أكّدت أن الارتفاع في مستويات التعليم، والتشغيل الحضري، وتغير الأولويات الاجتماعية، تقف وراء تزايد معدلات التأخر في الزواج وهو ركن أساسي في التحول الديموغرافي.

أيضاً يرى الخبراء أن مصطلحات مثل «الخوف من الزواج» و«المسؤولية أكبر من طاقتي» انتشرت بين الشباب في استطلاعات رأي؛ ما يعكس عنصرًا نفسيًا واجتماعيًا يتجاوز الاقتصاد.

غياب البُعد القيمي

وهذا الغياب نتاج لحالة التغييب التي مورست بشكل أو بآخر على عقول الشباب تجاه كل ما هو إسلامي، في التعليم والإعلام.. وغيرها.

ففي الإسلام الزواج ليس خيارًا شخصيًا فقط، وإنما أصل تربوي واجتماعي، بل جعله النبي صلى الله عليه وسلم نصف الدين؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البيهقي وحسنه عن أنس، قال: «إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الباقي».

حلول عملية

من توصيات الخبراء، وتجارب الدول، يمكن التنبيه على عدد من الحلول العملية التي تستطيع الإسهام في ضبط البوصلة وإعادتها إلى وضعها الأصوب، ومنها:

1- المبادرات الحكومية، حيث قامت الإمارات على سبيل المثال بتوسيع «صندوق الزواج» بطريقة تنظم الزواج التقليدي وغير المكلف، واتفقت على إجازة زواج مدفوعة الأجر لمنع الهروب الاجتماعي.

وفي الكويت والسعودية أيضًا تم إطلاق جمعيات «تيسير الزواج» لتخفيض التكلفة وتقديم دعم مادي وليس معنوياً فقط.

2- التوعية والتثقيف الاجتماعي، وذلك عن طريق تدشين حملات على وسائل التواصل توجه الدعوة للزواج «على قدر الاستطاعة»، وتحارب المباهاة في التكلفة، وتسعى لتغيير المعايير الاجتماعية للمهر والمظهر.

3- تدخلات حكومية قائمة على مناهج علمية، بمعنى ضرورة وجود دراسات معمقة تربط مثلاً معدلات الزواج بالتمويل والعمر المهني.

وصُنّاع القرار بحاجة لمعرفة أن تأخّر الزواج يعني شيخوخة سكانية مبكرة في الخليج، وهو تحذير واضح من دراسات الخليج التي تربط بين الخصوبة و«HDI» والتحضر وتأخر الزواج.

وفي النهاية، هل نترك شبابنا أسرى للفردانية الحديثة، أم نعيد بناء جسر الثقة بينهم وبين مؤسسة الزواج؟ ولا بد أن ترتكز الإجابة على معايير حقيقية، وخطوات عملية.

بمعنى أن هذه الأرقام الصادمة تجعل اليوم ليس يوماً للشعارات، وإنما وقت للجاد من الإجراءات من عينة: الدعم المادي، والتغيير الثقافي، وتحويل الزواج من عبء إلى بناء ثقة واستقرار، يأخذ بنات وأبناء الخليج إلى مستقبل أفضل.


اقرأ أيضاً:

جيل خليجي يختار العزوف عن الزواج!

الشباب والجنس.. المغريات وارتفاع تكاليف الزواج

12 خطوة لتعزيز الوعي بأهمية الزواج ودعم الشباب للارتباط بنجاح

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة