3 حيل للفرار من الزكاة أبطلها الإسلام

محرر الإسلام والحياة

26 يناير 2025

13881

فرض الإسلام الزكاة على الكبير والصغير، والرجل والمرأة، والعاقل والمجنون، والمقيم والمسافر، لكن بعض الطامعين في المال يحرصون على حجبه عن الفقراء، ومنع الزكاة فيه، من خلال بعض الحيل التي يزعمون أنها قد تسقط عنهم الزكاة، وقد أبطل الإسلام كل حيلة يقوم بها هؤلاء الطامعون، من خلال التشريع الحكيم والتطبيق السليم. 

وفيما يأتي بيان بعض الحيل، وسبل مواجهتها:

1- إعطاء المال للولد الصغير قبل الحول أو نقل ملكيته لمجنون تحت ولايته:

معلوم أن المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، وإن بعض المحتالين يحاولون الفرار من أداء الزكاة من خلال إعطاء المال الذي بلغ النصاب للولد، زاعماً أن ذلك يسقط عنه الزكاة؛ لأنه غير مكلّف، وكذلك يقوم بعض المحتالين بنقل ملكية المال إلى مجنون يقوم هو برعايته، حتى يضمن عدم إخراج الزكاة، استناداً إلى عدم وجوب الزكاة على المجانين.

وقد أبطل الإسلام هذه الحيلة، حيث ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون، لعموم الحديث الذي رواه البخاري، ومسلم، في صحيحيهما، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم»، ولم يستثن الحديث صبياً أو مجنوناً، وإنما حدد كل غني، وأوجب في ماله الزكاة. 

كما أن الزكاة تجب في الأموال لا في نوعية الأشخاص، ويضاف إلى ذلك أن المقصود من الزكاة سد الحاجة وتطهير المال، ومالهما قابل لأداء الواجبات، ولأن الصلاة التي لا تجب على الصبي والمجنون إنما هي حق يجب لله على العباد فيما بينهم وبينه، بينما الزكاة شيء جعله الله حقاً من حقوق الفقراء في أموال الأغنياء، وهي أيضاً حق الله تعالى في مال العبد، فهي واجبة على الصغير والمجنون، ويؤديها عنهما الولي(1).

2- تفريق الأموال أو تجميعها بغرض الهرب من أداء الزكاة أو التقليل من مقدارها: 

يحتال بعض الناس في أموال الزكاة حتى لا يخرجوها بحيلة تفريق الأموال أو تجميعها، والقاعدة أن نصاب زكاة الغنم مثلاً يبدأ من 40 شاة، فإذا امتلك المسلم 40 شاة حتى 120 فعليه الزكاة بمقدار شاة واحدة، وإذا كانت أكثر من 120 إلى 200 شاة؛ ففيها شاتان، وصورة الحيلة في هذه المسألة تتلخص في أن يكون 3 من الناس، لكل واحد منهم 40 شاة، وجبت فيها الزكاة، فيجمعونها حتى لا تجب عليهم كلهم فيها إلا شاة واحدة؛ لأن العدد حينئذ يكون 120، وهو الحد الأعلى لعدد الشياه التي يخرجون فيها شاة واحدة. 

والغرض من الجمع هنا هو ألا يخرج كل واحد منهم منفرداً شاة على الأربعين، وبالتالي تكون النتيجة هي الزكاة بـ3 شياه، أما إذا جمعت فتكون الزكاة شاة واحدة. 

والصورة الثانية من الحيل في هذه المسألة أن يكون للخليطين (الشريكين) 200 شاة وشاتان، فيكون عليهما فيها 3 شياه فيفرقونها حتى لا يكون على كل واحد إلا شاة واحدة.

وقد أبطل الإسلام ذلك، حيث منع النبي صلى الله عليه وسلم الجمع أو التفريق في المال بغرض الهروب من الزكاة، حيث أخرج البخاري في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ خَشْيةَ الصَّدقة»، قال ابن حجر: واستدل به على إبطال الحيل في إسقاط الزكاة(2).

وفي هذا تأكيد أنه لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر منع الصدقة، ولا إخراجها من ملكه إلى ملك جماعة غيره، ليفرقها بذلك؛ فتبطل الصدقة عنها بأن يصير لكل واحد منهم من الإبل والبقر والغنم ما لا يجب فيه الصدقة، ولا يحتال في إبطال الصدقة بوجه ولا سبب(3).

3- الإسراف في اقتناء حلي النساء فراراً من الزكاة: 

من المعلوم أنه لا زكاة في الحلي المباح المتخذ لزينة النساء -من غير إسراف– ويرجع عدم الوجوب فيه إلى كونه مالاً غير نام، وأنه معد للزينة لا التجارة، أما ما كان فيه إسراف ظاهر من حلي النساء، فتجاوز المعتاد لمثل هذه المرأة في بيئتها أو عصرها أو ثروة أمتها؛ فتجب فيه الزكاة؛ لأن الظاهر هنا هو اتخاذ الحلي عوضاً عن النقود، أو فرارًا من الزكاة، وتهربًا من أدائها، ولذلك فإن الزكاة لا تسقط عن الحلي حينئذ(4).

وفي هذا تأكيد على أن شراء الحلي واستخدامه بقصد التهرب من الزكاة لا يعفي فاعل ذلك من الذنب والإثم، بل إن اشتراط وجوب الزكاة على كل مسلم حر، يجعل من ضمير المسلم وإيمانه مانعاً من اتخاذ الحيل، وقاطعاً كل الطرق على من يريد الفرار من أداء الزكاة أو التقليل من مقدارها.

 

 

 

 

________________________

(1) الزكاة: د. نعمت عبداللطيف مشهور، ص 29-30. وانظر: الأموال: أبو عُبيد القاسم بن سلاّم، ص 554.   

(2) فتح الباري: ابن حجر العسقلاني (3/ 314-315).

(3) المغني: ابن قدامة (3/ 42). الزكاة: د. نعمت عبداللطيف مشهور، ص 47.

(4) الخراج: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم ، ص 93.


كلمات دلاليه

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة