4 ثمار تجعلك ملازماً للحمد
الحمد من
العبادات الجليلة التي تظهر اعتراف العبد بنِعَم الله سبحانه وتعالى عليه، وهو
دعاء أهل الجنة، قال تعالى: (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ) (يونس: 10)، وبه بدأ الله كتابه الكريم فقال: (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة: 2)، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الذِّكر: لا إلهَ إلا
الله، وأفضلُ الدعاءِ: الحمدُ لله».
وورد ذكر الحمد
في مواضع كثيرة في القرآن الكريم والسُّنة النبوية، وهذا إن دل فإنما يدل على
مكانة الحمد العظيمة في الإسلام، وبيان ما يترتب عليه من ثمرات دنيوية وأخروية،
فهو ليس مجرّد كلمات تقال عند الفرح، بل عبادة قلبية عظيمة لها ثمار عجيبة يعجز
كثير من الناس عن تخيلها، أو توقع الخير الناتج عنها.
فكم من صدرٍ
انشرح بالحمد! وكم من همٍّ زال بالحمد! وكم من باب خير فُتح بالحمد! وكم من خاطر
جبر بالحمد! وكم من دعوة استجيبت بالحمد! وإن من لطف الله بعباده أن جعل الحمد من
أسهل العبادات وأيسرها على اللسان، وأعظمها في الأجر والميزان.
1-
الحمد يزيد النعم:
إن من أولى
ثمرات الحمد أنه يزيد النعم، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم: 7)، زيادة مطلقة؛ في المال، والولد، والصحة، والسعادة،
والطمأنينة، والسكينة، والرضا، زيادة وبركة في كل شيء بسبب الحمد.
فالإنسان قدر
يرى النعمة الصغيرة، أو الرزق قليل، فيحمد الله عليه، فيُرزق بفضل هذا الحمد ما لا
يخطر له على بال؛ لأن الحمد فيه اعتراف بفضل الله تعالى، واعتراف العبد الفقير
بفضل الله الغني دعوة صادقة لجود أكبر، وكرم أعظم.
2-
الحمد أقصر الطرق لرضا الله:
قال تعالى: (وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) (الزمر: 7)، فالله تعالى يرضى شكر من شكره، وحمد من حمده، وإذا رضي
الله تعالى عن شكر العبد وحمده له، فذلك دليل على قبول هذا العبد عند ربّه تعالى،
ورفعة منزلته، وحبه له.
وإذا أحب الله
عبدًا كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي
يمشي بها، وإن سأله أعطاه، وإن استعان به أعانه.
ومن علامات رضا
الله أن يُلهم العبد شكره، فإن مَن شَكَر فقد استجلب رضا الله تعالى، ومَن رضي
الله عنه، فلا خوف عليه ولا حزن.
3-
الحمد ينجّي صاحبه من عذاب الله:
إن العبد المؤمن
يتمتع بحياة دون أن يغفل عن هدفه الأسمى من هذه الحياة، ويعلم أنه سيقف بين يدي
الله حتمًا، فدائمًا ما يكون منشغلًا برضا الله تعالى، خائفًا من عذابه، فالله
طمأن هؤلاء قائلًا: (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن
شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ) (النساء: 147)، وكأن الله تعالى يأمر عباده بالمداومة على الحمد
والشكر، فمن داوم عليه أمّنه الله تعالى من العذاب، ومن أمّنه الله من عذابه أدخله
الجنة.
4-
الحمد يملأ الميزان:
الحمد ينجي
صاحبه من العذاب، ومن ثماره أيضًا أنه يملأ ميزان العبد يوم القيامة، فعن أبي مالك
الحارث بن عاصم الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحمدُ لله تملأُ
الميزان»، فعلى الرغم من أنها كلمة قصيرة سهلة، فإن أجرها عظيم يفوق الخيال
والتصور، فهي تملأ ميزان صاحبها بالحسنات يوم القيامة، وهذا إن دل فإنما يدل على
عِظم هذه الكلمة عند الله، ولو لم يكن في الحمد إلا هذا الفضل لكفى به شرفًا.
فمن أراد أن
يثقل ميزانه بلا جهد ولا مال، فعليه أن يكثر الحمد، أن يقول بقلب حاضر ولسان شاكر:
«الحمد لله»، فلنحرص على هذه الكلمة ونرددها بصدق ويقين، فهي منجاة في الدنيا،
وثقل في الآخرة، وعلامة رضا ومحبة من الله سبحانه وتعالى لعبده.