5 تداعيات خطيرة لنزع سلح المقاومة في غزة

في خضم الجهود السياسية المبذولة لوقف العدوان «الإسرائيلي» المستمر على قطاع غزة، برز مقترح قدمه الوسيط المصري لحركة «حماس» يتضمن وقف الحرب مقابل الدخول في ترتيبات تنتهي بنزع سلاح المقاومة.

ورغم ما يحمله هذا الطرح من وعود بتهدئة شاملة وإعادة الإعمار، فإنه يطال أحد المرتكزات الإستراتيجية التي شكّلت على مدار سنوات عنصر التوازن الوحيد في معادلة الصراع مع الاحتلال.

فسلاح المقاومة في غزة لم يكن مجرد أداة عسكرية، بل كان ركيزة ردع حالت دون إعادة احتلال القطاع أو التوغل فيه بحرية، وفرض معادلات ميدانية أربكت حسابات «تل أبيب» مرارًا.

من هنا، فإن أي خطوة نحو نزع هذا السلاح –سواء بالقوة أو عبر اتفاق سياسي– لا يمكن عزلها عن السياق الأشمل للمشروع الصهيوني في فلسطين، ولا عن أهداف الاحتلال الإستراتيجية في غزة والضفة على حد سواء.

وفيما يلي عرض لأبرز الآثار المترتبة على مثل هذا الإجراء:

1- انهيار منظومة الردع أمام الاحتلال:

لسنوات، راكمت المقاومة الفلسطينية في غزة قدرات عسكرية صاروخية وأمنية شكلت عامل ردع حقيقي أمام جيش الاحتلال، فكل محاولة للعدوان على غزة كانت تُقابل برد مباشر يُربك الحسابات الأمنية والسياسية في «تل أبيب».

نزع هذا السلاح يعني ببساطة سقوط عنصر الردع الوحيد الذي تملكه المقاومة، وعودة الاحتلال إلى التصرف بحرية مطلقة تجاه غزة، سواء عبر الاجتياحات العسكرية أو الاغتيالات الميدانية، ومع غياب السلاح، تُصبح أي مقاومة مدنية أو شعبية عاجزة عن التصدي لهذه الانتهاكات؛ ما يؤدي إلى فتح مرحلة جديدة من الهيمنة الصهيونية المباشرة أو غير المباشرة على القطاع.

2- تمكين الاحتلال من إعادة هندسة غزة سياسيًا وأمنيًا:

عبر نزع السلاح، يسعى الاحتلال إلى إعادة تشكيل المشهد الداخلي في غزة بما يتناسب مع مصالحه، فبغياب قوة المقاومة يمكن للكيان الصهيوني الدفع نحو صيغة حكم تُخضع القطاع لإدارة محلية خاضعة للتنسيق الأمني، أو إشراف إقليمي ودولي؛ بهدف ضبط السكان دون أي تهديد أمني.

وبهذا تُحَوَّل غزة من بيئة مقاومة إلى منطقة عازلة منزوعة القوة، قابلة للضبط السياسي والأمني عبر أدوات ناعمة، مثل الدعم الإنساني المشروط أو إعادة الإعمار مقابل التهدئة الدائمة.

3- انقسام داخلي فلسطيني أعمق وفقدان التوازن الوطني:

أي عملية نزع للسلاح دون توافق وطني شامل تعني تفجير صراعات داخلية، إذ ستُتهم الأطراف التي تقبل بهذه الخطوة بأنها تخلّت عن خيار المقاومة مقابل مكاسب سياسية أو اقتصادية مؤقتة.

كما أن غياب المقاومة في غزة، مع بقاء الضفة الغربية تحت سلطة التنسيق الأمني، يؤدي إلى نهاية المشروع الوطني المقاوم، لصالح مشروع «الدولة تحت الاحتلال»، وهو ما يُفقد الشعب الفلسطيني ثقته بقياداته، ويُعمّق الانقسام الجغرافي والسياسي والنفسي بين الضفة وغزة.

4- تحويل القضية الفلسطينية إلى ملف إنساني بحت:

يُعتبر سلاح المقاومة أحد الرموز الباقية على الطابع التحرري للقضية الفلسطينية، ونزع هذا السلاح يعني تجريد القضية من مضمونها السياسي والنضالي، وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية تتعلق بالخدمات والمعابر والمياه والكهرباء.

وبذلك يتم تهميش القضايا الكبرى –مثل تحرير القدس، وحق العودة، وإنهاء الاحتلال– وتُستبدل بها مكاسب حياتية مشروطة، تُقدم كبديل عن التحرير مقابل السكوت عن المقاومة.

5- خسارة غزة لمكانتها الرمزية كقلعة صمود عربي وإسلامي:

على مدار السنوات الماضية، تحولت غزة إلى أيقونة للصمود والكرامة في الوجدان العربي والإسلامي، بفضل صمودها في وجه العدوان، وقدرتها على فرض معادلات الردع رغم الحصار.

نزع سلاحها سيقضي على هذه الرمزية، ويفتح المجال لسردية صهيونية جديدة تُروّج لأن ما فشل فيه العسكر يمكن تحقيقه بالضغط الاقتصادي والدولي.

ومع الوقت، سيتلاشى الحضور المعنوي لغزة في الضمير الجمعي العربي، ويحل محله خطابات الواقعية والسلام الاقتصادي؛ ما يُحدث تآكلًا في المفاهيم الكبرى مثل التحرير والمقاومة.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة