«كمين بيت حانون».. ضربة مركبة توجهها «القسام» لجيش الاحتلال شمال غزة

سيف باكير

08 يوليو 2025

122

في عملية نوعية مُحكمة، وجهت «كتائب القسام» ضربة موجعة ومركّبة لقوات الاحتلال «الإسرائيلي» شمال قطاع غزة، في بلدة بيت حانون، التي ادعت «إسرائيل» مرارًا السيطرة عليها.

وأسفرت العملية عن مقتل 5 جنود صهاينة وإصابة 14 آخرين، اثنان منهم في حالة حرجة، بحسب بيان رسمي صادر عن جيش الاحتلال.

العملية، التي نفّذتها المقاومة الفلسطينية عبر تفجير عبوتين ناسفتين تبعهما كمين ناري، هزّت الجبهة الداخلية «الإسرائيلية»، ودفعت الإعلام العبري إلى وصف الحدث بالكارثة الكبرى شمال القطاع، في تكرار لعمليات مُحكمة تنفذها المقاومة ضمن إستراتيجية استنزاف واسعة.

تصدّرت العملية عناوين وسائل الإعلام العبرية، التي تحدثت عن كارثة بيت حانون بوصفها واحدة من أشد العمليات التي ضربت الجيش في قطاع غزة خلال المرحلة الحالية من الحرب.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الحادث يُعد الأخطر منذ كارثة بوما في خان يونس قبل أسبوعين، التي قُتل فيها 7 جنود، وقبلها كارثة رفح في يونيو، حين أُبيدت وحدة مدرعة بصاروخ مضاد للدروع.

أما صحيفة «معاريف»، فنقلت عن محللها العسكري آفي أشكنازي قوله: إن «حماس» أثبتت أنها تراقب تحركات الجيش وتدرس سلوكياته بدقة، وتعرف متى وأين تضرب، مشيرًا إلى أن المقاومة تمكنت من زرع عبوات ناسفة في منطقة ظنّ الجيش أنها خالية بعد عمليات التمهيد الجوية.

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن الكارثة وقعت في منطقة بيت حانون، وهي منطقة سبق لقوات جيش الدفاع «الإسرائيلي» أن نفذت فيها عمليات.

تفاصيل العملية

بحسب الرواية العبرية، فإن الحدث بدأ حوالي الساعة العاشرة مساء الإثنين 7 يوليو الجاري، عندما كانت قوة راجلة من كتيبة نيتسح يهودا تمرّ في منطقة بيت حانون، وهي منطقة قال جيش الاحتلال: إنه نفذ فيها ضربات جوية مكثفة خلال الأسابيع الأخيرة في إطار عمليات تهيئة لما قبل الاجتياح البري.

ورغم هذه التهيئة، زرعت «كتائب القسام» عبوتين ناسفتين على الطريق ذاته، انفجرتا بدقة بالغة عند مرور القوة؛ ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى فورًا.

لكن المشهد لم يتوقف عند التفجير، إذ سرعان ما وقعت القوة تحت نيران كمين ثانٍ أثناء محاولات الإخلاء، حيث فتح مسلحون من المقاومة النار على جنود الإنقاذ، ما زاد عدد الضحايا، وأجبر الاحتلال على استدعاء تعزيزات طبية وقتالية لتأمين الانسحاب.

«إذاعة جيش الاحتلال» وصفت المشهد بأنه معقّد وطويل وصعب، مشيرة إلى أن أنماط التفجير المزدوج يرافقه كمين

 ناري أصبحت تتكرر من قبل «كتائب القسام»، في تكرار لما حدث قبل أيام في خان يونس، حين قُتل 7 جنود من لواء الهندسة بنفس الأسلوب.

كتيبة «بيتسح يهودا»

كشف جيش الاحتلال أسماء القتلى الخمسة، وهم: الرقيب مائير شمعون عمار (20 عامًا، من القدس)، الرقيب موشيه نسيم باريش (20 عامًا، من القدس)، اللواء احتياط بنيامين أسولين (28 عامًا، من حيفا)، الرقيب نعوم أهرون (20 عامًا، من القدس)، الرقيب موشيه شموئيل نول (21 عامًا، من بيت شيمش).

أربعة من القتلى ينتمون إلى كتيبة «بيتسح يهودا»، التي تحمل الرقم (97) في «لواء كفير»، تعرف أيضًا باسم «ناحال حريدي»، وهي كتيبة مشكّلة خصيصًا لاستيعاب الجنود المنتمين إلى التيار الديني اليهودي الأرثوذكسي المتشدد.

وتضم الكتيبة عناصر وقيادات ذات خلفيات أيديولوجية متطرفة، وقد أثارت جدلًا واسعًا في الداخل «الإسرائيلي»، سواء بسبب سلوكها الميداني العنيف في الضفة الغربية، أو بسبب الحوادث المتكررة التي تورّطت فيها في عمليات تنكيل وقتل ضد المدنيين الفلسطينيين؛ ما جعلها محل انتقاد داخلي ودولي متصاعد.

رغم ذلك، فإنها تحظى بدعم قوي من قيادات دينية وسياسية يمينية، وتُستخدم كأداة لدمج التيار الحريدي في الجيش، ضمن مسعى لتوسيع الشرعية الدينية للمؤسسة العسكرية في أوساط المجتمع اليهودي المتشدد.

ردود فعل غاضبة ومفجوعة.. هرتسوغ والحاخامات يعلقون

الحادث أثار حالة من الذعر داخل المجتمع «الإسرائيلي»، خاصة بعد التأكد من أن القتلى ينتمون إلى كتيبة دينية متطرفة.

الرئيس «الإسرائيلي» إسحاق هرتسوغ قال، في بيان رسمي: النبأ المؤلم بسقوط خمسة جنود، معظمهم من كتيبة «بيتسح يهودا» الأرثوذكسية المتشددة، هو فاجعة مروّعة.

أما الحاخام يهوشوا بيبر، رئيس جمعية نيتسح يهودا، فقال في تصريح إذاعي: ما حدث هذه الليلة هو الأشد في تاريخ الكتيبة، هؤلاء شباب متدينون اختاروا الخدمة في الجيش رغم تحفظات المجتمع المتدين. ما جرى يمزق القلب.


أبو عبيدة لجنود الاحتلال: جنائزكم ستُصبح حدثاً يومياً

وعقب عملية بيت حانون، نشرت «القسام» عبر قناتها على «تلجرام» منشوراً مذيلاً بتوقيع الناطق باسم الكتائب أبو عبيدة يوم 25 يونيو الماضي تقول فيه: سندكّ هيبة جيشكم.

وأضافت: جنائز وجثث جنود العدو ستصبح حدثاً دائماً ومستمراً بإذن الله طالما استمر عدوان الاحتلال وحربه المجرمة ضد شعبنا.

وأضاف أن معركة الاستنزاف التي يخوضها مقاتلونا مع العدو من شمال القطاع إلى جنوبه ستكبّده كل يومٍ خسائر إضافية، ولئن نجح مؤخراً في تخليص جنوده من الجحيم بأعجوبة؛ فلربما يفشل في ذلك لاحقاً ليصبح في قبضتنا أسرى إضافيون.

وأشار إلى أن صمود شعبنا وبسالة مقاوميه الشجعان هما حصراً من يصنعان المعادلات ويرسمان معالم المرحلة القادمة، وإن القرار الأكثر غباءً الذي يمكن أن يتخذه نتنياهو سيكون الإبقاء على قواته داخل القطاع.

وتكشف عملية بيت حانون عن تصاعد الأداء الميداني والاستخباري للمقاومة الفلسطينية، وقدرتها على إرباك وحدات النخبة «الإسرائيلية» عبر عمليات مركّبة تجمع بين التفجير والكمائن، في مناطق يفترض أنها آمنة وفقاً لتقديرات الاحتلال.

ومع وصول عدد قتلى جيش الاحتلال إلى 888 جنديًا منذ بداية الحرب، بينهم 446 في العمليات البرية، تبدو صورة التفوّق «الإسرائيلي» التي روّج لها الإعلام الصهيوني تتآكل يومًا بعد يوم، أمام مشهد ميداني تعيد المقاومة فيه رسم خطوط الاشتباك من جديد.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة