الإباحية والأسرة

محرر المنوعات

04 أكتوبر 2025

72

في الوقت الذي أولى فيه الإسلام اهتمامًا كبيرة بالأسرة، وحرم كل ما من شأنه المساس بها كونها النواة الأولى للمجتمع، نجد التيارات الغربية لا تمل ولا تكف عن مواصلة زعزعة هذا البنيان، فتضربه من كل فج وفي أي ناحية.

وإن الإباحية من أخطر أنواع الأسلحة التي تهاجمنا بها هذه التيارات لتفسد شبابنا، وتشتت شملنا، وتمحو هويتنا، وتجعل عقولنا منقادة لهذه المفسدة المضلة لأي جهد، المضيعة لكل عمل.

وفي هذه السطور سنسلط الضوء على الإباحية والأسرة والآثار المترتبة عليها.

الإباحية والأسرة.. تدمير العلاقات

إن مشاهدة الأفلام الإباحية يدمر العلاقات الأسرية، حيث إن الابن المدمن لهذا النوع من الأفلام دائمًا ما يفضل العزلة، ويبتعد عن الجلسات والتجمعات العائلية، إضافة إلى الصراع الدائم الذي يعيش فيه بين ما يتلقاه من أفراد أسرته من قيم ومعايير ومبادئ وأخلاق، وما يراه ويستهلكه من محتوى إباحي لا يتماشى مع هذه المعايير؛ الأمر الذي يؤدي إلى العصبية والشعور الدائم بالذنب، ومن ثم الابتعاد عن الأسرة شيئًا فشيئاً للهروب من هذا التناقض.

الإباحية والأسرة.. انحراف أخلاقي وسلوكي

حينما تدخل الإباحية الأسرة، يضعف التأثير التربوي للوالدين على الابن، لأنه يكتفي بعالمه الخاص من الإباحية، فيكتسب منه قيماً ومبادئ لا تمت إلى الإسلام بصلة، والغريب أن التيارات الغربية انتبهت لهذا الأمر، فجعلت تزرع في نفوس الشباب العربي والمسلم ما يخالف القواعد والأصول الشرعية -بعيدًا عن حرمة الإباحية في حد ذاتها– فأصبحوا يروّجون لزنا المحارم، حتى بات معظم مدمني الأفلام الإباحية يتحرشون بأفراد أسرهم سعيًا لتقليد ما يشاهدونه، الأمر الذي أدى إلى تجارب غير شرعية هددت سمعتهم وسمعة أسرهم.

الإباحية والأسرة.. مقبرة الحياة الزوجية

إن الأثر السلبي للإباحية لا يقف عند الشباب في مرحلة المراهقة فحسب، بل يمتد إلى ما بعد الزواج؛ ذلك لأن الشباب المدمنين يدخلون مرحلة الزواج بتصورات خيالية عن العلاقة الحميمية، هذه التخيلات تجعلهم يصطدمون بالواقع، الأمر الذي يؤدي إلى الشعور بالإحباط وعدم الرضا.

كما أثبت الخبراء أن اعتياد الشباب على الإثارة المصطنعة يضعف قدرتهم على الاستمتاع بالعلاقة الزوجية الطيبة، ويجعل الشريك غير كافٍ في أعينهم، وسرعان ما ينكشف الأمر أمام أعين الزوجة ليولد لديها إحساس بالخيانة، الأمر الذي يؤدي إلى العديد من التوترات والصدامات الكبرى داخل الحياة الزوجية لتنتهي غالبًا بالانفصال.

الإباحية والأسرة.. ما يورثه الأبناء

إن استمرار إدمان الأفلام الإباحية يجعل الشاب يقارن بين شريك حياته وما يشاهده في الأفلام، فيولد داخله الجزع مهما حاول شريكه أن يرضيه لا يرضى، ويرى أن هناك أحسن من ذلك، الأمر الذي ينم عن عدم تقدير الشريك، ويورث عدم التفاهم بين الزوجين، ويصيب العلاقة بالتوتر والتآكل، هذا التوتر تنعكس نتائجه بشكل مباشر على الأبناء؛ لأن الجميع تحت سقف واحد، فنرى دائرة الصراعات والانهيارات الأسرية تنتج نفسها مرة أخرى.

من هنا، يتبين أن العلاقة بين الإباحية والأسرة كالعلاقة بين الداء والجسد، فما سكنت الإباحية بيتًا إلا هددته، وزعزعت استقراره، وجعلته على شفا حفرة من التيه والضياع؛ لذا، فإن مواجهة هذه الظاهرة مسؤولية مشتركة بين الأسرة، والمؤسسات التربوية، والمجتمع بأسره، حفاظًا على تماسك الأسرة واستقرارها.




_________________

1- غاري ويلسون، دماغك تحت تأثير الإباحية: أضرار المرئيات الجنسية على الإنترنت في ضوء علم الإدمان الحديث، 2014.

2- إسماعيل عرفة، الإباحية الجنسية حان وقت سداد الفاتورة، 2022.

 https://www.mdpi.com/2673-7051/1/2/9?utm_source=chatgpt.com

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة