كلمةُ عتابٍ وهمسةُ حبٍّ، نحاول بها تذكير الناس بأخلاق ديننا الإسلاميِّ الحنيف؛ ذلك لأن الأخلاق أعظم ما جاءت به الرسالة المحمدية، بل وسائر الرسل على مرِّ الدهور والعصور، هذا المنهاج الأخلاقي الذي أرسى دعائمَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ورآه الناس وعايشوه، مؤمنُهم وكافرهم، طائعهم وعاصِيهم، عربهم وعجمهم، أبيضهم وأسودهم، هذا المنهاج الذي ساوى بين الناس جميعًا، فلا تفرقة إلا بالتقوى، ولا فضل إلا بالعمل الصالح.
إن المنهاج الأخلاقيَّ تحدَّث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر به: (إنما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارم الأخلاق)؛ (رواه البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني)، وفي رواية أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: (إنما بُعثت لأتمِّم صالح الأخلاق).
هذه الأخلاق التي إن غابَتْ عن مجتمع فإن كل رذيلة تحلُّ فيه، وتصبح علاقات الناس بعضهم ببعض على أساس من المادة لا غير!
إذا الأخلاقُ قد ولَّى ذَوُوها ♦♦♦ فقُلْ يا موتُ مُرَّ بنا سريعَا
إن المنهاج الأخلاقي المحمديَّ دخل بسببِه الإسلامَ أكثرُ من ثلاثة أرباع مَن دخلوا الإسلام؛ لأنهم كانوا يتعاملون فقط مِن منطلق هذه الأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، فكانتِ الفتوحات تلو الفتوحات، وانتشر الإسلام سريعًا لا بحدِّ السيف كما يشاع، ولكن بهذه الأخلاق، والمسلمون في دول جنوب شرق آسيا يشهد تاريخُهم على ذلك؛ حيث كانت أخلاق التجَّار المسلمين السببَ الرئيس في قَبول هؤلاء الناس لهذا الدين الذي لم يعهدوا آدابه، التي رأوها وعايشوها في أتباعه والمنتسبين إليه.
فالإسلام يحثُّ أتباعه على إعلاء قِيَم العفو والصفح واللِّين، حتى ولو تعرَّضوا لإساءةٍ أو جهل فيما بينهم، فهم أذلَّة على المؤمنين، أعزَّة على الكافرين، أشدَّاء على الكفار، رحماء بينهم، والشدة على الكفار لا تكون إلا في حال البغي والعدوان، وفي غير ذلك فأخلاقُهم حسنةٌ مع الناس جميعًا، قال الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83].
إن المسلم لَيأسف حينما يقول: إن أناسًا مِن الغرب الذي لا يَدين أغلبُه بالإسلام – قد يلتزم بعضَ أخلاق الإسلام دون أن يعتنقه، فتجد أكثرهم يُتقِنون عملهم، يَحرِصون على أوقاتهم، يعملون على رفعةِ شأن بلدانهم، أما نحن المسلمين، فالهُدَيانِ بين أيدينا؛ الكتاب والسُّنة، ورغم ذلك تسوء أخلاقنا، ونتعادى، ونتصارع، ونتقاتل، ونهمل، ونفرط، ونخلف الوعد، و…!
لا بد أن تكون لنا وقفة مع أنفسنا، نراجع أخلاقنا في ضوء قول ربِّنا لنا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
تاللهِ ما نجدُ الحياةَ سعيدةً إِلَّا ببَعْثِ مكارمِ الأخلاقِ
والناسُ إن فسَدَتْ خلائِقُهم فَقَدْ فَسَدَتْ حياتُهمُ على الإطلاقِ
المصدر: موقع “الألوكة”