تتصاعد انتقادات في الولايات المتحدة الأمريكية لقرار الرئيس دونالد ترمب، الأربعاء الماضي، اختيار حاكم ولاية كنساس سام براونباك لتولي منصب سفير شؤون الحريات الدينية في وحدة ملحقة بوزارة الخارجية، تسمّى مكتب الحريات الدينية الدولية.
المنتقدون لهذا الاختيار يتهمون براونباك (60 عاماً)، وهو سيناتور جمهوري سابق (1996 – 2011م)، بمعاداة المسلمين واللاجئين، بل والفشل في إدارة كنساس، التي يحكمها منذ عام 2010م، ولا يحق له الترشح لفترة ثالثة.
ومنصب سفير الحريات الدينية متعارف عليه في الخارجية الأمريكية منذ عام 1999م، بعد أن أسس الرئيس الأسبق بيل كلينتون مكتب الحريات الدينية الدولية على خلفية إقرار قانون الحرية الدينية الدولية عام 1998م، الذي دعمه براونباك بقوة آنذاك.
ولكي يتولي براونباك منصب سفير شؤون الحريات الدينية لا بد من موافقة مجلس الشيوخ الذي يتمتع فيه الجمهوريون بالأغلبية.
ومنذ حملته للانتخابات الرئاسية يواجه ترمب اتهامات داخل أمريكا وخارجها بمعاداة المسلمين والأجانب واللاجئين.
وفي بيان إعلان اختيارها براونباك، قالت إدارة ترمب، الأربعاء الماضي: إن هذا النوع من الحريات (الدينية) يمثل أولوية لدى الإدارة، وهو شعار دعمه براونباك عندما غرّد في اليوم نفسه على تويتر قائلاً: إن “الحرية الدينية أولى الحريات، ويشرفني أن أخدم مثل هذه القضية المهمة”.
وتتركز مهمة مكتب الحريات الدينية الدولية – وفق الخارجية الأمريكية – على رصد الاضطهاد والتمييز الدينيين في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى التوصية بتنفيذ السياسات في المناطق أو البلدان المعنية، ووضع برامج لتعزيز الحرية الدينية.
ومنذ عام 2015م أولى المكتب اهتماماً كبيراً بالقضايا المرتبطة بعدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، منها أفغانستان وباكستان والسودان، وسط اتهامات للولايات المتحدة باستخدام الحريات الدينية ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهو ما تنفي واشنطن صحته.
معاد للمسلمين
وقال مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، في بيان الجمعة الماضي مستنكراً: إن لديه تاريخاً من التشريعات المعادية للمسلمين في كنساس لا تنسجم مع أهداف مكتب الحريات الدينية الدولية.
ورأى مدير الشؤون الحكومية في المنظمة روبرت ماكاو أنه يتعين على محاكم كنساس في ظل الظروف العادية استبعاد براونباك من مكتب الحريات الدينية الدولية.
وتابع ماكاو: في ظل إدارة ترمب فقط يمكن تعيين شخص يعارض الحقوق الدستورية لحماية الحرية الدينية الدولية.
وقالت “كير”: إن براونباك وقع عام 2012م مشروع قانون يحظر على محاكم كنساس العودة إلى “قواعد وقوانين أجنبية” عند إصدار الأحكام والقرارات، وهذا التشريع هو أساس عدم اللجوء إلى الشريعة الإسلامية في الولاية عند النظر في قضايا المسلمين ذات الصلة بثوابت الدين الإسلامي.
وبسبب سياسات براونباك، أصبحت كنساس عام 2016م أول ولاية أمريكية تنسحب من نظام إعادة التوطين الاتحادي للاجئين لـ”أسباب أمنية”.
وحينذاك، قال مكتب براونباك: إن قرار الانسحاب جاء على خلفية عدم تزويد إدارة الرئيس باراك أوباما المسؤولين في الولاية بوثائق عن أعمال تدقيق تخص اللاجئين الذين سيعاد توطينهم من سورية في كنساس.
موقف براونباك رأته “كير” سبباً في عدم استقبال كنساس لعدد كبير من اللاجئين المسلمين القادمين من سورية تحديداً.
وبينما يتبنى براونباك موقفاً يحد من الحريات الدينية للمسلمين في كنساس، أمضى ثماني سنوات في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ يندد بـ”الفظائع” المرتكبة بحق المسيحيين في السودان.
وقام براونباك برعاية قانون السلام والمحاسبة في إقليم دارفور 2005م، وهو القانون الذي قاد إلى تصنيف واشنطن لما حدث في دارفور بأنه “إبادة جماعية”.
في المقابل، ترى المستشارة القانونية في الرابطة الكاثوليكية الأمريكية أندريا بيتشوتي باير أن براونباك يعد نصيراً قوياً للحرية الدينية الدولية لما يمتلكه من مؤهلات والتزام أظهره أثناء عمله في لجنة العلاقات الخارجية.
في حين أظهرت نتائج استطلاع نشرتها شركة “مورينينغ كانسلت” للأبحاث أن براونباك هو ثاني أقل السياسيين شعبية في الولايات المتحدة.