يرى خبراء إيرانيون أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن سيرفع العقوبات المفروضة على طهران منتصف العام الجاري، وهو أمر إذا ما جرى لن يدعم فريق الإصلاحيين في الفوز بالانتخابات الرئاسية في البلاد.
وفي 8 مايو 2018، أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المُوقع بين إيران والدول الكبرى في مارس 2015.
ومنذ ذلك الحين، فرض ترمب عقوبات ترمي إلى خنق الاقتصاد الإيراني والحد من نفوذ طهران الإقليمي، وهم ما شكّل ضغوطًا كبيرة على الإيرانيين، وتسبب في تدهور الاقتصاد إلى مستويات متدنيّة، بينما فاقم تفشي وباء كورونا، العام الماضي، من انهيار الأوضاع.
ونهاية سبتمبر الماضي، وقع ترمب، مرسومًا يجيز فرض “عقوبات اقتصادية شديدة بحق أي بلد أو شركة أو فرد يساهم في تقديم وبيع ونقل أسلحة تقليدية إلى إيران”.
لكن الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، ألمح إلى إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي، وأكد مطلع ديسمبر الماضي أن واشنطن -وبالتشاور مع حلفائها وشركائها- ستشارك في مفاوضات وستتابع الاتفاقيات التي من شأنها تشديد وإطالة القيود النووية على إيران، وكذلك معالجة برنامجها الصاروخي.
الإضرار بروحاني
وتحدث خبير السياسة الداخلية والاقتصاد نويد جمشيدي عن التأثيرات المتوقعة لرفع العقوبات الأمريكية على الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراؤها في 18 يونيو القادم.
وقال جمشيدي: إن العقوبات المشددة على إيران أضرت كثيرًا باقتصادها، والأولوية تتمثل في رفعها ليتنفس الاقتصاد الصعداء، رغم أن أطرافًا في إيران لها منافعها الشخصية والحزبية لا تريد رفع العقوبات.
ووصف جمشيدي تلك الأطراف بـ”تجار العقوبات”، وقال إنها تحقق أرباحًا كبيرة وتجني ملايين الدولارات؛ مستغلة تأثير العقوبات المفروضة من ارتفاع سعر الصرف، وتضخم أسعار السلع الغذائية، وكساد قطاع البنوك، وتهريب النفط الخام، وغيرها.
وتابع قائلا: إن المعارضين للرئيس الإيراني حسن روحاني لا يرغبون في نجاح الحكومة في ملف رفع العقوبات، بل ينتقدونها بشدة لقبولها العودة دون قيد أو شرط إلى تنفيذ جميع التزاماتها النووية المعلقة، في حال رفعت الإدارة الأمريكية الجديدة العقوبات عنها.
وأوضح أن التطورات الأخيرة في البرلمان الإيراني برئاسة محمد باقر قاليباف، والمتمثلة في الهجوم المستمر على الحكومة لانتهاجها المسار التفاوضي في رفع العقوبات؛ تسعى إلى توجيه ضربة شديدة للرئيس روحاني في خسارة الانتخابات، وإبعاده عن السلطة.
وقال: “مهمة المجلس حاليًّا هي إضعاف روحاني والفريق المعاون له وفتح الطريق أمام أصدقاء المجلس من المحافظين وفريق العسكر والحرس الثوري، للوصول إلى الحكم”.
تأجيل رفع العقوبات
ولفت جمشيدي، وهو خبير اقتصادي، إلى أن إدارة الرئيس روحاني تحاول إظهار أن العقوبات لا تأثير لها على الاقتصاد الإيراني، ولكنها تعمل خلف الكواليس لإنهاء الحصار المفروض ورفع العقوبات بشكل عاجل.
وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قال في وقت سابق إنه في حال “أوفت الولايات المتحدة بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، فنحن أيضًا سنفي بالتزاماتنا المترتبة بموجب الاتفاق النووي. ليست هناك حاجة للمفاوضات أو أي شروط لذلك (لإنهاء العقوبات)”.
لكن جمشيدي أشار إلى أنه يجب الانتظار حتى يبدأ التفاوض مع فريق بايدن.
وقال: إن من يديرون إيران فعليًّا، في إشارة إلى المحافظين والحرس الثوري الإيراني، يرغبون في تأجيل واشنطن رفع العقوبات إلى ما بعد الانتخابات الإيرانية، كي يحصد فريقهم الذي يتوقع أن يصل إلى سدة الرئاسة نتائج رفع العقوبات.
وأوضح أن هزيمة ترامب في الانتخابات أسعدت إدارة طهران، لكنهم لا يريدون أن يظهروا ذلك.
واستطرد: “القادة الإيرانيون ليسوا جادين في خطاباتهم الرسمية أمام الرأي العام الداخلي، ويخدعونه كي لا يخسروا مؤيديهم، فهم لا يريدون أن يبدوا وكأنهم يقدمون تنازلات، رغم كونهم مستعدين لتقديمها ولعب كل المؤامرات”.
تضاؤل حصص الإصلاحيين
ويرى الدبلوماسي، السفير السابق أفشار سليماني أن تقييم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن للوضع، واتخاذه قرارًا بشأن العقوبات سيستغرق شهرًا أو اثنين، في حين يتبقى ستة أشهر على الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وقال سليماني: إن إيران ستدخل في أجواء الانتخابات في مارس القادم، لكن البرلمان يحاول الضغط على الحكومة من خلال القوانين التي يسنها.
وتابع: “لا أعتقد أن بايدن سيرفع العقوبات فوز تسلمه السلطة، وحتى ذلك لن يكون ذلك مفيدًا كثيرًا للإصلاحيين لأنه ليس أمامهم الكثير من الوقت، لذلك أرى احتمال حدوث تطورات لصالح الإصلاحيين احتمالًا ضعيفًا”.
ولفت سليماني إلى أن وباء كورونا والعقوبات الأمريكية سيكون لها تأثير كبير على الانتخابات الرئاسية في إيران، مشيرًا إلى أنه يرى فشل الإصلاحيين بالفوز في الانتخابات القادمة.
واستطرد: “في ظل هذا المناخ العام تصبح حظوظ الإصلاحيين ضئيلة، ومن الناحية الأخرى يمتلك المحافظون القوة والإمكانات التي تمكنهم من تحريك ناخبيهم وضمان وصولهم لصناديق الاقتراع”.
وقال سليماني إن المباحثات بين طهران وواشنطن يمكن أن تتقدم سريعًا؛ باتخاذ خطوات متبادلة، وتشكيل مناخ الثقة بين الطرفين للتفاوض حول البرنامج النووي الإيراني والوجود الإيراني في سورية واليمن.
وأضاف: “إذا عاد بايدن إلى الاتفاقية دون أي ضغط على إيران يمكن حينها أن تتخذ طهران بعض الخطوات، ولكن إذا فرض شروطًا مسبقة بخصوص البرنامج الصاروخي وبعض الملفات الإقليمية فإن هذا الأمر سيطول جداً”.
وأضاف “إذا اتخذت واشنطن خطوات جدية ستتخذ طهران أيضاً خطوات مشابهة، ولكن على الولايات المتحدة أن تكون هي من يبدأ”.