بالتزامن مع الاحتفاء الرسمي والشعبي في مصر بـ”يوم اليتيم” الموافق الأول من أبريل، ما زالت الأسئلة تتلاحق حول الانتهاكات بدور رعاية الأيتام، التي كان آخرها واقعة إحالة رجل الأعمال الشهير محمد الأمين للمحاكمة على خلفية اتهامات ما زالت رهن التحقيق بارتكابه جريمتي الاتجار بالبشر وهتك عرض 7 فتيات قصرات داخل دار أيتام مملوكة له، في القضية المعروفة إعلامياً بـ”فتيات دار الأيتام”، فيما دعا الأزهر الشريف إلى حماية الأيتام ودعمهم.
انتهاكات متكررة
ووفق رصد مراسل “المجتمع”، فلم يكن رجل الأعمال محمد الأمين الذي نفى ومحاموه الاتهامات عنه جملة وتفصيلاً، وحده في قفص الاتهامات، بل الوقائع متكررة بشكل دفع وزارة التضامن الاجتماعي بمصر المسؤولة عن مراقبة الدور إلى إعلان المواجهة الحاسمة ضد الانتهاكات مؤخراً.
وتسببت الانتهاكات التي وقعت خلال دور الأيتام في السنوات الأخيرة في إغلاق أكثر من 25 دار أيتام، وحل مجلس إدارة وعزل نحو 4 مجالس إدارات أخرى، مع إزالة مؤسستين لتحولهما لبؤر إجرامية، وذلك على أقل تقدير، وفق الرصد.
وتسبب فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، العام الماضي، في إقالة مجلس إدارة جمعية “نهر الحياة”، بمدينة العاشر من رمضان، شرق العاصمة القاهرة مع اتخاذ الإجراءات القانونية، بعد ما ظهرت مسؤولة خلال الفيديو تتعدى بالضرب على إحدى الفتيات النزيلة بالدار.
وكشف مقطع فيديو متداول، في عام 2019، عن الاعتداء على أيتام داخل إحدى دور الأيتام بمنطقة روض الفرج في العاصمة القاهرة.
وفي العام نفس (2019)، تسبب انتشار فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول تعرض أطفال بإحدى دور الأيتام ببورسعيد لهتك عرض إلى خروج الوزارة عن صمتها والإعلان عن إجراء تحقيق في الواقعة، في وقت سابق للنشر، وإحالة المتورطين لجهات التحقيق في حينه.
وفي عام 2017، تداول مصريون فيديو لتعذيب جماعي وضرب مبرح داخل إحدى دور رعاية الأيتام في منطقة “مصر الجديدة” بالعاصمة القاهرة بسبب عدم تنظيف أماكن قضاء الحاجة!
وخلال عام 2015، أغلقت وزارة التضامن الاجتماعي 40 داراً للأيتام بسبب انتهاكات متنوعة.
وفي عام 2014، شهدت دور أيتام تدعى “مكة المكرمة” في محافظة الجيزة قرب العاصمة القاهرة تحقيقات موسعة بسبب مزاعم حول التعذيب انتهت إلى الإطاحة بمجلس الإدارة ومشرفين بالدار.
وفي العام نفس (2014)، قضت محكمة مصرية بسجن مدير دار أيتام 3 أعوام، للاعتداء بالضرب على 7 أطفال في رعايته وتعريض حياتهم للخطر.
وأقرت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، في تصريحات صحفية، مطلع مارس الماضي، بوجود تجاوزات في دور الرعاية.
وقالت، في حوار مع موقع “القاهرة 24” المقرب من السلطات: ملف دور الرعاية تحول إلى فوضى، الجميع يتحدث عنه والناس تتداول الأخبار ومصدر الخبر، نعم لدينا أخطاء ولكن ليست بالجديدة، وتسلمنا دور الأيتام بذلك الوضع، من أول يوم، قلتها بمنتهى الشفافية، ملف الرعاية ساخن وسنفتحه بكل جرأة.
وأضافت أن البدائل مطروحة، حيث تم تسهيل إجراءات الكفالة وتخصيص خط ساخن من أطفال دور الرعاية إلى متخرجي الدور؛ للإبلاغ عن المشكلات، مع الإعداد لمشروع قانون الرعاية البديلة، وإنشاء قاعدة بيانات لأطفال دور الأيتام في مصر، بجانب إنشاء لجنة المؤسسات الحرجة، والمختصة بحل مشكلات المؤسسات الحرجة، مع تخصيص 600 شقة لخريجي دور الرعاية، بعد إتمام سن 21 عاماً وفق القانون، ومخاطبة الأزهر لإعطاء دروس للأطفال حول الأخلاق والدين، ووزارة الدفاع لتدريب الأيتام رياضياً.
تقرب إلى الله
ودعا الأزهر الشريف، في بيان رسمي، أمس الجمعة، المصريين والمسلمين عامة إلى التقرب إلى الله عز وجل برعاية الأيتام والإحسان إليهم ودعمهم.
وقال، في بيانه الذي وصل مراسل “المجتمع”: حث الإسلام على الإحسان إلى اليتيم وكفالته، والحنو عليه، وجعل ثواب ذلك هو رفقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
وجدد الأزهر دعوته إلى ضرورة الاعتناء باليتامى، وإكرامهم، ورعايتهم، وحفظ حقوقهم، ودعمهم نفسيًّا، ومعاملتهم باللين والرفق، وزرع الطاقة الإيجابية فيهم، والاهتمام بهم على مدار العام، مع تضافر جهود الجميع لضرب المثل في التضامن والتكافل المجتمعي لليتامى؛ ليكونوا نماذج مضيئة تخدم أوطانهم ومجتمعاتهم.
وقال المركز العالمي للفتوى بالأزهر، في بيان آخر عن حدود كفالة اليتيم: كفالةُ الطفلِ الذي لا عائِلَ لَهُ مِنْ أجلِّ القُرُبات التي يفعلُها المُسلم؛ فقد حثَّت النصوصُ الشرعيةُ على الإحسانِ إلى الأطفال الذين فقدوا العائل والمعين.
وحدد المركز في بيانه الأحكام الشرعية المترتبة على كفالة اليتيم، ومنها أنه يجوزُ للكافل أن يهَبَ المكفولَ من مالِه حالَ حياتِه، وأن يُوصِي له بما لا يزيد على الثُلُث، ولكن لا يجوز أن يَرِثَ المكفول من كافلِه ولا من عائِلَتِه، كما لا يجوز أن يرثَ الكافلُ وأسرَته من مَكفولهم.
وحذر المركز من إعادة الطفل المكفول إلى مؤسسة الرعاية مرة أخرى لا ينبغي إلا اضطرارًا في أضيق الحدود، ولسبب حقيقي، لما في إعادة المكفول من آثار سلبية على صحته النفسية.
وفي سياق متصل، نظمت العديد من المؤسسات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني فعاليات للاحتفاء بـ”يوم اليتيم” وإدخال السرور عليهم، على مدار يومي الخميس والجمعة الماضيين، وفق ما تم رصده.
وبحسب إحصائيات غير رسمية، يبلغ عدد رواد دور رعاية الأيتام الحكومية والخاصة في مصر ما يزيد على مليون ونصف مليون طفل، لكن تذهب إحصائيات رسمية من وزارة التضامن الاجتماعي إلى أن عدد الأطفال والأبناء المستفيدين من الاستضافة بمؤسسات الرعاية الاجتماعية يبلغ 10 آلاف و800 يقيمون في 516 مؤسسة رعاية.