حصلت على الدكتوراة المهنية بعد التقاعد ووفاة نجليها، شغف قلبها للعلم جعلها ترسم لنفسها بحسن ظنها بالله تعالى حياة جديدة.
د. كريمة عنان، امرأة فلسطينية مُلهمة بحب العلم والصبر، شامخة كصمود غزة في وجه الانكسار.
صفة التميز الدراسي كانت تلتصق باسمها منذ طفولتها، فكان اسمها دائماً في لوحة الشرف للطلبة الأوائل في كافة مراحلها الدراسية.
ثم لم يغب عنها شكر اليد الحانية التي كانت تمسك بيدها بقوة بكل الظروف خاصة الصعبة منها التي كانت تحنو عليها وتشجعها وتصفق لها في كل إنجاز، كانت يد زوجها المُحب البروفيسور حيدر عنان الذي لقبته بالحديث عنه بـ”تاج رأسي”.
ترى كريمة أن كل مرحلة من العمر ممكن أن تكون بداية لشيء جديد، حينما عادت بعد سنوات لأرض الوطن وكانت في عمر 36 عاماً وجدت تشجيعاً من زوجها بالدراسة الجامعية، خاصة بعد أن تم افتتاح فرع لجامعة القدس المفتوحة في غزة، واختارت تخصص العلوم الذي توجت بالحصول على مرتبة امتياز في تخرجها فيه، ثم الماجستير والدكتوراة برغم كل ما كانت تمر به من ألم.
لم يكن نجاح كريمة عالمة أقل من نجاحها أمّاً، فقد ربت 4 أبناء بدرجة امتياز؛ ابنها الأكبر سليم أصيب بضمور العضلات فلم يكن منها إلا تحويل المحنة إلى منحة والليمون إلى شراب حلو المذاق فأصرت على مواصلته التعليم.
وعملت مع والده على تمهيد الطرق المقيد بها سليم لتكون مناسبة لكرسيه المتحرك، وما هي إلا سنوات قليلة وظهرت الأعراض نفسها على ابنهما الثاني أمير.
مرت اللحظات سنين، والأم الصابرة المثابرة لم تنفك عن التعلم وتعليم الغير.
توفي ابنها الأكبر سليم فوجهت جهودها لتطوير التعليم والقضاء على صعوبات التعلم عند ذوي القدرات الخاصة.
تدهورت الحالة الصحية لابنها الثاني أمير، واضطر إلى بقائه على جهاز التنفس الصناعي حتى وفاته، وكان ذلك قبل تخرجه بأيام في كلية العلوم التطبيقية بغزة قسم الوسائط المتعددة.
انتقل رئيس الجامعة والوفد المرافق له إلى منزل أمير للاحتفال بتخرجه.
يقولون: إن وراء كل عظيم امرأة.
وهذه القصة تؤكد أن وراء كل أسرة ناجحة رجلاً عظيماً يقود دفة الأسرة للنجاح، وامرأة مؤمنة تقدر هذه التضحيات، تماماً كما فعلت الدكتورة كريمة، فلم تكن تنادي زوجها إلا بـ”تاج رأسي”.