105 أعوام تمر اليوم على ذكرى “وعد بلفور” المشؤوم، الذي نتج عنه تشريد شعب بأكمله عن أرضه، في جريمة تاريخية ارتكبتها بريطانيا بحق الشعب الفلسطيني الذي ما زال يتجرع مرارة ما نتج عن هذا الوعد من قهر وتشريد ومعاناة إلى اليوم، وفي مقابل ذلك، يواصل الفلسطينيون صمودهم ومقاومتهم لهذا الوعد المشؤوم من خلال التمسك بحقوقهم المشروعة.
لمحة تاريخية
في 2 نوفمبر 1917، وجه وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر جيمس بلفور رسالة إلى اللورد اليهودي ليونيل وولتر دي روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية، بأمر من رئيس حكومته ديفيد لويد جورج، أكد فيها أن بريطانيا التي تحتل فلسطين آنذاك تحت مسمى الانتداب ستعمل على إقامة كيان صهيوني على أرض فلسطين التاريخية، في أول تصريح رسمي بريطاني عرض على الدول الاستعمارية آنذاك مثل فرنسا وإيطاليا ووافقت عليه، تبعتها الولايات المتحدة عام 1919، وكان ذلك بمثابة الولادة الفعلية للكيان الغاصب على أرض فلسطين، وتبعه تشجيع بريطانيا للحركة الصهيونية لتكثيف الهجرة اليهودية لفلسطين، وإقامة مستوطنات عليها، وصولاً للتنفيذ الفعلي لهذا الوعد عام 1948 حين اغتصبت العصابات الصهيونية بمساعدة بريطانيا فلسطين، وشردت شعباً من أرضه، حيث ارتكبت مئات المجازر، ودمرت أكثر من 550 مدينة وقرية فلسطينية، وترجم حلم الدول الاستعمارية بإقامة كيان صهيوني على أرض فلسطين لتفتيت الأمة العربية وزرع هذا السرطان في جسدها.
“حماس”: المقاومة الخيار الوحيد لإسقاط “وعد بلفور” لاستعادة الحق الفلسطيني
المقاومة طريق إسقاط الوعد المشؤوم
من جانبها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن ذكرى “وعد بلفور” يجب أن تشكل مناسبة وطنية للالتفاف حول خيار المقاومة لاسترجاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأظهر هذا الوعد تواطؤ الدول الاستعمارية مع الحركة الصهيونية بزرع كيان سرطاني في جسد الأمة العربية.
وأشارت “حماس” إلى أن تصاعد المقاومة ضد الاحتلال، ودليل ذلك عمليات المقاومة البطولية في الضفة المحتل، لهو خير دليل على استمرار الشعب الفلسطيني في طريق إسقاط “وعد بلفور” المشؤوم، وأنه لا يمكن أن تسقط الحقوق بالتقادم.
بدوره، أشار الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف، لـ”المجتمع”، إلى أن “وعد بلفور” استمرار للجريمة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، وما زالت آثارها مستمرة على مجمل القضية، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لم يسلم بها حتى الآن ويقاومها على مدى السنوات الماضية.
وتابع: بات خيار الشعب الفلسطيني الذي عاش سنوات طوالاً في الخداع والتضليل هو المقاومة بعد فشل كل مشاريع التصفية التي أريد أن تكون، ولكن الشعب الفلسطيني لم يسلم الراية، والمقاومة خياره الوحيد.
الجهاد الإسلامي: الانتفاضة المشتعلة في الضفة رسالة أن الحقوق لا تسقط بالتقادم
جريمة تاريخية
في السياق، شددت حركة الجهاد الإسلامي بمناسبة ذكرى “وعد بلفور” على ضرورة أن تكون هذه الذكرى الأليمة مناسبة وطنية لتجديد العهد بخيار المقاومة، ومغادرة مربع الارتهان لما يسمى بالمفاوضات التي أثبتت فشلها طيلة العقود الثلاثة الماضية، مؤكدة أن ما يحدث من انتفاضة مشتعلة في الضفة المحتلة هذه الأيام أثبت للجمع وفي مقدمتهم الصهاينة أن الشعب الفلسطيني يواصل الدفاع عن حقوقه بكل أشكال المقاومة، ولا طريق لاستعادة الحقوق إلا بسلاح المقاومة.
من جهته، أكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة لـ”المجتمع” أن حكومة بريطانيا ارتكبت خطأ تاريخياً وجريمة ضد الإنسانية من خلال منحها “وعد بلفور”، وهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق، مشيراً إلى أنه قد آن الأوان أن تعتذر للشعب الفلسطيني، وتدفع ثمن جريمتها من خلال ملاحقتها والاستمرار في رفع دعاوى قضائية ضدها.
وشدد على أن ذكرى الوعد المشؤوم لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا تمسكاً بحقوقه المشروعة؛ لأن الحقوق لا تسقط بالتقادم، والاحتلال إلى زوال طال الزمن أو قصر.
بدوره، أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبدالعاطي، لـ”المجتمع”، أن “وعد بلفور” تسبب في تهجير 750 ألف فلسطيني كانوا يقطنون 550 قرية عام 1948، وكل هذا تم بدعم كامل من بريطانيا التي أعلنت إنهاء الانتداب لفلسطين، في 14 مايو 1948، ليعلن الصهاينة في اليوم التالي إقامة كيانهم المحتل على أرض فلسطين في انتهاك سافر لكل القوانين والمواثيق الدولية.
وأشار إلى أن جريمة “وعد بلفور” مستمرة بحق الفلسطينيين من قتل وتهجير واستيطان وهدم للمنازل وتنكيل بالأسرى والحصار الخانق الجائر على قطاع غزة، مطالباً المجتمع الدولي بمساءلة الاحتلال على جرائمه وتطبيق القرارات الأممية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.