يعتبر العراق الدولة الأكثر خطورة على سلامة الصحفيين من بين دول العالم، حيث يحتل المرتبة 158 (من أصل 180 بلداً)، بحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته “مراسلون بلا حدود” العام الماضي (2016)، القوات الأمنية العراقية عاجزة تماماً عن الحفاظ على حياة الصحفيين والإعلاميين ووضع حد لعمليات الخطف والتصفية المنظمة التي ترتكبها العصابات المسلحة بحقهم.
وقد أشار مرصد الحريات الصحفية (JFO) الذي يعنى بشؤون الصحفيين العراقيين أن 299 صحفياً عراقياً قد قتلوا، وتعرض 79 منهم إلى الاختطاف أثناء تغطيتهم للأحداث والصراعات منذ عام 2003م، وما زلنا نتذكر ما جرى لمراسلة “القناة العربية” أطوار بهجت في فبراير عام 2006م على يد الإرهابيين الذين اختطفوها ثم قتلوها بصورة وحشية، وكذلك الأمر بالنسبة للمسرحي والإعلامي هادي المهدي الذي قاد مظاهرات ضد حكومة نوري المالكي عام 2011م مطالباً بالتغيير، وفيما هو يخطط ليوم احتجاجي جديد، اقتحمت المجاميع الإرهابية السرية بيته بالليل في وسط مدينة بغداد واغتالته، ونفس الحالة تكررت مع الصحفية أفراح شوقي، فقد داهم ملثمون مجهولون يرتدون زياً عسكرياً منزلها في ساعة متأخرة من مساء يوم 26 ديسمبر الماضي في منطقة السيدية غربي بغداد وسرقوا أموالها ومصوغاتها “لإضفاء الصفة الجنائية على جريمة الاختطاف”، ثم اقتادوها إلى جهة مجهولة، ولا أحد يعلم عنها أي شيء منذ ذلك الوقت، وقد تباينت الآراء حول الأسباب التي أدت إلى اختطافها بهذا الشكل، فمنهم من يرجع السبب إلى لقاء أجرته معها قناة “العراقية” الحكومية، وفيه وجهت انتقادات شديدة إلى الحكومة، ومطالبتها لها بالإصلاح ونزع السلاح من يد المجاميع المسلحة وحصرها في الأجهزة الأمنية للدولة، وذكرت أنها تلقت تهديدات واتهامات بالعمل لجهة أجنبية معادية، ومنهم من يقول: إن مطالبتها المتكررة للحكومة بالتغيير والإصلاح ونزع السلاح من يد المجاميع المسلحة وحصرها بالأجهزة الأمنية للدولة، وكان آخر مقال كتبته في “الفيسبوك” قبل اختطافها بساعات تحت عنوان “استهتار السلاح في الحرم المدرسي”، هاجمت فيه أحد ضباط الأمن في وزارة الداخلية اقتحم مدرسة انهال ضرباً على مديرة مدرسة في مدينة الناصرية جنوب شرق العراق أمام الطلاب دون أن يطاله القانون، فيما طالبت الحكومة بمعاقبة الضابط “المستهتر” وإعادة الهيبة للتعليم والتعليميين.
الجدير بالذكر أن مرصد الحريات الصحفية سجل مصرع 14 صحفياً، و24 جريحاً خلال عام 2016م.
إقليم كردستان
هذا ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للصحفيين في إقليم كردستان، ففي مدينة السليمانية تظاهر الآلاف من المواطنين والصحفيين مطالبين الحكومة بالكشف عن مرتكبي سلسلة اغتيالات طالت صحفيين وإعلاميين خلال فترات متفاوتة، ففي شهر ديسمبر الماضي قتل المصور الصحفي شكري زين الدين بعد اختطافه بفترة وجيزة، وبنفس الأسلوب تم خطف وقتل الصحفي وداد حسين في 13 أغسطس 2016م، ومن قبل تم تصفية الصحفيين سردشت عثمان، وكاوه كرمياني؛ بسبب نشرهما لملفات فساد تخص شخصيات مهمة في السلطة الحاكمة، وعمليات الخطف والتصفية الجسدية للصحفيين العراقيين دائماً تنتهي بدون نتيجة، والمجرمون يفلتون من العقاب.
وقد وجد في تليفون الصحفي كاوه كرمياني تسجيل لصوت المسؤول الكبير وهو يحذره بعدم نشر فضائحه في المجلة التي يصدرها ويقول: “إذا أصدرت تلك المجلة غداً، فسوف أدفن رأسك في قبر أبيك الكلب”.
لذلك طالبت منظمة مرصد الحريات الصحفية ومركز “ميترو” للدفاع عن حقوق الصحفيين في كردستان بإحالة ملف جرائم استهداف الصحفيين في العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جرائم حرب، في حال استمرت السلطات العراقية بالإخفاق في هذا الشأن، لوضع حد لحالة الإفلات من العقاب بحق من يرتكب تلك الجرائم.