تعد مدرسة النوري الإسلامية بمنطقة جرين أيكر في مدينة سيدني إحدى أهم المدارس النموذجية الخاصة والمعتمدة من هيئة التعليم الأسترالية، منذ نشأتها في الثمانينيات على يد فضيلة الشيخ عبدالله محمد النوري، يرحمه الله.
عندما زار الشيخ النوري أستراليا عام 1979م موفداً من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، اقترح على الاتحاد الإسلامي هناك إنشاء مدرسة إسلامية للمحافظة على النشء، ولاقت هذه الفكرة الاستحسان، فبادر عند عودته للكويت بجمع التبرعات اللازمة لهذا المشروع، ثم سافر مرة أخرى عام 1980م ومعه شيك بمبلغ 600 ألف دولار أسترالي، واشترى بها داراً لتكون مقراً للمدرسة الإسلامية هناك، وهنا كانت البداية لهذه المدرسة العريقة، كأول مدرسة إسلامية في أستراليا.
وخلال وجود الشيخ النوري بأستراليا شعر بالمرض، فعاد إلى الكويت ودخل المستشفى، حتى توفي في يوم السبت 17 يناير 1981م، يرحمه الله، قبل أن يشهد افتتاح المدرسة.
وبدأت المدرسة عملها في تلك الدار وفق المنهج الأسترالي الحكومي، بالإضافة إلى اللغة العربية والتربية الإسلامية.
الاكتفاء الذاتي
ومع تطور النظم التعليمية، وبداية تهالك الدار، وعدم ورود أي دعم مالي، دخل مجلس الأمناء الجديد مجموعة من رجال الأعمال اللبنانيين، وقاموا بشراء أرض كبيرة، وبنوا فيها عدة مبان لتشمل المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية؛ بنين وبنات، واستخدام أفضل الوسائل التربوية والتعليمية الحديثة، ومراعاة القيم الإسلامية، ضمن بيئة تشجع الابتكار والتطور.
واستمر التوسع قائماً بشراء الأراضي المجاورة، وبناء فصول دراسية جديدة، لموافاة مئات طلبات الانتظار للانتظام في مدرسة النوري الإسلامية.
وكان حُسن إدارة المدرسة سبباً في اكتفائها الذاتي، وقدرتها على تغطية مصاريفها التشغيلية.
وفي عام 2011م، تم افتتاح المباني الجديدة لمدرسة النوري التي ضمت مختبرات علمية وأجهزة ومعدات تعليمية حديثة وقاعات كبيرة لمختلف النشاطات، إضافة إلى الساحات والملاعب الرياضية؛ مما وفر للطلبة والمدرسين فرصاً رائعة لتطوير مخرجات التعليم ومواكبة التطور الأكاديمي في أستراليا.
وزار مدرسة النوري في العام ذاته سفير دولة الكويت لدى أستراليا ونيوزيلندا خالد محمد الشيباني، ووفد اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية إلى أستراليا، برئاسة د. عصام الفليج، وعضوية محمد القلاف، وخالد المطر، وعبداللطيف المطوع، وقاموا بجولة في مرافقها ومبانيها بحضور إدارة المدرسة.
واستذكر السفير الشيباني الشيخ عبدالله النوري، يرحمه الله، ودوره الرائع في تأسيس هذه المدرسة، التي بقيت آثارها إلى اليوم، مؤكداً أن الكويت كانت وستظل سباقة في العمل الخيري وراعية للعلم والعلماء.
واستعرض د. عصام الفليج ملاحظة مهمة هنا؛ وهي أنه عند توقف تمويل المدرسة، كان لا بد من الاستعانة بأصحاب الخبرة من رواد المال والاقتصاد، الذين استطاعوا نقل المدرسة إلى مصاف المدارس المتميزة في سيدني.
وهي دعوة لجميع مجالس أمناء المدارس الإسلامية في العالم الذين يشتكون من شح الموارد المالية للاستفادة من هذه التجربة.