– الشعب التونسي من أقل الشعوب سعادة حيث بلغت نسبة الاكتئاب 40% لدى التونسيين
– السعيدي: المرأة هي الأكثر عرضة للاكتئاب في المجتمع التونسي بسبب المشكلات المادية والعنف الأسري
– الزواري: التونسيون بحاجة ماسة إلى برنامج وطني للصحة العقلية والنفسية يقيهم عواقب الاضطراب النفسي
يؤكد أطباء علم النفس أن هناك علاقة وثيقة بين ضعف الجانب الروحي لدى الإنسان والأمراض النفسية التي يعاني منها من ناحية، والمشكلات الاجتماعية التي يكابدها والأمراض النفسية من ناحية أخرى؛ حيث نجد أن الأمراض النفسية تصيب الأغنياء والفقراء، ولكن الأسباب مختلفة.
ووفقاً لمصادر وزارة الصحة التونسية، تمثل الصحة النفسية حوالي 17% من التكلفة الإجمالية لمختلف الحالات المرضية في تونس، وتؤكد الأرقام ارتفاع عدد المرضى الوافدين على أكبر المستشفيات التونسية المختصة في الأمراض النفسية والعصبية (مستشفى الرازي)، ويقوم المستشفى المذكور بإيواء 16 ألف مريض وعيادة لنحو 150 ألف مريض سنوياً.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أنّ حالة الفصام تمسّ نحو 1% من أفراد المجتمع التونسي؛ أي أنّ ما يعادل 100 ألف شخص من 11 مليون تونسي يعانون من هذا المرض، ويعاني نحو 5% من التونسيين من اضطراب في المزاج أي حوالي 500 ألف تونسي، ويتمثل هذا المرض في حدوث تقلبات عاطفية أو شعورية لدى المريض في فترات متراوحة بين الاستقرار والاضطراب النفسي.
الأكثر انتشاراً
يؤكد د. عبدالوهاب محجوب لـ”المجتمع” أن دوافع الإصابة لدى الأغنياء ليست بالضرورة، هي نفسها لدى الطبقات الفقيرة، هذا على المستوى المادي، بيد أن هناك حالات عاطفية قد تكون مشابهة كفقد عزيز، أو حادث ما يؤثر بشكل إجمالي على الإنسان.
أما د. فتحية السعيدي فتشير في اتصال هاتفي لـ”المجتمع” إلى أن الاكتئاب والقلق من أبرز الأمراض التي يعاني منها التونسي، وتعتبر المرأة الأكثر عرضة للاكتئاب في المجتمع التونسي، وتعود أسباب ارتفاع الأمراض النفسية إلى تصاعد المشكلات المادية والاقتصادية والعنف داخل الأسرة وغياب النظام وتفشي الفوضى داخل المؤسسات.
وقال د. زهير الهاشمي، في اتصال هاتفي أجرته معه “المجتمع”: يعتبر الذكور أكثر من الإناث في عدد المقيمين بمستشفى الرازي، نظراً لأنّ الرجال تظهر عليهم علامات الاضطرابات النفسية أكثر من النساء.
ويحتل الاكتئاب مرتبة الصدارة في الأمراض النفسية التي تصيب التونسيين ويتوجهون لعلاجه حسب ما أشارت له دراسات للجمعية التونسية للأطباء النفسانيين ومصادر من مستشفى الرازي، وتعتبر المرأة الأكثر عرضة لأعراض الاكتئاب، وترتبط الأمراض النفسية بحالات مثل القلق واضطرابات المزاج والاضطرابات الذهنية والضغط النفسي.
وتؤكد مصادر من الجمعية التونسية للأطباء النفسانيين ارتفاع استهلاك الأدوية المهدئة للأعصاب والمضادة للقلق، وارتفاع عدد التونسيين الذين يلجؤون إلى عيادات الأطباء النفسانيين سواء في القطاع العام أو الخاص، ورغم ذلك تبدو الدراسات والإحصاءات المتعلقة بالصحة النفسية للتونسيين شحيحة.
وتشير الدراسات إلى أن الشعب التونسي من أقل الشعوب في العالم سعادة وهو ما جعله معرضاً أكثر للاكتئاب، وقد ارتفعت نسبة الاكتئاب في السنوات الأخيرة لتصل إلى 40% لدى التونسيين حسب ما يؤكده المختصون.
ونقلت مصادر اطلعت عليها “المجتمع” عن مديرة إدارة الصحة بوزارة الصحة نبيهة بورصالي تأكيدها أن 8.2% من مجموع المواطنين التونسيين يعانون الاكتئاب، وأن 35% من المقبلين على العيادات بمراكز الرعاية الصحية الأساسية مصابون بهذا المرض النفسي.
جناية الأمراض النفسية
وأوضح د. أنيس الزواري في اتصال هاتفي أجرته معه “المجتمع” انتشار الأمراض النفسية في تونس في كافة الشرائح، مما يضاعف من تكلفة العلاج ومن فاتورة أمراض نفسية سببها الأساسي تعكرات نفسية، وتتسبب الأمراض النفسية بدورها في ارتفاع حالات الطلاق أو الإدمان بأنواعه من المشروبات الكحولية إلى الزطلة (نوع من المخدرات) والمخدرات، وتتفاقم المشكلات لتبرز في النواحي الجنسية بين عجز جنسي أو اغتصاب.
وتتضاعف مشكلات البعض عند اللجوء إلى الحلول أو للعنف والإدمان، وهي –حسب الزواري- حلقات في سلسلة واحدة ليدخل في حلقة مفرغة سببها غياب عقلية تراهن على علاج الصحة النفسية وضمان الراحة بالوقاية قبل العلاج؛ لذلك هناك نحو 150 ألف مريض يراجعون مستشفى الرازي سنوياً، ويؤوي المستشفى 16 ألفاً آخرين؛ حيث يعاني زهاء 5% من التونسيين من اضطراب في المزاج؛ أي حوالي 500 ألف تونسي، وتتجلى عوارض هذا المرض في حدوث تقلبات عاطفية لدى المريض في فترات متراوحة بين الاستقرار والاضطراب النفسي، فيما يحتل الاكتئاب المرتبة الأولى في الأمراض النفسية التي تصيب التونسيين التي بلغت في السنوات القليلة الماضية 40%؛ فنحو 8.2% من مجموع التونسيين يعانون من حالات الاكتئاب و35% من المقبلين على العيادات بمراكز الرعاية الصحية الأساسية مصابون بهذا المرض النفسي.
الأقل سعادة
أكد تقرير السعادة العالمي لسنة 2018 الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة أن الصحة النفسية في تدهور مستمر بتونس، نتيجة الإحباط العميق وغياب الحوار الأسري والنقص في الاحتواء والتربية، وشعور كثيرين بالضيم وبالحرمان الاجتماعي الذي عمق الهوة بين الجهات والفئات الاجتماعية.
وتبعاً لذلك؛ صنفت تونس في المرتبة 111 عالمياً وفقاً لمعايير تتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والرعاية الاجتماعية ومتوسط الأعمار والحريات الاجتماعية وغياب الفساد؛ ولهذا السبب فالتونسيون -وفقاً للمصدر المذكور- معرضون أكثر إلى الإصابة بالاكتئاب، خاصة أن العوامل الاقتصادية تمثل أحد أبرز الأسباب التي تدفع التونسي لهذا المرض النفسي وهو ما يفسر وقوف الأمراض النفسية وراء العطل المرضية طويلة المدى.
وحول الحلول المطروحة، أشار د. الزواري إلى أن التونسيين اليوم باتوا في حاجة ماسة إلى برنامج وطني للصحة العقلية والنفسية يقيهم عواقب الاضطراب النفسي والإصابة بالاكتئاب الذي يؤثر على أدائهم الوظيفي وعلى واجباتهم العائلية، وذلك باحتضانهم سواء في الوسط المدرسي والجامعي أو المهني؛ ولأن الصحة النفسية مهمة في توازن المجتمع وفي خلق جيل متوازن نفسياً أقدمت بعض الدول الأوروبية على تعيين وزراء لمكافحة ظاهرة الانتحار على غرار بريطانيا؛ حيث تعهدت الحكومة بأن تقدم المزيد من الدعم في المدارس وتوفير فرق دعم خاصة للصحة النفسية والمساعدة في قياس مستويات صحة الطلبة من بينها رفاهيتهم النفسية.