المسلمون في كندا من أكثر الأقليات تعليماً ومستواهم فوق المتوسط
أحداث 11 سبتمبر فتحت شهية الغرب للقراءة والتعرف على الإسلام
في مقاطعة كيبك يسعى البعض لتشريع قانون يمنع ارتداء الحجاب
المسلمون في كندا من أكثر الأقليات تعليماً ومستواهم فوق المتوسط
عدد المسلمين في كندا عام 2001م كان 600 ألف واليوم تضاعف العدد
وجود المسجد ساهم في تعريف المجتمع الكندي بالإسلام
أوضح د. محمود هدارة، أستاذ الهندسة البحرية بجامعة ميموريال، في مقاطعة نيوفودلاند في كندا، أن المسلمين في كندا يمارسون حقوقهم الدينية أفضل بكثير من البلدان الإسلامية، وأن المجتمع الكندي يدافع عن المسلمين ضد من يحاول أن يسيء لهم في الغرب، مؤكداً أن «الحرية الدينية للمسلمين مكفولة بالقانون، والمسلمون محترمون من قبل الناس والدولة، وأن المسلمين في كندا من أكثر الأقليات تعليماً، ومستواهم فوق المتوسط».
وقال هدارة، أول إمام للمسجد الوحيد الموجود بمقاطعة نيوفودلاند، في حوار خاص مع «المجتمع»: «رغم مآسي أحداث الـ11 من سبتمبر، فإنها فتحت شهية الغرب للقراءة والتعرف على الإسلام، وأن عدد المسلمين في كندا تضاعف خلال الـ12 عاماً الماضية، حيث أصبح 1.2 مليون مسلم اليوم، بعدما كان 600 ألف فقط في عام 2001م»، مشيراً إلى أنه «قبل 27 عاماً لم يكن في مقاطعة نيوفودلاند سوى 20 أسرة مسلمة فقط»!
وأضاف أن «وجود المسجد ساهم في تعريف المجتمع الكندي على الإسلام، وأن مسلمي مدينة لندن أونتاريو بلغ عددهم 30 ألف نسمة ولديهم ثلاثة مساجد، كما يوجد لدينا في لندن أونتاريو مقبرة خاصة للمسلمين، ومكان لتغسيل الموتى، ومجازر إسلامية مرخصة، فضلاً عن أن محلات التسوق تخصص جناحاً للمنتجات الحلال»، مستدركاً بقوله: «رغم كل هذا.. فإن هناك البعض في مقاطعة كيبك يسعون لتشريع قانون يمنع ارتداء الحجاب»!
مزيد من التفاصيل في نص الحوار التالي:
* في البداية، نود أن نعرف متى هاجرت إلى كندا؟ وما انطباعك عن المجتمع الكندي؟ وكيف كان وضع المسلمين هناك في بداية الأمر؟
– وصلت إلى كندا قبل سبعة وعشرين عاماً، للعمل كأستاذ في جامعة ميموريال، في تخصص الهندسة البحرية، ولأن مقاطعة نيوفودلاند مقاطعة بحرية، فلم يكن فيها الكثير من الأسر المهاجرة، وعليه لم يكن هناك سوى 20 أسرة مسلمة.
أيضاً لم تكن هناك معرفة بالدين الإسلامي من قبل المجتمع الكندي، واستطعنا – بفضل الله تعالى – أن نبني أول مسجد هناك في مارس عام 1990م، ولا يزال حتى الآن المسجد الوحيد هناك، وظللت إمام المسجد منذ تأسيسه وحتى عام 2010م، وقد ساهم وجود المسجد بدور كبير في تعريف المجتمع الكندي على المسلمين والدين الإسلامي.
* وهل ساهم وجود المسلمين والمسجد في دخول بعض الكنديين الإسلام؟
– لم يكن ذلك السبب الرئيس في إدخال الإسلام للمجتمع الكندي، وتحديداً في نيوفودلاند، ولكن أحداث 11 سبتمبر 2001م، ورغم المآسي التي لحقت بالعالم من جرائها، دفعت المجتمعات الغربية للقراءة والتعرف على الإسلام، وفي السنوات العشر الأخيرة دخل البعض في الدين الإسلامي.
*من خلال تجربتكم في المجتمع الكندي، هل ترى أن هذا المجتمع متقبل للدين الإسلامي؟
– الغالبية العظمى من أبناء المجتمع الكندي لا يشغلهم موضوع الدين، طالما أن الشخص يؤدي عمله وواجباته بشكل جيد، فلا يتم سؤاله عن دينه، ولكنني أرى أن المجتمع الكندي متحمس لمساعدة المسلمين والدفاع عنهم، ضد من يحاول أن يسيء إليهم أو يشوه صورتهم في المجتمع الغربي.
* كم يقدر عدد المسلمين في كندا اليوم؟
– في الإحصاء الذي أقيم في كندا عام 2001م كان عدد المسلمين حوالي 600 ألف نسمة، وأتوقع اليوم أن يصل عدد المسلمين إلى مليون و200 ألف نسمة، غير أنه لا توجد إحصاءات رسمية بهذا الخصوص.
* تقول: إن المجتمع الكندي يحترم حقوق الأديان والحريات الشخصية، فهل يمارس المسلمون هناك حريتهم الدينية؟
– الحرية الدينية للمسلمين وغيرهم في المجتمع الكندي مكفولة من قبل القانون، والمسلمون هناك محترمون من قبل الناس والدولة وكل المؤسسات، ولكن في الفترة الأخيرة يحاول البعض في مقاطعة كيبك استصدار تشريع قانوني لمنع المسلمات من ارتداء الحجاب، غير أنني متأكد أنه لن يتم تشريع هذا القانون، لأن الحكومة الفيدرالية الكندية نفسها تقف ضد هذا القانون، ولا تسمح بتمريره إضافة إلى أنه مرفوض شعبياً، ومن قبل الحكومة والمؤسسات المختلفة.
* ما أهم العقبات التي تواجه المسلمين في كندا؟
– قبل حوالي عشر سنوات لم يكن الإسلام معروفاً بالشكل الصحيح، ولم تكن هناك صلاة جمعة، وبالتدريج بعد أن ازداد عدد المسلمين، وفهم المجتمع الكندي بعض تعاليم الإسلام، صار اليوم من حق المسلمين أداء صلاة الجمعة، والخروج من العمل أو الجامعة وقت صلاة الجمعة لأدائها.
وقد كنا في التسعينيات من القرن الماضي نتحرى أي شيء نأكله، لأن في الكثير من الأطعمة يوجد لحم أو دهن خنزير، لكن في الآونة الأخيرة بدأت الشركات تراعي ذلك، وتقلل من استخدام لحوم ودهون الخنزير، ليس فقط بسبب وجود المسلمين، ولكن لأنهم أدركوا الأضرار الصحية الخطيرة لتناول لحم أو دهن الخنزير.
أيضاً لم تكن هناك لحوم أو أطعمة حلال، لكن اليوم الحمد لله توجد الكثير من المجازر الإسلامية المرخصة قانوناً، إضافة إلى أن محلات التسوق الكندية الكبيرة صارت تخصص جناحاً خاصاً للحوم والمنتجات الحلال، كانت هذه بالطبع أهم العقبات التي كانت تواجه المسلمين في السابق، والحمد لله اليوم لم تعد أي منها تشكل عقبة أمام المسلمين في كندا.
* وهل تعتقد أن المسلمين اليوم صاروا جزءاً فعالاً من المجتمع الكندي؟
– المسلمون في كندا من أكثر الأقليات تعليماً، ومستواهم العلمي والاجتماعي والثقافي فوق المتوسط، إذا ما قيس ببقية الأقليات، والمسلمون هنا يمارسون حقوقهم الدينية أكثر من بعض البلاد الإسلامية ذاتها! وقد صاروا اليوم جزءاً فعالاً في المجتمع الكندي، حيث يشاركون في الأنشطة الاجتماعية والخيرية، وفي كثير من المدن الكندية يجمع المسلمون أموالاً لبناء مدارس، أو للتبرع لمرضى السرطان، وأيضاً لأنشطة خيرية أخرى.
أما على صعيد مدينة لندن أونتاريو، التي نحن فيها، فإن وجود المسلمين يرجع إلى نهايات القرن الثامن عشر الميلادي، عندما كان رجال الأعمال العرب يأتون ويعملون في المجتمع الكندي، لكن بعد ذلك انتقلت عوائلهم معهم، وازدادت أعداد المسلمين في كندا، وهم اليوم كما أشرت صاروا جزءاً معطاءً وفعالاً في المجتمع الكندي.
* وكم يقدر عدد مسلمي مدينة لندن أونتاريو؟ وهل لديهم مراكز ومساجد إسلامية؟
– يقدر عدد مسلمي مدية لندن أونتاريو بحوالي 30 ألف نسمة، ولديهم ثلاثة مساجد، وهي: المسجد البوسني، والمركز والمسجد الإسلامي في الجنوب، ومسجد أكسفورد، ولديهم أيضاً مدارس عربية وإسلامية، إضافة إلى مدرسة نهاية الأسبوع التي تعلم اللغة العربية والقرآن الكريم لأبناء المسلمين، ولدينا في المدينة مقبرة خاصة للمسلمين، وأيضاً لدينا مكان لتغسيل الموتى في مسجد أكسفورد، ويقوم بالتغسيل مجموعة من المتطوعين والمتطوعات.
أيضاً لدينا مسلخ إسلامي للذبح الحلال، بإشراف لجنة من المختصين المسلمين، ومن أنشطة المسلمين في هذه المدينة حلقات تحفيظ القرآن الكريم، والمسابقات الدينية والثقافية في شهر رمضان المبارك، وأيضاً لدينا لجنة لتفقد أحوال المسلمين المرضى في المستشفيات، والتأكد من أن الوجبات التي تقدم لهم تحتوي لحوم حلال.
أخيراً؛ يمكنني القول: إن العيش في كندا للمسلمين هو المثالي، ليس فقط للحياة الكريمة، والبحث عن الرزق، وإنما لأن المسلمين في كندا يعيشون حياة أفضل من حياتهم في بلدانهم الأم، وأيضاً لهم حرية ممارسة حقوقهم الدينية أفضل من كثير من البلدان الإسلامية.