خاض رحلة طويلة شاقة من النضال ومحفوفة بكثير من المخاطر، دون التفكير بقانون الغاب الذي لا يؤمن بالفضيلة والأعراف التي حضت عليها شرائع السماء والأرض.
وبدأ قتال الاحتلال الإسرائيلي كجبل استعصى على الانحناء، وراوغ الاحتلال خلال مطاردته كنمر تمرد على الترويض، لم يشُب مشوار حياته النضالي، المهادنة أو المساومة والانبطاح.
انضم فؤاد الشوبكي الذي ولد في 12 مارس 1940، إلى صفوف حركة “فتح” في سن مبكرة، وأنهى دراسته الثانوية بحي التفاح في مدينة غزة.
جاور الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في حياته العملية والمهنية، وحصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة من جامعة القاهرة.
ويقلّب أستاذ العقيدة في الجامعة الإسلامية بغزة، محمود الشوبكي، صفحات من تاريخ حياة شقيقه الأسير، الذي تنقل بين الأردن، ولبنان، وسوريا وتونس برفقة الرئيس الراحل أبو عمار؛ حيث كان الشوبكي -وفقا لأخيه- بمثابة الذراع الفولاذي والعين الساهرة للراحل ياسر عرفات، وكان حسه الأمني وقلبه النابض بإحساس القائد، وسنده الذي يرتكز ويرتكن عليه في كل شاردة وواردة.
وتابع الأستاذ الجامعي: “سمح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى قطاع غزة في عام 1995 بموجب اتفاق أوسلو، وكان أبو حازم أحد أعضاء السلطة الذين عادوا إلى القطاع“.
عيّن الشوبكي في 12 أكتوبر 1997، رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية الاستهلاكية العامة في السلطة، ثم تسلم منصب المسؤول المالي السابق في جهاز الأمن العام الفلسطيني، والمستشار المالي للرئيس الراحل ياسر عرفات.
واسترسل محمود: “لم يرغب فؤاد، أن يكون بينه وبين الناس حجاب، فكان يستقبل الصغير والكبير لم يميز بين أحد وكلمته قائمة على الجميع دون اعتراض أو تصحيح“.
وتابع: “في 3 يناير 2002، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية بهدف السيطرة على سفينة (Karine A)في البحر الأحمر، القادمة من إيران إلى قطاع غزة عبر البحر الأحمر، والتي كانت تحمل على متنها بضائع عسكرية“.
تهريب سفينة الأسلحة
وأوضح: “اتهمت إسرائيل الشوبكي مدير المالية العسكرية في السلطة الوطنية الفلسطينية، الذي كان متواجدا في إيران بذلك الوقت، أنه المسؤول عن تمويل وتهريب سفينة الأسلحة“.
وفي مارس 2002، فرضت قوات الاحتلال حصارها على مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة البيرة، وطالبت بتسليم فؤاد الشوبكي والفلسطينيين الذين قتلوا وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.
وبعد عدة أشهر، تم الاتفاق في مايو 2002 على إيداع الشوبكي ومن معه من قتلة رحبعام زئيفي وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية، وآخرين بسجن أريحا المركزي، وكانوا تحت حراسة أمنية بريطانية أمريكية فلسطينية مشتركة.
وفي سجن أريحا، بدأ فصل جديد من فصول معاناة الشوبكي، ففي 14 مارس 2006، نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية في مدينة أريحا، حاصر خلالها السجن المركزي، واختطف فؤاد الشوبكي وأحمد سعدات ورفاقه.
وحكمت محكمة الاحتلال الإسرائيلي، على الأسير الستيني حينها، بالسجن المؤبد 25 عاما بطلب من المدعي العام “الإسرائيلي”، في حين قررت المحكمة العسكرية اعتقاله مدة 20عاما، تم تخفيفها في عام 2015 إلى 17 عاما بدلا من 20، بحسب حازم نجل الأسير الشوبكي.
وكشف حازم لـ “قدس برس” أن “اسم والده كان ضمن المعتقلين المراد الإفراج عنهم في صفقة وفاء الأحرار 1 (صفقة شاليط)، إلا أن تل أبيب تمنعت من إخراجه”، عازيا ذلك إلى “دور والده في الدفاع عن القضية الفلسطينية وتأثيره الشديد على من حوله“.
وبيّن حازم أن والده يُعاني من سرطان البروستاتا، إضافة إلى وجود جرح فوق المعدة تم فتحه لأخذ خزعة لشكوك بوجود كتلة سرطانية في أعلى المعدة، إلا أن هذا الجرح لم يغلق وما يزال مفتوحا حتى اليوم، فضلا عن كونه مريض ضغط ويعاني من جفاف في عينه اليمنى“.
وأوضح حازم أن والده أصيب بفيروس “كورونا” في يناير الماضي، أثناء نقله من سجن إلى آخر، بسبب الإهمال الطبي بحقه، رغم أمراضه المزمنة وأعوامه الثمانين.
وقبل أسبوع، نُقل الشوبكي إلى مشفى سوركا في بئر السبع، إثر تدهور حالته الصحية؛ حيث حملت عائلته سلطات الاحتلال المسؤولية عن حياته في ظل تردي صحته.
وشغل الشوبكي عدة مواقع، من بينها: رئيس الاتحاد الفلسطيني للفروسية، ورئيسًا لبلدية الزهراء، ورئيسًا فخريًا لناديي الزيتون الرياضي والتفاح الرياضي، وهو أب لستة أبناء، فيما توفيت زوجته عام 2011.