تعد مواقع التواصل الاجتماعي ساحة خصبة للتواجد النسائي، إيجاباً وسلباً، وسط رغبة محمومة نحو بلوغ «الترند»، وتحقيق الشهرة، وجني الأرباح السريعة، لكنها كانت طريقاً كذلك إلى الضياع والاستغلال والابتزاز والسجن.
تفيد إحصاءات بأن العالم العربي من أسرع الأسواق نمواً في مجال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يستخدم ملايين الأشخاص في المنطقة مواقع مثل «فيسبوك»، و«تويتر»، و«إنستجرام»، و«سناب شات»، و«لينكد إن».. وغيرها.
ويتراوح عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العرب ما بين 170 – 175 مليون مشترك، وفي أبريل الماضي، أعلنت منصة «داتا ريبوتال» أن 5 دول عربية في المراكز العشرة الأولى من حيث استخدام الشبكات الاجتماعية، وتصدرت الإمارات المركز الأول بنسبة 105.5%، وشملت القائمة البحرين بنسبة 98.7%، وقطر 96.8%، ولبنان 90.5% ومثلها عُمان.
نماذج ناجحة
وقد اختلفت طبيعة تواجد النساء على منصات التواصل الاجتماعي، فمنهن من استغلت هذه المنصات في الدعوة الحسنة سواء كانت دينية أو علمية أو ثقافية أو وطنية، ومنهن من استغلتها بشكل سيئ في مخالفة واضحة وصريحة للأعراف والتقاليد والقوانين.
وتنتشر في العالم العربي نماذج لفتيات وسيدات استخدمن مواقع التواصل الاجتماعي في ترويج محتويات علمية ونصائح صحية والسفر والحصول على منح للتعليم.
في السعودية، هناك على سبيل المثال لطيفة الدليهان، التي تعد من أبرز المشهورات في المملكة وتقدم محتوى تثقيفياً وتوعوياً بحقوق وواجبات المعلم ومساعدته على تحقيق رسالته التربوية دون عقبات.
وهناك أيضاً لينا الأبيض، التي صنفت ضمن أفضل المؤثرين السعوديين، وهي مدوّنة نمط حياة ومن مؤثرين على «إنستجرام» بمحتوى متنوع يشمل السفر والملابس، لكنها تحرص على عدم إظهار وجهها في الصور التي تنشرها عبر حسابها.
وفي مصر توجد إيمان الإمام، وهي مؤسسة ومقدمة برنامج «الاسبتالية» المتخصص بتبسيط المعلومات الطبية على «يوتيوب»، وتتميز بأسلوبها الشيق الذي جذب إليها أكثر من مليوني متابع على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن بين المشاهير في مصر التي تقدم محتويات هادفة د. نورهان قنديل، وهي اختصاصية تغذية علاجية، وتقدم لمتابعيها نصائح لحياة صحية ووزن مثالي، وأيضاً توجد سارة الجوهري، وهي فتاة تستغل مواقع التواصلي لمساعدة الصم والبكم عن طريق تشجيعهم لتطوير مهاراتهم في لغة الإشارة بالإضافة إلى تطوير مهاراتهم الحياتية.
الثراء السريع
ويسعى مشاهير التواصل الاجتماعي في الأغلب إلى التأثير وجمع أكبر عدد من المتابعين، وتحقيق القدر الأكبر من المكاسب المادية، والوصول للثراء السريع، لكن منهم من يتجاوز الأعراف والتقاليد بتصرفات مستفزة وغربية، بل ويروج في أحيان كثيرة إلى الأكاذيب والتفاهات.
وخلال السنوات الماضية، شهدت مواقع التواصل قصصاً لعدد من المشاهير من النساء ممن زج بهن إلى السجن عقاباً لهن على المحتوى غير اللائق الذي تصدرته صفحاتهن وقنواتهن.
كذلك تعرضت فتيات للقتل، وبعضهن هربن بعيداً عن بلادهن نتيجة لخلافات أسرية حول ما نشرنه على حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، وخالفن به الأعراف والتقاليد والقانون.
ففي السعودية تورطت فتاة في أزمة كبيرة، بسبب محتوى حسابها على «سناب شات»، حيث اتهمها البعض أنها تقدم محتوى يخالف التقاليد والأعراف السعودية، خاصة بعد إعلانها خلع النقاب بعد 3 أيام فقط من ارتدائه، وإعلانها التعاطف مع شاب أمريكي دهس بسيارته امرأة وطفلتها، وإعلانها أنها تحب هذا الشاب رغم أنها متزوجة من سعودي.
جرائم وقضايا
وفي الكويت اشتهرت أزمة عرفت إعلامياً قبل نحو عامين، باسم «الفاشينيستات» (الموضة)، حيث يستغللن متابعيهن في بث مواد مخالفة للأعراف والتقاليد، تحت اسم الموضة، ومن بينهن عارضة أزياء وزوجها، ظهرا في مقطع مصور عام 2020، وفيه الزوج يمشط شعر زوجته، وبعد انتشار الفيديو ألقي القبض عليها وحبست بتهمة خدش الحياء لكنها خرجت بعد ذلك، واعتذرت إلى متابعيها مؤكدة أنه كان مقطعاً عفوياً، وبعدها قرر الثنائي اعتزال مواقع التواصل.
وفي مصر، راجت قضية فتيات «التيك توك»، وأحد أبطال هذه القضية فتاة تم القبض عليها في عام 2019، وكانت تنشر مقاطع مصورة على تطبيق «تيك توك» تؤدي فيها حركات راقصة، كذلك دعت عبر حسابها الفتيات لإنشاء حسابات وفتح الكاميرا والتحدث مع مستخدمين مقابل مبالغ مالية، وألقي القبض عليها، بالإضافة إلى 7 فتيات أخريات تتراوح أعمارهن بين 19 و30 عاماً.
وفي مصر أيضاً اشتهر حساب زوج وزوجة، وفيه ينشران مقاطع مصورة في منزلهما بل وداخل غرفة النوم، ووصل بهما الأمر إلى استغلال طفلتهما، وبحسب بلاغ قدم للنائب العام المصري، اتهمها بارتكاب جريمتي الفعل العلني الفاضح ونشر الفسق والفاحشة.
تنظيم المحتوى
وتسعى الدول العربية والإسلامية إلى تنظيم ما يبث عبر هذه المواقع، أملاً في منع المحتوى الضار، خاصة وأن هذه الوسائل لا تفرق بين طفل وشاب وكبير.
وفي الدورة السابقة لمجلس وزراء الإعلام العرب الذي عقد في القاهرة، في سبتمبر الماضي، تعهد الأردن بتقديم خطة متكاملة ومشروع قانون استرشادي عربي لحماية المستخدمين وتنظيم منصات البث الرقمي.
ويقوم مشروع القانون على مراقبة المحتوى على الإنترنت من خلال احترام الثقافة والقضايا العربية والحد من خطاب الكراهية ووقف الاعتداء على الخصوصية.
ويعتبر المشروع أن خطاب الكراهية يشمل الإساءة إلى الحضارة العربية والإسلامية، والإساءة إلى جميع العقائد والأديان والأقليات وإثارة النعرات المذهبية أو العنصرية، وربط الإرهاب بالعرب والمسلمين والترويج لـ«الإسلاموفوبيا» والحض على الإرهاب والجريمة والعنف والتطرف، والتحريض العلني على ارتكاب الجرائم.