وسط موجة الرفض الواسعة، حزبياً وشعبياً، على لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أوغندا غطّى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، البرهان، رغم تجاوزه المؤسسات الأخرى في السلطة الانتقالية، مرحّباً بتعميمه الصحافي حول اللقاء.
ورحّب حمدوك، في منشور على صفحته في “فيسبوك”، اليوم الأربعاء، بالتعميم الصحافي للبرهان حول اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، مؤكداً “الالتزام بالمضي قدماً من أجل إنجاز مستحقات المرحلة الانتقالية المهمة وتجاوز التحديات الماثلة أمامنا”.
وأضاف حمدوك أنّ “الطريق إلى التغيير الحقيقي في السودان مليء بالتحديات والعقبات، ومع ذلك يجب أن نعي بأنّ الالتزام بالأدوار والمسؤوليات المؤسسية أمر أساسي لبناء دولة ديمقراطية حقيقية”، متابعاً: “وانطلاقاً من هذا يجب على الهياكل الانتقالية ككل ضمان المساءلة والمسؤولية والشفافية في جميع القرارات المتخذة”.
وفي الوقت عينه، أكد حمدوك أنّ “الوثيقة الدستورية تبقى هي الإطار القانوني في تحديد المسؤوليات، ويجب علينا الالتزام بما تحدده من مهام وصلاحيات”.
من جهته، قال الجيش السوداني، في بيان مقتضب، إنّ قيادة القوات المسلحة السودانية اجتمعت، اليوم الأربعاء، وناقشت زيارة البرهان إلى أوغندا، ولقاءه بنتنياهو.
وأشار البيان إلى أنّ الاجتماع “أيّد الزيارة ونتائجها بما يحقق المصلحة العليا للبلاد”، دون تفاصيل أخرى.
وأكد “موقف السودان المبدئي من القضية الفلسطينية وحق شعبه في إنشاء دولته المستقلة”، موضحاً أن “موقف السودان ما زال وسيستمر ثابتاً، وفق الإجماع العربي ومقررات الجامعة العربية”.
وواجه لقاء البرهان ونتنياهو رفضاً واسعاً داخل تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير”، بدءاً من “حزب الأمة” و”الحزب الشيوعي” و”حزب البعث” ومن التحالف مجتمعاً، وكانت آخر ردود الفعل، اليوم الأربعاء، من “تجمع المهنيين السودانيين”، الذي أصدر بياناً دان فيه بشدة الخطوة، وأجمع مع الأحزاب الأخرى على أنها “تمثل خرقاً كبيراً للوثيقة الدستورية”.
ولفت التجمع، في البيان، إلى أنّ “اللقاء تجاوز خطير من طرف البرهان لمؤسسات السلطة الانتقالية والوثيقة الدستورية التي تحكمها”، مشدداً على “رفضه القاطع لتلك الممارسات وأي مخرجات تمخض عنها اللقاء”.
وشدد على أنّ “السياسات والعلاقات الخارجية للدولة من اختصاص السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء، وأن محاولة اختطاف القرار فيها تحت أي ذريعة واهية تمثل خرقاً للوثيقة الدستورية، التي تحكم الفترة الانتقالية وتهدد عملية الانتقال الديمقراطي وتماسكها”.
وأكد التجمع أنّ “موقف الشعب السوداني ودولته الثابت تاريخياً هو عدم التعامل أو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، دعماً للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في بناء دولته ذات السيادة الكاملة، وهو موقف لا يملك البرهان الحق في تغييره تحت أي ذريعة وبهذا الاختزال المخل، وهو كذلك ما لا يحق لأجهزة السلطة الانتقالية ذات الصلاحيات المحدودة البت فيه”.
واعتبر وزير الثقافة والإعلام السوداني، فيصل محمد صالح، الأربعاء، لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “خرق وتجاوز” لموقف البلاد الثابت ضد التطبيع والعلاقات مع إسرائيل.
جاء ذلك في تدوينة له على صفحته بموقع فيسبوك وقال صالح، وهو المتحدث باسم الحكومة، إن موقفه من لقاء البرهان مع نتنياهو قائم على اعتباره “أخذ رئيس مجلس السيادة العلاقات الخارجية للسودان بيده والتقرير فيها بشكل متفرد فيه خرق للوثيقة الدستورية وتجاوز لاختصاصات الجهاز التنفيذي”.
كما اعتبر الوزير السوداني، “التعامل مع إسرائيل بهذا الشكل والاجتماع المنفرد مع نتنياهو فيه خرق وتجاوز للموقف السوداني الثابت على مر العهود بأن لا تطبيع ولا علاقات مع إسرائيل إلا بعد الإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.
وشدد على أن هذا الموقف “لا تملك أجهزة الحكم الانتقالي محدودة الصلاحيات تغييره، وإنما يترك الآمر للمجلس التشريعي أو المؤتمر الدستوري والحكومة المنتخبة”.
وفي سياق الرفض الشعبي، أعلن رئيس تحرير صحيفة “مصادر” السودانية (مستقلة)، عبد الماجد عبد الحميد، اعتزاره عن حضور لقاء تعريفي يعقده البرهان، مع إعلاميين، حول لقائه مع نتنياهو.
وقال عبد الحميد عبر “فيسبوك”: “تلقيت دعوة لحضور لقاء لرئيس مجلس السيادة مع قادة الأجهزة الإعلامية السودانية لتنويرهم حول كارثة لقائه مع رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني”.
وأضاف: “قدمت اعتذاري عن حضور اللقاء (لم يذكر موعده)، لن أستمع لرجلٍ صافح نتنياهو، وصفع أمتنا السودانية في وجهها”.
وفي وقت سابق، أعلن الجيش السوداني، تأييده لنتائج زيارة البرهان إلى أوغندا، “بما يحقق المصلحة العليا للأمن الوطني والسودان”.
وبدأ حراك شعبي عاجل لمناهضة خطوات ما بعد لقاء البرهان ونتنياهو، حيث أعدت مجموعة سمت نفسها “سودانيون ضد التطبيع” مذكرة تنوي تسليمها لهياكل السلطة الانتقالية. ووصفت المذكرة اللقاء بـ”الفاجعة، لأنه جاء في سياق غير مألوف لأهل السودان وغير مفهوم ويتصادم مع وجدانهم ومواقفهم المتقدمة في نصرة القضية الفلسطينية من مبدأ الوقوف ضد المستعمر”.
وكان مسؤول إسرائيلي كبير قد قال، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”، الإثنين، إنّ إسرائيل والسودان اتفقا على “بدء تطبيع العلاقات”، وذلك بعد لقاء نتنياهو مع البرهان في أوغندا.
وأضاف المسؤول في بيان: “يعتقد نتنياهو أنّ السودان بدأ يتحرك في اتجاه جديد وإيجابي.. عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، يرغب في مساعدة بلده على المضي قدما في عملية تحديث من خلال إنهاء عزلته ووضعه على خريطة العالم”. وبحسب بيان لمكتب رئيس حكومة الاحتلال، التقى نتنياهو البرهان في مدينة عنتيبي الأوغندية.