شهد تاريخ الكويت مراحل مميزة ومحطات مهمة في مسيرة العمل التطوعي، تجسد عمق ثقافة العطاء والتكافل التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هويتها.
فمنذ بداياتها الأولى، رسّخت الكويت قيم التعاون والمساندة تحت مفهوم «الفزعة» الذي وحّد المجتمع في مساعدة المحتاجين وإغاثة المنكوبين، وتطور هذا المفهوم تدريجيًا ليشمل المبادرات الفردية والجماعية، وصولًا إلى تأسيس المؤسسات والجمعيات التطوعية التي خدمت مختلف مجالات الحياة.
هذا التاريخ العريق يلقي الضوء على 10 محطات رئيسة رسمت ملامح العمل التطوعي في الكويت، وساهمت في تعزيز دورها كدولة رائدة في دعم المجتمعات المحلية والدولية، وترسيخ العمل الخيري كقيمة إنسانية أصيلة.
1- البدايات المبكرة لفكرة التطوع:
بدأ العمل التطوعي في الكويت منذ نحو 4 قرون، وتزامن مع تأسيس الدولة في عام 1613م، حيث كانت «الفزعة» مبدأً أصيلًا للتعاون ومساعدة الآخرين، وشمل ذلك تقديم يد العون للقبائل المجاورة ودعم الدول المتضررة من الكوارث.
2- المرحلة الفردية للتطوع:
تميزت الكويت في بداياتها بالعمل التطوعي الفردي، حيث كان الحكام، والعلماء، والتجار يساهمون في بناء المجتمع وتقديم العون للمحتاجين، مثل بناء المساجد والمدارس ودعم الضعفاء، وظلت هذه الروح مستمرة حتى يومنا.
3- مرحلة الفزعات الجماعية:
تطور العمل التطوعي في الكويت إلى مرحلة «الفزعات»، حيث اجتمع أبناء المجتمع للقيام بأعمال تطوعية جماعية غير مؤسسية، كفزعة إنقاذ السفن أو إطفاء الحرائق وبناء الأسوار، وظهرت فكرة «الفرق التطوعية» بشكل بدائي في هذه الفترة.
4- العمل التطوعي المؤسسي المبكر:
بدأ تأسيس المؤسسات التطوعية في الكويت مع المدرسة المباركية عام 1911م كمؤسسة تعليمية تطوعية، تلاها إنشاء الجمعية الخيرية العربية عام 1913م لتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية للمجتمع.
5- التوسع في التعليم والمؤسسات الثقافية:
تأسست عدة مؤسسات تطوعية ثقافية في أوائل القرن العشرين، مثل المدرسة الأحمدية في عام 1921م، والمكتبة الأهلية والنادي الأدبي في عام 1924م، وأسهمت هذه المؤسسات في نشر الثقافة والتعليم وتعزيز الوعي الاجتماعي.
6- التعاون الإقليمي والدولي:
في الثلاثينيات، بدأ أبناء الكويت بجمع التبرعات لدعم الشعوب العربية المتضررة، مثل فلسطين والعراق؛ ما عزز سمعة الكويت كداعم للمساعدات الإنسانية الإقليمية والدولية.
7- انتشار الأندية والجمعيات التطوعية:
في الخمسينيات، انتشرت الأندية الرياضية والثقافية والروابط الشعبية بدعم من الحكومة، حيث بلغ عددها أكثر من 20 نادياً، وذلك برعاية دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تأسست عام 1954م.
8- تأسيس جمعيات النفع العام:
عقب استقلال الكويت عام 1961م، تم تنظيم العمل التطوعي بشكل رسمي بإنشاء جمعيات النفع العام، حتى بلغ عددها 143 جمعية في عام 2020م، لتشمل مختلف التخصصات والمجالات، وتخدم هذه الجمعيات المجتمع تحت إشراف وزارة الشئون الاجتماعية.
9- دور المرأة في العمل التطوعي:
أدت المرأة الكويتية دورًا بارزًا في العمل التطوعي، حيث شاركت في دعم القضايا العربية منذ عام 1936م، وأسهمت في مبادرات مثل «طبق الخير» و«حنان الكويت» لرعاية الأيتام، وتطورت هذه الجهود خلال أزمة الغزو العراقي، مما أظهر قوة التكافل الوطني.
10- الفرق التطوعية الشبابية:
حظي العمل التطوعي الشبابي بدعم حكومي كبير، حيث تأسست أكثر من 300 فريق تطوعي شبابي تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وتخدم هذه الفرق مختلف القضايا الاجتماعية والإنسانية، بما فيها برنامج «بادر» الذي ينظم عمل الفرق الشبابية لتحقيق أهدافها بفاعلية.
________________________
المصدر: كتاب «الفرق التطوعية في دولة الكويت نماذج شبابية ملهمة»، د. خالد الشطي.