بالتزامن مع وصول وفد أمريكي للسودان لإنهاء إجراءات رفع السودان من قائمة الإرهاب وإغرائهم بالمساعدات، قال موقع سوداني موالٍ للحركة الشعبية الجنوبية التي انفصلت بجنوب السودان، ولها جناح شمالي في الخرطوم بأن “الحكومة اليسارية الحالية تعد قانونا لتصنيف الأحزاب والحركات الإسلامية إرهابية”.
موقع “سودانيز أو لاين” قال إن لجنة مشتركة من وزارتي العدل والشؤون الدينية والأوقاف وضعت مشروع قانون جديد “لمكافحة النشاط الإرهابي والمتطرف”، وسيعرض القانون في الاجتماع المشترك المقبل لمجلسي السيادة والوزراء لإجازته.
ونفت مصادر سودانية لـ”المجتمع” صدور مثل هذا القانون وقالت إنه لا يزال مقترح بمشروع قانون يدفع به اليساريون في الحكم، فيما يعارضه آخرون خشية دخول البلاد في منزلق من الفوضى بسبب انتشار الحركات الإسلامية وقوتها في الشارع، مشيره إلى أنه لا يزال محل نقاش وقد لا يخرج للنور.
يتضمن القانون اعتبار جميع أحزاب وحركات وتنظيمات التيار الإسلامي وحتى بعض الجماعات الصوفية “جماعات إرهابية”!، ما يعني مصادرة أموالها وممتلكاتها واعتقال أفرادها لو أقر القانون.
كما ينص على حظر الأحزاب القائمة على أساس ديني ومنع أنشطتها وتجريم تجمعاتها، وملاحقة المناصرين والمتعاطفين معها بالداخل والخارج.
يتضمن القانون اعتبار جميع أحزاب وحركات وتنظيمات التيار الإسلامي وحتى بعض الجماعات الصوفية “جماعات إرهابية”
ويعيد القانون تعريف “الجماعة الإرهابية” بأنها “كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو رابطة أو حزب أو منظمة مؤلفة من خمسة أشخاص على الأقل، ومرتبطة بشكل أو بآخر بأي من أفرع الحركة الإسلامية السودانية أو متقاربة معها في الأفكار والتصورات، أياً كان شكلها القانوني أو الواقعي سواء كانت داخل البلاد أو خارجها، وتهدف إلى ارتكاب أعمال سياسية أو أنشطة معارضة أو تنفيذ عمليات إرهابية من شأنها أن تقوض النظام الدستوري القائم بالبلاد، أو تسعى لإعادة إنتاج النظام السابق، أو تطعن في توجهات ثورة ديسمبر المجيدة”.
كما يعيد تعريف “الإرهابي” بأنه “كل شخص ينفذ أو يشرع في تنفيذ أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية أو نشاط سياسي مناوئ لتوجهات ثورة ديسمبر بأية وسيلة كانت، ولو بشكل منفرد، أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامي مشترك، أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشتراك في عضوية أي من الكيانات الإرهابية المنصوص عليها في هذا القانون”.
مؤيدو ومعارضو البشير!
ويتضمن القانون ملحقاً ابتدائيا للهيئات والمنظمات الإرهابية التي يشملها القانون وهي: الحركة الإسلامية السودانية، حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقا والمحظور حاليا)، وجماعة الإخوان المسلمين.
وأعلنت الحركة الإسلامية في السودان يوم 30 أبريل الماضي 2021 وفاة أمينها العام الزبير أحمد الحسن، داخل سجنه جراء تدهور حالته الصحية.
وتولى الزبير منصب أمين الحركة الإسلامية في الفترة من 2012 إلى 2018، وتم تجديد التكليف له للفترة 2019-2023، ودعت حركته إلى مظاهرات ضد حكومة رئيس الوزراء الحالي “حمدوك” اليسارية.
وفي 24 يوليو 2019، اعتقلته السلطات السودانية هو وعددا من قيادات الحركة الإسلامية في البلاد، وظل حبيسا في سجن كوبر ضمن قيادات النظام السابق، بتهمة تدبير انقلاب “نظام الإنقاذ” الذي أوصل الرئيس عمر البشير إلى السلطة عام 1989.
كما يتضمن القانون إسلاميين آخرين اختلفوا مع نظام البشير السابق، لكنهم يمثلون الفكر الإسلامي مثل: حزب المؤتمر الشعبي (الدكتور الترابي)، حركة الإصلاح الآن (الدكتور غازي صلاح الدين)، منبر السلام العادل، حزب دولة القانون والتنمية، تيار الأمة الواحدة، الحراك الشعبي الموحد (حشد)، التيار السوداني.
ويتضمن أيضا تصنيف جمعيات خيرية على أنها إرهابية مثل: جمعية الإمام مالك، مجمع الرشاد الإسلامي، شبكة المشكاة الخيرية، جمعية الإحياء والتجديد، رابطة العلماء والدعاة، تحالف سودان العدالة، قوى البرنامج الوطني، وكيانات ومنظمات أخرى.
ويتضمن القانون كذلك عقوبات تطال الطرق الصوفية وقياداتها التي زعم أنها “تدعم توجهات الهيئات والحركات الإسلامية، أو تسخر جماهيرها لخدمة أهدافها وأجندتها”.
يتضمن القانون كذلك عقوبات تطال الطرق الصوفية وقياداتها التي زعم أنها تدعم توجهات الهيئات والحركات الإسلامية
فيما استثنى التصنيف الطرق الصوفية التقليدية والجمعيات الدعوية السلفية “ما لم ينطو عمل أي منها على دعوة للتكفير أو الخروج على سلطان الدولة أو تنسيق مع جماعات إرهابية تضمنها القانون”.
قوانين تخالف الشريعة
وسبق هذه الخطوة قيام الحكومة اليسارية بسلخ السودان من قوانين الشريعة الإسلامية؛ حيث ألغت حد الردة، وسمحت بتناول الخمور لغير المسلمين 12 يوليو 2020.
كما أطلقت السلطة اليسارية بالتعاون مع المجلس العسكري حملة ضد قيادات القوى الإسلامية؛ ما أثار ردود فعل واسعة في الشارع السوداني، حذر بعضها من أن تقود البلد إلى “الانزلاق في الفوضى“.
وأصدرت لجنة تصفية حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا أوامر اعتقال واسعة في فبراير 2021، طالت عددا من قيادات الإسلاميين في الخرطوم والولايات، بسبب قيام مظاهرات ضد الحكومة اليسارية.
يرى مراقبون أن الإسلاميين واقع لا يمكن استبعاده عن المشهد السياسي في السودان
ومن بين من طالتهم أوامر الاعتقال نائب البشير السابق، حسبو عبد الرحمن، والقيادي في الحزب حسين خوجلي، والعميد المتقاعد الموالي للإسلاميين محمد إبراهيم، الملقب بـ”ود إبراهيم”، ومدير شركة “زادنا” السابق أحمد الشايقي، وآخرين.
وتقود السودان حاليا سلطة انتقالية يقودها عسكر، ومدنيون من التيارات اليسارية، كانوا جزءا أساسيا من الانتفاضة التي أطاحت بالبشير في أبريل 2019، وعلى الرغم من مرور قرابة عامين على إسقاط نظام البشير لا تزال الأوضاع الاقتصادية في البلاد سيئة والشعب يتظاهر.
ويرى مراقبون أن الإسلاميين “واقع لا يمكن استبعاده عن المشهد السياسي في السودان”، وحذر المحلل السياسي عثمان عبد الرحمن “من انزلاق السودان إلى مزيد من الفوضى في حال مواصلة الضغوط على الإسلاميين”.