انتقل مطرب المهرجانات المصري فارس حميدة إلى الإنشاد الديني وسط دعم جماهيري لافت بعد إعلانه مع بداية العام الهجري الجديد توبته عن غناء “المهرجانات” سيئة السمعة بالبلاد، وطالب الجماهير بحذف أغانيه القديمة، بالتزامن مع ازدهار إنتاج الأناشيد الدينية والابتهالات، وخروج منشدين ومنشدات بارزين في الأغاني الوطنية والدينية، بعضهم تحت رعاية الأزهر الشريف.
رواج متوقع
من جانبه، يرى الشاعر الكبير ناصر صلاح، في حديث لـ”المجتمع”، أن الدين رافد مهم لدى الشعب المصري وله مكانته العالية، التي تعزز أسهم الإنشاد الديني في البلاد والابتهالات والفن الهادف عامة، مؤكداً أن الاتجاه المتجدد لتقديم رسالة هادفة سيتواصل بناء على أساسيات راسخة في الشعب المصري المتدين بطبعه.
صلاح: الفنون الهادفة تجد رواجاً كبيراً بين المصريين
ويضيف صلاح أن فنانين راحلين كباراً، كالفنان محمد الكحلاوي، كان يتجمع كل الاتجاهات حتى العلمانية منها حول مديحه للنبي الكريم، الذي اشتهر به، مرجعاً ذلك إلى أن الشعب المصري صاحب أذن مرهفة ويقدر السماع جيداً، فما بالك إذا ارتبط السماع بالقرآن الكريم والإنشاد والابتهال، فهذا سيكون سبب تفاعل واسع بين المصريين.
ويرجح صلاح أن تجد كل فروع الفن الهادف بمصر رواجاً شديداً في الفترة المقبلة، في ظل تمسك المصريين بالتدين الجميل الوسطي، بالتزامن مع تصاعد الضغوط عليهم خاصة الاقتصادية، داعياً إلى ربط الناس بالله عز وجل والقيم الإيجابية عبر الأدب والفن الهادف.
المنشد التائب
ويعتبر الفنان الشاب فارس حميدة آخر العائدين إلى معسكر الفن الهادف، بعدما ذاع صيته في عام 2015 في فريق للأغاني الشعبية المصرية، حققت إحدى أغانيه ملايين المشاهدات على موقع الفيديوهات “يوتيوب” وصلت إلى 153 مليون مشاهدة، ولكن جاءت وفاة أحد أعضاء فرقته في سن صغيرة، لتأخذه وباقي أعضاء الفرقة لقرار مغادرة غناء المهرجانات.
نجوم عديدة في الإنشاد الديني تصعد وسط دعم جماهيري
ومع بداية العام الهجري الجديد، أعلن حميدة بدء رحلته الفنية الجديدة قائلاً، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “مع بداية عام هجري جديد نبدأ نحن بداية جديدة في عالم مليء بالخير والصالحين، وهو عالم الدعوة إلى الله، ونسأل الله الإخلاص في العمل”.
ولم تخذل الجماهير المصرية حميدة، حيث وصلت أولى أغانيه الدينية التي جاءت معبرة عن حالته ومحفزة للتوبة الدينية تحت عنوان “العليل.. فكيف السبيل إلى أن أتوب”، إلى مليون مشاهدة، بعد أيام من تدشينها بمناسبة العام الهجري الجديد، ليعود لتصدر محركات البحث ولكن من خلال بوابة الفن الهادف والإنشاد الديني.
ومن اللافت أن حميدة في أولى مداخلاته الفضائية مع برامج مصرية تناولت تجربته، استئذان مقدمة برنامج “الثامنة مساء” عبر قناة “الصحة والجمال” في إنهاء المكالمة بسبب حلول موعد صلاة العشاء.
نجوم تصعد
ويتصدر الأسماء الشابة في مضمار الفن الهادف وبالتحديد الإنشاد الديني المنشد محمد طارق الذي يتابعه الملايين على منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر من بينها حوالي مليونين ونصف مليون متابع على موقع “يوتيوب”.
حميدة يصدر أنشودته الأولى بعد توبته عن “المهرجانات”
وحصد المنشد محمد طارق على المركز الأول في مسابقة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة في الإنشاد في عام 2020، ويشتهر بأداء أغنية “قمر” في مديح النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك “المسك فاح”.
اهتمام أزهري
وكلفت مشيخة الأزهر فريقاً خاصاً لدعم مسار الفن الهادف، يديره “مكتب الأزهر لدعم الابتكار وريادة الأعمال” الذي تخصص في مجال الأناشيد الدينية والوطنية، وساهم في تقديم العديد من الفنانين في هذا المجال.
ووفق مراقبين، شهدت السنوات الأخيرة بمصر خروج عدد من الفنانين الداعمين للفن الهادف خارج البلاد بعد عام 2013، بالتزامن مع رفض شعبي متواصل وعفوي ضد التجاوزات وإهدار الأخلاق في الأعمال الفنية، بجانب تصاعد المطالب بدعم الفن الهادف التي شهدت تجاوباً من الأزهر الشريف.
وأعلن شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، في وقت سابق، دعم المشيخة والجامع للفن الهادف.
الأزهر أنشأ فريقاً لرعاية المواهب وإبراز رسالة هادفة للفن
وقال الطيب، في تصريحات عام 2020: إن الأزهر يشجع ويساند بل ويدعم الفن الهادف الذي يحمل رسالة ويريد الارتقاء بالمجتمع، وتغيير الواقع السيئ إلى واقع أفضل، لأن الفن إذا فقد رسالته يصبح فناً مبتذلاً وضاراً ومدمراً؛ ما يؤثر على سلوك الشباب وأخلاقهم بطريقة سلبية بنسبة كبيرة جداً.
وأكد شيخ الأزهر ضرورة أن يعود الفن لرسالته الهادفة، فهذا ينبع من إدراك أهمية هذه الرسالة، ومدى تأثيرها في المجتمع، مشدداً على رفض الأزهر الأعمال التي تفسد الأخلاق، مع دعمه لكل عمل فني هادف، وصاحب رسالة.
وأنتج مكتب الأزهر لدعم الابتكار أول فيديو كليب أزهري بعنوان “نبي الزمان”، في أواخر يوليو الماضي، أداء المبتهل الديني بـ”الإذاعة والتلفزيون” حسام الأجادي، والنابغة الزهراء لايق.
وشهد مارس الماضي عرض أول “أوبريت” وطني أزهري في مجال الإنشاد الوطني بعنوان “أهم الأنباء”، بمشاركة المنشدين محمد طارق، ومحمود هلال، والنابغة الزهراء لايق، وطه عزت، وهند أنور.