تُغير طائرات الاحتلال “الإسرائيلي” بصورة دورية على أهداف في سورية، وتضرب وتقصف مباني ومطارات، وتقتل جنود نظام بشار الأسد، وتعطل مطاراتها واحداً تلو الآخر، دون أدنى رد من النظام السوري، وسط دهشة وتساؤلات العالم.
آخر هذه الهجمات كانت مطلع سبتمبر الجاري على مطار حلب؛ وقد أدت لإخراجه من الخدمة، بحسب صور أقمار صناعية حللتها وكالة “أسوشيتد برس” تظهر تضرر مدرج مطار حلب الدولي إثر هجوم “إسرائيلي” عليه.
ويرجع خبراء ونشطاء سوريون عدم رد النظام السوري إلى أن خوف النظام من قصف أعنف يؤدي لانهياره، مشيرين إلى أنه لولا دعم “إسرائيل” للأسد لسقط منذ أمد بعيد؛ فهي من تثبت أركان حكمه، وهي أكبر المعارضين لإسقاط نظامه.
ويؤكدون وجود تفاهم شبه سري على ذلك؛ خشية توسيع “تل أبيب” القصف لضرب مقراته الأمنية، ومن ثم تسهيل ثورة الشعب السوري ضده وانتصار المعارضة في الشمال.
امتناع إيران
لكن لماذا لا ترد إيران على الضربات “الإسرائيلية” التي تقول صحف عبرية صراحة: إنها موجهة لأهداف إيرانية وأخرى تابعة لـ”حزب الله” في سورية في محاولة لمنع تموضع إيران فيها، ومن دون رد إيراني أو من المليشيات الموالية لها؟
قدمت صحيفة “هاآرتس”، في 1 سبتمبر الجاري، إجابة عن هذا السؤال، مؤكدة أن رئيس النظام السوري لم يكتفِ بالصمت إزاء الضربات المتتالية، لكنه فرض حظراً على الإيرانيين منذ 3 سنوات أن يشنوا هجمات ضد “إسرائيل” من سورية، بادعاء تقليص الاحتكاك مع “إسرائيل”.
وقالت الصحيفة: إن “إسرائيل” تستفيد من انشغال روسيا بأوكرانيا وسحبها صواريخها “أس 300” من سورية لأوكرانيا، وانشغال أمريكا بقضايا أخرى، مؤكدة أن هذه التغيرات تعكس تراجع اهتمام الدولتين العظميين بما يحدث في سورية؛ فلدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اهتمامات أخرى ملحة أكثر للتركيز عليها.
وقالت: إن الأمريكيين الذين يحتفظون بقوات مؤلفة من عدة مئات جنود في قاعدة التنف وقواعد صغيرة أخرى يظهرون اهتماماً ضئيلاً بما يحدث في سورية؛ ما يترك لـ”إسرائيل” حرية العربدة لقتل السوريين.
وأضافت الصحيفة أن هذه الهجمات الصهيونية استغلت تغيراً في صورة الوضع، يتعلق بقرار روسيا سحب بطاريات الدفاع الجوي “أس-300” من سورية، إثر الحرب في أوكرانيا.
ولا تزال بطاريات “أس-400” الروسية في شمال غرب سورية، ومهمتها المركزية الدفاع عن قاعدة سلاح الجو الروسي في سورية وليس اعتراض هجمات “إسرائيلية”.
واستطردت الصحيفة: رغم الانتقادات الروسية العلنية لـ”إسرائيل” بين حين وآخر، فإنه لا يوجد تشدد من جانب موسكو ضد هجمات “إسرائيلية” في سورية، وهناك من يعتقد في “إسرائيل” أنه في ظروف أخرى يجري تسريع الهجمات.
حظر على إيران
وذكرت “هاآرتس” أن الحظر الذي فرضه الأسد على إيران بمنعها من شن هجمات باتجاه “إسرائيل” مستمر منذ 3 سنوات، وبدأ قبل وقت قصير من اغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري قاسم سليماني الذي تلقى إملاءات من الأسد بالامتناع عن شن هجمات أخرى، في نهاية العام 2019.
وأضافت الصحيفة العبرية أن الأسد شدد تعليماته بالامتناع عن شن هجمات ضد “إسرائيل” على الجنرال إسماعيل قآني الذي خلف سليماني.
وبدلاً من هجمات كهذه، لجأت إيران بواسطة المليشيات الموالية لها إلى الرد على الهجمات “الإسرائيلية” بإطلاق طائرات بدون طيار وقذائف صاروخية باتجاه قاعدة التنف الأمريكية في جنوب سورية.
وأشارت الصحيفة، في 1 سبتمبر، إلى أن الحرس الثوري الإيراني جند مليشيات موالية له، ودفعها إلى العمل في الجزء غير المحتل في هضبة الجولان، في العامين 2018 و2019، بحيث تكون مهمة هذه المليشيات إطلاق طائرات بدون طيار وطائرات مسيرة وقذائف صاروخية باتجاه “إسرائيل”.
أما صحيفة “جيروزاليم بوست”، فذكرت، يوم 28 أغسطس الماضي، أيضاً، أن سورية طلبت من إيران عدم مهاجمة “تل أبيب” من أراضيها.
كما أشارت صحيفة “نيويورك تايمز”، في 26 أغسطس الماضي، كذلك، إلى أن الأسد منع الإيرانيين منذ عام من شن هجمات ضد “إسرائيل”، رداً على غارات الأخيرة التي طالت أهدافاً لقوات النظام وقتلت خلالها عدداً من جنوده.