من خلال زيارة الدواوين خلال الأيام الماضية ولا حديث غير الواقع السياسي، لدرجة أنه أصبح من الصعب التنبؤ ماذا سيكون في المستقبل، وهذا يجعل الصورة غير واضحة لدى البعض، وآخرون في حيرة من أمرهم، وجماعة طغت مشاعر الخوف على مستقبل البلد، والبعض يستشهد بالتعليم، وسوء الطرقات، وشلل الإدارة، ويقارن مع دول الخليج.
وحتى نصل لنتيجة صحيحة نحتاج أن نشخص الواقع بشكل دقيق وصحيح، وهو أننا نسير في حلقة مفرغة، ولعل نظرة على السنوات الأخيرة تبين ماذا سيحدث في المستقبل، ومعظم الناس اليوم يعيشون في حالة ارتباك على حاضر ومستقبل البلد، من الموظف إلى المتقاعد إلى التاجر وصاحب المشروع الصغير، حتى بعض أصحاب الشركات أوقفوا التوسعات في البلد وتوجهوا إلى بلدان مجاورة، وفي السابق كنا نقارن وضعنا مع دول شرق آسيا مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية، والآن دول الخليج أصبحت بالمقدمة ونتمنى لها التوفيق والنجاح.
أعتقد بأننا نحتاج إلى التغيير وكل تأخير يضاعف حجم المشكلة، والكل مسؤول سواء من حكومة أو مجلس ولكن هذه المسؤولية متفاوتة، وهناك مشكلة كبيرة في نظامنا الانتخابي، ينجح 50 عضواً وكل واحد منهم يمثل حزباً خاصاً في الحقيقة، فواحد يريد إسقاط القروض، وثان يطلب زيادة الرواتب، وثالث يريد زيادة دعم أصحاب الحلال، في ظل عدم وجود برنامج واضح لدى الأعضاء والسبب أن نظامنا فردي، ولا يوجد في أي برلمان في العالم العمل والنجاح يكون فردياً، وإنما هو جُهد جماعي.
ففي كل مرة تكون هناك انتخابات ثم حكومة، يتقدم الأعضاء باستجوابات، ثم يكون الحل، والنتيجة شلل الإدارات وتوقف مصالح الناس، وسيناريو لا يكاد ينتهي من الانتخابات ثم الحل… والتهديد بالاستجوابات، والخاسر هو الوطن الذي يحتاج إلى عملية جراحية عاجلة وعلاج جذري.
ولماذا نظامنا الانتخابي يحتاج إلى تغيير؟
حتى نبتعد عن الفردية في العمل، وتكون هناك قوائم وطنية، ومن يصل البرلمان فإنه يمثل الأمة وليس القبيلة أو العائلة أو الطائفة، لدرجة أن بعض الوزراء أصبح يفكر مثل النواب، والسبب هو النظام الانتخابي القائم على الفردية، فكل عضو يريد كسب ود أبناء الدائرة لينجح في الانتخابات المقبلة.
لذلك، نحن بحاجة إلى نظام انتخابي جديد، أساسه هي القوائم الوطنية التي تتفق على برنامج محدد، متجاوزة الاعتبارات الحالية القبلية والفئوية والعائلية الضيقة، حتى نتخلى عن العمل الفردي الحاصل اليوم، ومحاسبة النائب تكون من قبل الناخبين على مدى تنفيذ المشروعات من عدمها، والحكومة تقدم وتلتزم ببرنامج تنموي ونواب يعينون الحكومة على ذلك، والكتل السياسية عليها مسؤولية في توعية الناخبين بذلك، وعمل ملتقى وطني يجمع الأطياف كافة للتباحث والعمل المشترك، ودائماً هناك حل وطريق لأي مشكلة.
ويقول الخبير الاقتصادي جاسم السعدون: «في عالم شديد التعقيد، أعتبر التفاؤل والتشاؤم بمعناهما الساذج مجرد تسطيح للقضايا العامة، فالأمر يحتاج إلى عمل مدروس ومضنٍ لا تكفيه العواطف، وسأشعر بتفاؤل مريح لو تغيّرت الإدارة العامة نهجاً وبرامج، وتحديداً الشق التنفيذي أي الحكومة، فلدى الكويت فرص ليس فقط للنهوض، وإنما العودة للتفوق».
وللعلم، هناك العديد من التجارب لدول كثيرة عادت وتفوقت بسبب الإرادة وحسن الإدارة مثل سنغافورة، جزيرة صغيرة تعيد هيكلة نفسها في 40 سنة فقط لا غير، وفي جيل واحد فقط، إنها الحصافة السياسية والحكمة الإدارية والتي قامت على بناء الثقة، وأنا على يقين بأنه لا يوجد أي أسرار في تقدمها سوى إرادتها، وهناك العديد من شباب الكويت قادرون على جعل الكويت في مصاف الدول المتقدمة لو أُعطيت لهم الفرصة، ونجاحاتهم في القطاع الخاص خير دليل وشاهد.