– العلاقات الإثيوبية السودانية تتسم بسمات التداخل الجغرافي والعلاقات التاريخية والأسرية والثقافية بين الشعبين
– خلال العقد الماضي أدى السودان دوراً بارزاً في تقريب إثيوبيا للمنظومة العربية
– إثيوبيا مارست دوراً بارزاً في دعم نجاح السودان في التوازن بعلاقاته مع عمقه العربي والأفريقي
(1)
تعريف الدبلوماسية الشعبية:
حسب رأي الكاتب محمد الشيخ فإن تعريف الدبلوماسية الشعبية لم بستقر على تعريف واحد، فهناك من أعطاها صفة الدبلوماسية العامة، وهناك من أطلق عليها الدبلوماسية الشعبية، وهناك من أطلق عليها صفة الدبلوماسية الموازية، غير أن موازية صفة غير صحيحة، مما يعني أنها موازية للدبلوماسية الرسمية، والموازيان لا يلتقيان، مما يعني وجود التنافر والتباعد، وهذا غير ممكن أبدا، لأن الدبلوماسية الشعبية غير موازية للرسمية، بل مكملة لها وهي أحد أنواع الدبلوماسية المعاصرة، يعرفها البعض بأنها “الطرق التي تستطيع بها الحكومات، أو الأفراد، أو الجماعات، أن تؤثر بصفة مباشرة، أو غير مباشرة، على الاتجاهات والآراء العامة، بحيث يكون لهذا التأثير ثقل ووزن على القرارات التي تتخذها الدولة في المجال الخارجي”، فالدبلوماسية الشعبية ترتكز على الدبلوماسية غير الرسمية، فلا يمارسها الدبلوماسيون المحترفون، ولا رجال السياسة المـسؤولون، وإنمـا يمارسها أشخاص غير رسميين، يطلق عليهم الدبلوماسيون غير الرسميين، وبعبارة أخرى، يمارسها القطاع الخـاص وليس القطاع العام، سعيا وراء إيجاد حل لمسألة سياسية، إما بطريقة مباشرة، أو وضعها في دائرة الضوء لحلها، وقد يكون الطرفان أو أحدهما غير رسمي.
التكامل بين الدبلوماسية الشعبية والرسمية:
بينما تعرف الكاتبة غزل اليزيدي الفرق بين الدبلوماسية الشعبية والدبلوماسية الرسمية.
تعتبر الدبلوماسية التقليدية والرسمية (الكلاسيكية) من أهم وسائل التواصل الرسمي بين الدول منذ قديم الزمان ولها أهميتها في تفعيل السياسات الخارجية للحكومات، إلا أنه ومع التقدم التكنولوجي وثورة الاتصالات في العصر الحديث، زاد اطلاع ومشاركة الشعوب على القضايا المعاصرة محلياً ودولياً، وأصبح لها دور في التعاطي معها والمساهمة فيها، وهذا أدى لظهور علم جديد في فن السياسة هو علم الدبلوماسية الشعبية (العامة) الذي أصبح مكملاً للدبلوماسية التقليدية ولا يمكن الاستغناء عنها أو التقليل من أهميتها، كما وتزداد هذه الأهمية كلما زادت مكانة وحجم الدولة.
الدبلوماسية الشعبية (ويطلق عليها الدبلوماسية العامة أو الناعمة) كما نعرفها اليوم ليست بجديدة، فقد تمت ممارستها والعمل بها منذ عقود مضت، إلا أن ما يعتبر جديداً هو تصنيفها كعلم مستقل ومنحها مصطلحاً جديداً ومستقلاً عن العمل الدبلوماسي الرسمي، تعرف الدبلوماسية الشعبية بأنها النشاطات التي تبذلها دولة ما خارج حدودها الجغرافية، عن طريق الاستعانة بشعبها لكسب الرأي العام الخارجي، بعيداً عن نشاط السفارات والبعثات الدبلوماسية والإعلام الرسمي لها.
والعلاقات الإثيوبية السودانية تتسم بسمات التداخل الجغرافي والعلاقات التاريخية والأسرية والثقافية بين الشعبين الشقيقين، حيث تحتم وتفرض هذه الروابط والعوامل مصيراً مشتركاً أمام الدولتين والجارتين في ضرورة تعزيز العلاقات الإستراتيجية والتعاون والتكامل الاقتصادي والثقافي والأمني وتنسيق المواقف والسياسات في كيفية التعامل مع تقاطعات المصالح مع القوى الإقليمية والدولية على أساس المصالح المشتركة.
التكامل بين السودان وإثيوبيا وثنائية الهوية بين الشعبين:
الكثير من الروابط تجمع بين الشعبين الشقيقين الإثيوبي والسوداني اللذين يتمتع عدد مقدر منهما بهوية ثنائية مزدوجة من خلال الترابط الأسري والاجتماعي التي خلقتها التداخلات بين القبائل المشتركة على الحدود الإثيوبية السودانية، وإن صلة الأرحام بين الشعبين تأبي أن تكون رهينة للحواجز الرسمية فتكسر القيود التي تحول بينها من العبور بين ضفتي الحدود الجغرافية التي قسمتها قوى الاستعمار، ليس بين إثيوبيا والسودان فقط، إنما بين جميع شعوب القرن الأفريقي التي تعمل للانعتاق من قيودها المفروضة عليها لكي تنطلق مساهمة في تعزيز السلام والتعايش السلمي بين الشعوب القائم على أساس المصالح المشتركة.
لقد كان وما زال السودان شعباً ودولة المأوى والحاضنة الأولى والملجأ للنازحين والوافدين من إثيوبيا ودول القرن الأفريقي أثناء فترة الحروب سابقاً، حيث احتضن الحركات الثورية خلال الحكم الملكي والنظام الشيوعي في إثيوبيا، كما أن الكثير من شعوب القرن الأفريقي تلقت تعليمها في المدارس والجامعات السودانية، وكذلك يعمل ملايين من الإثيوبيين في السودان، ولقد أدى السودان خلال العقد الماضي دوراً بارزاً في تقريب إثيوبيا للمنظومة العربية، وخاصة دول الخليج ومصر، لتعزيز المصالح الإقليمية المشتركة، كما مارست إثيوبيا دوراً بارزاً في دعم نجاح السودان في التوازن في علاقاته مع عمقه العربي والأفريقي الذي ساهم في أن يكون السودان جسراً بين العالم العربي والمحيط الأفريقي، مستثمراً علاقته الإستراتيجية مع إثيوبيا التي تشكل دولة محورية في القارة الأفريقية حيث هي مقر الاتحاد الأفريقي، كما ساهمت إثيوبيا أيضاً في تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان من الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقدين الماضين.
والعلاقات السودانية الإثيوبية تطورت إلى أن وصلت مرحلة العلاقات الإستراتيجية، وخاصة بعد دعم السودان لمشروع سد النهضة الإثيوبي الذي يحقق تعزيز المصالح المشتركة بين الدولتين والشعبين الشقيقين، ولقد كانت لوساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بين الفرقاء السودانيين بعد الثورة السودانية، في يوليو 2019، أثر كبير في نفوس السودانيين، ودلل التصفيق الحار والترحيب الدافئ الذي حظي به آبي أحمد في قاعة الصداقة قبل تلاوة كلمته على عمق العلاقات والمحبة والاحترام التي يكنها الشعبان لبعضهما بعضاً في شخص قيادة البلدين.
الدبلوماسية الشعبية ودورها في تعزيز الروابط بين الشعبين:
لقد حان الوقت لتعزيز الروابط بين الشعبين الشقيقين الإثيوبي والسوداني من خلال الدبلوماسية الشعبية المكملة للدبلوماسية الرسمية للدولتين، وخلق فضاءات شعبية تساهم في خلق تفاهمات مشتركة لتعزيز التكامل الإقليمي على أساس المصالح المشتركة للدولتين والشعبين، ونحن نرى أنه حان الوقت لحكوماتنا في دول حوض النيل الشرقي خاصة مصر وإثيوبيا والسودان أن تعطي مساحات من الحرية ومكانة لشعوبها بأن تقوم بدورها المساعد والمكمل للدبلوماسية الرسمية؛ من خلال زيادة الاهتمام بالدبلوماسية الشعبية؛ لأن دور الشعوب أكثر فعالية في تعزيز الروابط بينها ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً لخدمة مصالح الشعوب على أساس المصالح المشتركة، وعليه لا بد على الدول أن تدعم منظمات المجتمع المدني لشعوبها وإعطائها مساحة ومكانة لكي تقوم بدور الدبلوماسية الشعبية الغائبة التي لم تكن سابقاً بالحجم المرجو لعلاقة دولتين تتمتعان بجوار خاص كإثيوبيا والسودان من قبل الحكومات المتعاقبة، وذلك قبل مسيرة التحولات الديمقراطية ومطالب الإصلاح الشاملة التي فرضتها الشعوب على أنظمتها قبل سنتين في الدولتين الشقيقتين.
ونعمل حالياً مع الأخ يوسف عبدالله ريحان، الجيولوجي والكاتب السوداني والمدون على “يوتيوب” في بعض مجالات علم المياه، على مبادرة شعبية يكون فيها للشعوب والشباب دور في تقريب الشقة التي تحدثها بعض المواقف الرسمية، والنظر في كيفية تفعيل العمل الشعبي والمبادرات الشبابية المتعلقة بالنشاط الثقافي والفني والتعليمي والرياضي بين شعوب أفريقيا والإقليم علي وجه أخص.
تعريف المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية:
المعهد الإثيوبي مؤسسة مدنية غير حكومية وغير مرتبطة بحزب سياسي من منظمات المجتمع، تعمل على تعزيز التعاون والتعريف بإثيوبيا في جميع أنحاء العالم من خلال آليات الدبلوماسية الشعبية، ونسعى من خلال المعهد على تفعيل دور الدبلوماسية الشعبية وتعزيز المصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين الإثيوبي والسوداني ومع شعوب دول القرن الأفريقي والدول العربية والعالم اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً.
رؤيتنا للمعهد تكمن في: نتطلع لنكون إحدى المنظمات الرائدة في العالم في مجال الدبلوماسية الشعبية لتعزيز مصالح إثيوبيا في العالم على أساس المصالح المشتركة.
وإن من مهام المعهد كذلك العمل على زيادة ثقة واهتمام العالم الخارجي بإثيوبيا، وتعزيز العلاقات والتنمية وبناء علاقات طويلة الأمد بين إثيوبيا والدول الأخرى من أجل زيادة جاذبية إثيوبيا الدولية من خلال الحوار والدبلوماسية الشعبية، كما نعمل في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم والأعمال لتعزيز العلاقات الدولية والتنمية على أساس المصالح المشتركة للشعوب والدول.
(2)
هجرات وتفاعلات حضارية:
تواصل الشعوب على مدى التاريخ البشري كان مشهوداً وحاضراً لم تقطعه حواجز الطبيعة ولا بداوة وسائل النقل ولا مشقة السفر وصعوبته وقتها في طرق وعرة ومسافات طويلة، فقد كانت تطلعات البشر إلى الغزو، بسط النفوذ، تبادل المنافع، التواصل الاجتماعي، التبشير بالعقائد أو غيرها من أهداف هي التي خلقت بيئة مناسبة للتفاعل الحضاري والاندماج بين ثقافات وأعراق مختلفة تستوطن منذ القدم حتى وقتنا الراهن وستظل في أرجاء البسيطة إلى أن يشاء الله.
ولئن اختلفت الأهداف التي قادت إلى هذا التمازج الحضاري الذي أشرنا إليه، إلا أن العامل المشترك الذي يرجع الفضل إليه في تحقيق ذلك إنما هو الهجرة والاستيطان الذي خلقته الشعوب في بيئات جديدة أثرت فيها وتأثرت بها وخلقت هجيناً عرقياً ثقافياً وحضارياً جديدا كوَّن هوية الشعوب، وأصبح صفة مميزة لها عن غيرها من شعوب في مكان وزمان مختلف.
ولئن نشأت هذه العلاقات الشعبوية بين مختلف شعوب العالم في أنحائه الممتدة وأصقاعه النائية وتركت بصمتها، فإن من باب أولى أن يكون أثرها أبلغ في أقطار متجاورة لا يفصل بينها إلا خط وهمي غير مرئي يسمى الحدود.
السودان وإثيوبيا علاقة خاصة:
وفي هذا السياق الخاص، تأتي علاقة السودان بإثيوبيا العلاقة القديمة الضاربة في جذور التاريخ التي ميزها الجوار وربطتها وشائج الدم والقربي وربطها النيل أحد أهم محفزات قيام حضارة وادي النيل في شمال الوادي ووسطه ذات التأثير في مرتفعات الهضبة الإثيوبية بالشواهد الدالة على العلاقة بمملكة مروى القديمة والكنيسة القبطية المصرية، العلاقة الراسخة في عقل ووجدان مسلمي السودان لارتباطها بالهجرة الأولى لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة التي “فيها ملك لا يظلم عنده أحد”، العلاقة الموصولة بهجرات السودانيين إلى المتمة الإثيوبية والإثيوبيين إلى السودان في عهد الأزمات السياسية والبيئية، العلاقة المتجددة التي أرسى قواعدها الجديدة الزعيم الراحل مليس زيناوي، وسار على أثرها خلفه هايلي مريام ديسالين، ومن بعده رئيس الوزراء الشاب أبي أحمد بذات الاهتمام من الجانب السوداني.
هويات عابرة للحدود:
الشريط الحدودي الذي يفصل بين الدولتين يمتد طولاً قرابة الـ1600 كيلومتر، وعلى ضفتيه تتجاور 4 ولايات سودانية وإقليمان إثيوبيان، ويعج بالكثير من النشاط البشري المتبادل في مجالات التجارة والزراعة ومختلف النشاطات الأخرى، وفي كل مكان من هذا الشريط توجد قواسم وقبائل مشتركة كعادة المناطق الحدودية، منها الضبانية وبعض الجعليين واللحويين وقبائل من غرب السودان وقوميتا التغراي والأمهرا الإثيوبية في اتجاه القضارف، وقبائل البرتا، الوطاويط، القمز، الكدالو، القباوين، الكوما والقنزا التي تمتد من شرق الروصيرص والكرمك حتى الحدود الإثيوبية، وقبائل النوير والأنواك التي تمتد من نهر الناصر والسوباط لتلتقي بالمدن الإثيوبية التي أهمها في ذلك الشريط مع دولة جنوب السودان منطقة قامبيلا الإثيوبية.
إن العلاقات التي نشأت على الحدود بين الدولتين هي نموذج فقط لعمق العلاقة بين الشعبين، ولكنها ليست حصراً عليها، إنما تمتد إلى كافة أرجاء الدولتين في كافة مدنهما المختلفة، ففي كل عائلة ممتدة إن لم يكن في كل بيت أو أسرة يوجد هذا التداخل الذي خلقه الانتقال الحر والهجرات بين الشعبين عبر الحقب المختلفة، والسودان منذ القدم سهل منبسط لا تعيق حواجزه الطبيعية حركة الشعوب، فهو طريق الحج القديم الذي يصل غرب أفريقيا وبعضاً من وسطها بأرض الحجاز مروراً بالسودان، ولقد ربطت هذه الهجرات الوجدان الأفريقي بالسودان وعلقت به القلوب.
وفي إثيوبيا الجار الأقرب بذات القدر ولربما أكثر منه كانت وما زالت علاقات التزاوج والتصاهر شاهدة على عمق العلاقة بين الشعبين يدل عليها الحب الفطري المتبادل بينهما وبعض السحنات المتشابهة للدرجة التي يعجزك فيها في بعض الأحيان أن تميز بين الإثنين الإثيوبي والسوداني.
ثنائيات ناعمة:
وفي ذات سياق تفاعلات الشعبين، كان لبعض العادات والتقاليد كما للفن والثقافة دور كبير لا يقل عما ذكرناه سابقاً في المجال الاجتماعي، فهجرات الإخوة الإثيوبيين الدائمة أو المؤقتة المرتبطة بظروف خاصة مرت بها الدولة من قبل، سواء موجات الجفاف التي ضربتها في منتصف ثمانينيات القرن الماضي أو بالأوضاع السياسية المضطربة التي اضطرت الكثير منهم للهجرة شمالاً وقضاء فترات ليست بالقليلة في السودان عاد بعضها للوطن الأم واستقر البعض الآخر في السودان وواصل آخرون الهجرة في أرجاء المعمورة الواسعة، ولقد غذت تلك الأوقات ذاكرة المجموعات المهاجرة المستقرة العائدة أو العابرة للسودان بالكثير من الذكريات الجميلة التي خلدت في عقلها ووجدانها وأضحت تدين لها وللشعب السوداني بالكثير من الفضل.
الوعي بالمصالح والمصير المشترك:
إن القواسم المشتركة بين شعوب وادي النيل الشرقي كثيرة، أهمها النيل الذي أدى دوراً مهماً عبر التاريخ في ربط شعوب المنطقة وتنامي الشعور لديها بوحدة المصير، في الوقت الذي تشهد فيه بعض مناطق العالم بؤر توترات سببها الصراع على الحدود والموارد والثروات الطبيعية، وإن هذا الصراع والجدل الكبير الذي أثاره مشروع سد النهضة الإثيوبي الذي استحضر مفاوضوه كل أدوات إثبات الحق أو نفيه قد تناسوا عمداً أو سهواً دور الشعوب التي إن بسطت لها سبل اللقاء والتحاور لوجدنا أن نقاط الاتفاق والتلاقي بينها أكبر وأوسع من نقاط الاختلاف والتخاصم، وسنتناول في مقال مشترك مع الأخ الأستاذ ياسين أحمد بعقاي، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية بالسويد، الذي نهنئه على تدشين المعهد، ونشكر جهوده المقدرة في تقوية الروابط الشعبية لشعوب المنطقة؛ دور الدبلوماسية الشعبية الغائبة في مفاوضات سد النهضة، التي نظن أنها يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر، وصوتاً للتوافق وأداةً لحل مستدام لأنها تعبر عن تطلع شعوب الإقليم للاستقرار والسلام، وهي التي تبقى في الوقت الذي تزول فيه الحكومات.
إن مفردة إثيوبيا اليونانية القديمة التي تعني الوجوه السوداء هي أرض السود، وهي ذات معنى مفردة السودان الأرض التي تقع جنوب مصر، كما أطلق عليها اليونانيون القدماء، قامت عليها في السودان حضارة مملكة كوش أو مملكة الفراعنة السود في العام 1070 ق.م، ثم لاحقاً قيام مملكة أكسوم في الجزء الشمالي الشرقي من الهضبة الإثيوبية في العام 325 ق.م، ولقد أثرت تلك الحضارات الثلاث بما فيها حضارة الفراعنة في مصر على بعضها بعضاً، ونشأت بينها علاقات وطيدة، والنيل منذ فجر التاريخ شق هذه الأراضي فيما يعرف حالياً بحوض النيل الشرقي، وخلق بالتوازي مع وقت النشأة علاقات ضاربة في عمق التاريخ الإنساني للشعبين الإثيوبي والسوداني بشكل أخص، وهي تتطلع في الحاضر وترنو للمستقبل لعلاقات أخوية تراعي مصلحة الشعوب وحسن الجوار وتمد جسور التواصل وتبني الثقة وتتعاون في كل ما من شأنه تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة.
___________________________
(*) مقال مشترك بين:
1- ياسين أحمد، كاتب وإعلامي إثيوبي، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، السويد.
2- يوسف عبدالله ريحان، جيولوجي، وكاتب وباحث في قضايا المياه، السودان.