الرياضة هي عملية ومهنة، ومعلومة مفهومة لدى الجميع، وهي حركات وأعمال يقوم بها الإنسان المتريض من أجل التقوية الجسدية، وبناء الجسم السليم بناء طيباً ومتعافياً صحياً، وفي الوقت نفسه، تساهم الرياضة مساهمة فاعلة في تهذيب السلوك، وقبول المقابل والنتائج بروح طيبة معك كانت النتائج أو عليك، والرياضة تستهلك الوقت بما هو مفيد للصحة والعقل والنفس أو أدق تعبيراً النفسية، فأثر الرياضة على النفسية أروع وأطيب مما نتصور، وهذه الرياضة أوصى بها الإسلام في كثير من النصوص بالقرآن الكريم وفي السُّنة النبوية.
ستظل الرياضة وستبقى حاجة اجتماعية ملحة وضرورية اجتماعياً للإنسان عموماً، وللمسلم خصوصاً في كل مكان وكل زمان، وكما قيل: “الجسم السليم بالعقل السليم”، والعكس.
هناك بعض الدعاة والعلماء جمعوا الأحاديث الصحيحة التي تخص الرياضة الصادرة من الحبيب صلى الله عليه وسلم، الأحاديث التي تخص الرياضة للمسلم والمجتمع المسلم عموماً، وأطلق عليه “الأربعون الرياضية” للمؤلف الداعية محمد خير رمضان، وهو كتاب جدير بالاطلاع حقيقة، وعمل تحقيقاً في الأربعين حديثاً التي ذكرها في الكتاب، وأكد صحتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تخص موضوع الرياضة وميزة الرياضة وأنواعها، والفائدة التكاملية منها صحة وأخلاقاً.
حقيقةً، يعتبر هذا الكتاب، حسب وجهة نظري، فريداً من نوعه، وهو مساهمة رائعة لبيان جوانب من فوائد الرياضة والواردة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن أعظم الأقوال المطلقة عموماً في الرياضة قول الله تعالى في كتابه العظيم: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال: 60)، هذه الآية يجب أن نفهمها بفهمها المطلق الذي يحمل الكثير من المفاهيم والعلوم والتخصصات التي تجعل الأمة أمة مرهوبة، ويُحسب لها ألف حساب من الأمم المقابلة لها، فهي تحمل العدة العلمية، والعدة التربوية، والعدة النفسية، والعسكرية، ولو دققنا في كل نوع من هذه العلوم نجد لها تداعيات وظلالاً كثيرة، ونجد العسكرية مثلاً تحوي على الكثير من الرياضات البدنية، مثل السباحة والركوب والرماية والمصارعة والمشي والرياضة القتالية، ومن ثم بناء الجسم والنفسية القوية، والعسكرية هي أحد المفاهيم لمضامين الآية الكريمة، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير”، فالقوي هو الذي به نحمي الدين والعباد والبلاد، القوي علماً وجسماً وتخصصاً، هكذا يجب أن نفهم الآية فهماً مطلقاً وعاماً، في كل التخصصات، ومنها الرياضة وقوة الجسم التي نحن بصدد الحديث عنها.
لم يعارض الإسلام الرياضة، بل دعا وحثَّ عليها وممارستها؛ وذلك لمنافعها وفوائدها العديدة جسداً وعقلاً ونفسياً، فالإسلام يريد من أجل بناء الأمة القوة لا الضعف والوهن.
والمؤمن أو المسلم صاحب الجسم السليم والعقل القويم هو الأقدر على تقديم الخدمة اللائقة والمطلوبة للدين والإسلام، فزاده الله بسطة في الجسم والعلم؛ فلذلك هو مقدَّم على الضعيف، وفي كل خير، إن شاء الله تعالى، ولا ينبغي أن ننسى كثرة حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة على الرياضة وأحياناً كثيرة بشيء من اللوم على تارك الرياضة، كقوله صلى الله عليه وسلم: “من علم الرمي، ثم تركه، فليس منا”، وفي رواية: “قد عصى”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ولا ينبغي أن ننسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صارع البعض من أجل دخولهم الإسلام، كما صارع ركانة بن عبد يزيد، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم له: “أفرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول حق؟”، قال: نعم، فبطش به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المصارع الذي يصرع من يصارعه، حينها تعجب ركانة! نعم، لقد استغل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميدان ما يحب الرجل ليقنعه بالإسلام، إلا أن ركانة أسلم يوم الفتح.
لا أريد أن أطيل أكثر في رياضة ركوب الخيل والرماية والسباحة وما شابه، فهي كانت من فطرة الأمم، وهي الأصل الذي من الممكن تطويره وتداعي الرياضات الأخرى منها.
الخلاصة أن الرياضة ترفع المعنويان النفسية، وتصفي الذهن والتفكير، لم ولن نجد في الشريعة ما يحظرها أو ينهى عنها، بل على العكس يُرغب فيها ويحثّ عليها الإسلام والدين، والحمد لله رب العالمين.
____________________
إعلامي كويتي.