تطرح الكاتبة المصرية أماني ماهر، في كتابها «الزوجة الناجحة.. كيف تسعدين زوجك؟»، الصادر عام 2008م، تساؤلات عدة حول أسباب الأزمات التي تضرب مؤسسة الزواج وتعصف بالكيان الأسري، لافتة الانتباه إلى أن رموز تعكير صفو الحياة الزوجية جميعهم من النساء؛ إما زوجة أو حماة أو شقيقة الزوج أو زوجة شقيق الزوج.
وتصارح الكاتبة، جمهورها بالقول: إن أغلب المشكلات لا علاقة للرجال بها، بل إذا كان للزوج طرف فيها فسوف تجد لهؤلاء دوراً رائداً وأساسياً في تأليب الزوج على زوجته، وهو ما يتواءم مع المقولة الشائعة «فتش عن المرأة».
من جملة المتناقضات التي ترصدها الكاتبة المصرية أن الحماة لا تغفر لزوجة ابنها ترددها المستمر على بيت أهلها، بينما تلتمس الأعذار وتخلق المبررات لوجود ابنتها الدائم والمستمر لديها.
وتستعرض المؤلفة، في الفصل الأول، دليل الخطوبة الناجحة، مذكرة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (رواه الترمذي).
وتضع الكاتبة عدة اشتراطات عند اختيار الزوج، منها أن يكون ذا سمعة طيبة وخلق حسن، مؤدياً للصلوات والعبادات، وأن يكون هو وأسرته من الأسر المعروفة بسلوكها القويم، وأن يكون أكبر منك بعدة سنوات حتى يكون ناضجاً، وأن يتحقق التكافؤ بينكما علمياً واجتماعياً حتى لا يشعر لاحقاً بأي عقدة نقص، وأن يتكسب من عمل حلال، وأن يكون محيطاً بحقوق وواجبات الحياة الزوجية.
ولكي تكتمل منظومة الاختيار، على الفتاة، بحسب المؤلفة، أن تتجنب الانبهار بالمظاهر الخادعة، أو التأثر بمظاهر الثراء، عند اختيار شريك حياتها، كما يجب أن تتجنب المغالاة في طلباتها ومهرها، والأمور التافهة مثل فستان الزفاف وقاعة الفرح وقضاء شهر العسل وغيره من المعايير الفارغة والتافهة التي لا تقيم بيتاً، التي باتت للأسف أساساً في الاختيار عند الكثير من الفتيات.
ويتناول الفصل الثاني المعنون بـ«قراءة الفاتحة»، القواعد الشرعية والاجتماعية المعمول بها بعد الاتفاق مبدئياً على الزواج، محذراً من التهاون أمام الخاطب، والتزين له بما لا يليق شرعاً، والتساهل أمامه في الكلام والمزاح، والتصنع والمبالغة في الملبس وغيره.
وتحذر الكاتبة في الفصل الثالث من الرقص المستحدث في حفلات الخطوبة والزفاف، مشددة على أن ذلك من الابتذال والإسفاف الذي يحط من قدر المرأة، فالزوجة الصالحة لا ترقص أمام الرجال والغرباء، وهذا التصرف الذي تفشى في مجتمعات عربية وإسلامية عدة إنما هو يتعارض مع ديننا وقيمنا وعاداتنا.
ويسلط الكتاب الضوء على مكونات منزل الزوجية، داعياً إلى البساطة والتواضع وعدم المغالاة وتكبيد الزوج ديوناً كثيرة في شراء أثاث المنزل، وتحميله هو وأسرته قدراً لا يستهان من القروض بعد الزواج.
وتقدم المؤلفة جملة من الوصايا والنصائح في ليلة الزفاف، إضافة إلى بعض وصايا العرب قديماً، ومن ذلك، وصية عبدالله بن جعفر لابنته: «وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة، وأطيب الطيب الماء»، ووصية أمامة بنت الحارث لابنتها في وصيتها المشهورة: «وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموقع عينيه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح».
وأفردت المؤلفة فصلاً كاملاً للعلاقة الزوجية، بينت فيه أهميتها وفضلها من إعفاف وإحصان للفرج وغض للبصر، ثم تناول الكتاب واجبات الحياة الزوجية، وكيفية معاملة الزوج، والتودد إلى أهله بالمعروف، وعدم قطع صلة الرحم، وعدم الإسراف في الطعام والشراب، وكيفية إدارة البيت، وتجنب الخلافات، وأهمية كتمان الأسرار بين الزوجين.
واستعرضت ماهر، بين طيات كتابها، صفات الزوجة الناجحة التي ستكون قادرة بمشيئة الله على إسعاد زوجها، وهي الأمانة في الحفاظ على عرضه وماله وبيته، وعفة اللسان، والتودد إليه بطيب الكلام والفعل، والثناء عليه وتقدير شخصه، والتجمل له، وحفظ سره، إضافة إلى عدم تعكير صفو الحياة بالمطالب الكثيرة، وتجنب الغضب والعصبية والخصام والمعايرة بالمال أو النسب أو الشهادات الدراسية وغير ذلك من أمور الدنيا.
ومن أسس السعادة الزوجية كذلك، الحذر من الشك والغيرة والإساءة إلى سمعة الزوج، وأيضاً الحذر من الطموح المدمر الذي يقوم على المادية والاستهلاكية دون تقدير إمكانات الزوج، أو ادخار شيء للأيام الصعبة، بل الزوجة الصالحة هي من تؤازر زوجها وتحثه فقط على الكسب الحلال، وهي من تشاوره في كل صغيرة وكبيرة.
الكتاب المؤلف من 128 صفحة، يقدم إطلالة بسيطة وسلسلة على مشكلات الحياة الزوجية، وكيفية نزع فتيل الخلافات، والنجاة بمنزل الزوجية من النكد والهجر والتعاسة، كما تقدم المؤلفة وصفات سهلة لجني السعادة، من خلال واقع اجتماعي تعيشه عن قرب، تنقب من خلاله عما يحدث في البيوت من تصدعات لا ترضي الله ورسوله، وطرق ترميم ذلك بالحكمة والعقل حتى يعيش الزوجين في ربيع دائم.