تقدم الأخ الكريم فهد غازي العبدالجليل – مشكوراً – بإهداء مركز البحوث والدراسات الكويتية نحو 195 صورة من صور الوثائق الخاصة بأسرة «العبدالجليل»، وقد تم نشرها تباعاً في دورية المركز «رسالة الكويت» في عددي أبريل ويوليو 2013م.
ونظراً لأهميتها وعلاقتها الوثيقة بتاريخ الكويت، فقد رأي د. عبدالله الغنيم، رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، بإعداد دراسة تفصيلية تكشف عن قيمة تلك الوثائق، ووضع المهم منها بين أيدي الباحثين، رغبة من مركز البحوث في تعميم المعرفة وإتاحة الفرصة لهم لمزيد من العمل الجاد في تحليلها واقتناص الفوائد منها.ومعلوم بأن وثائق «العبدالجليل» تقدم لنا مجموعة مهمة من أوراق التملك والمواريث العدسانية التي يعود أقدمها إلى عام 1861م، وهي تعد من المصادر الأساسية للمعلومات المتعلقة بالعمران القديم، من خلال ما تشتمل عليه من مسميات الطرق والأحياء القديمة، وكذلك أسماء الأسر والعائلات التي يتكون منها المجتمع الكويتي آنذاك.
كما تقدم تلك الوثائق مادة ثرية عن حركة التجارة الكويتية في أوائل القرن العشرين، ونشاط المكاتب التجارية الكويتية في الكويت والبصرة والهند وعدن وغيرها من موانئ عالم المحيط الهندي، وتفيدنا المراسلات التجارية عن أنواع البضائع المنقولة من الكويت وإليها، وعلاقات التجار مع مالكي السفن، ونواخذة السفر الشراعي، بالإضافة إلى ذلك الإخبار عن أحوال الكويت وأخبارها السياسية والاجتماعية.
وقدمت وثائق «العبدالجليل» أنموذجاً لأسرة كويتية أسهمت في بناء هذا الوطن، وكافح أفرادها في دعم اقتصاده وازدهار أعماله؛ حتى أصبحت الكويت ولله الحمد بفضل هذه الأسرة وبفضل مثيلاتها من الأسر الكريمة الأخرى وبدعم من حكامها الراشدين، من أهم مو انئ الخليج العربي في أوائل القرن العشرين، ومركزاً تجارياً متميزاً.
نكرر الشكر للأخ الباحث فهد غازي العبدالجليل على اهتمامه بحفظ هذه الوثائق، وتقديم صورة منها للمركز، وهي مبادرة تتوافق مع دعوة المركز لجمع الوثائق الكويتية المتفرقة بين أيدي الناس، وحفظها وتيسيرها للباحثين، وغني عن البيان أن كل وثيقة تعد لبنة في تاريخ الكويت يكمل بعضها بعضاً، ويفسره ويكشف ما خفي من صفحات التاريخ، والشكر كذلك للأخ د. عبدالله يوسف الغنيم، رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، الذي قدَّم الدراسة المستفيضة وأخرجها بهذه الحلة الوثائقية الجميلة الرائعة.
وقد قسم الكتاب على النحو التالي:
– التقديم، تمهيد: أسرة العبدالجليل: نبذة تاريخية.
– القسم الأول: وثائق العبدالجليل: دراسة تحليلية.
– القسم الأول:
أولاً: وثائق العبدالجليل العدسانية.
ثانياً: النشاط التجاري لأسرة العبدالجيل.
ثالثاً: حوادث الكويت في عامي 1901 – 1902م في وثائق آل عبدالجليل.
رابعاً: متفرقات: تتناول حاجات الناس وطلباتهم الخاصة.
القسم الثاني:
الملاحق:
– الفهارس: فهرس الأعلام – فهرس الأماكن – فهرس عام – فهرس السفن.
< من هي أسرة العبدالجليل؟
تعد هذه الأسرة من الأسر العربية في الكويت، أي من تلك الأسر التي قدمت مع الأفواج الأولى التي أسست هذه البلاد، وقد اشتهر من رجالاتها القاضي أحمد عبدالله العبدالجليل، الذي تولى القضاء بعد وفاة محمد بن فيروز عام 1722م، وفي عام 1756م تنازل عن القضاء لزوج ابنته الشيخ محمد بن عبدالرحمن العدساني بعد موافقة الشيخ عبدالله بن صباح حاكم الكويت آنذاك.
وينسب إلى الشيخ أحمد العبدالجليل بناء المسجد المعروف باسم «مسجد العبدالجليل»، وقد كان من المساجد القديمة التي بنيت في مدينة الكويت في القرن الثامن عشر، وكان يقع على ساحل البحر في الحي الذي يعرف بفريج العبدالجليل الكائن غربي قصر السيف القديم، وقد هدم هذا المسجد في أوائل الستينيات وبني مكانه مسجد آخر بالاسم نفسه في منطقة الفيحاء.
امتهن رجال هذه الأسرة التجارة في وقت مبكر من تاريخ الكويت، وكان لها أسطول من السفن الشراعية يقال: إنه قد بلغ نحو ست عشرة سفينة من نوع «البغلة»، وهي من السفن الشراعية الكبيرة، وقد تنوعت تجارتهم وازدهرت وأصبح لهم نفوذ تجاري كبير وأملاك كثيرة في داخل الكويت وخارجها، وكان من أبرز أعمالهم نقل الخيل العربية وبيعها في الهند، وهي تجارة كانت تدر أرباحاً وفيرة آنذاك، بالإضافة إلى تجارة التمور التي كانت تنقل على السفن الشراعية من البصرة إلى الهند، وتعود إلى الكويت محملة بالمواد الغذائية والأخشاب والبضائع الأخرى.
وفي عام 1871م الذي يسمى عند الكويتيين بعام «الطبعة» الذي غرقت فيه العديد من سفن الكويت تعرضت هذه الأسرة لخسارة عظيمة؛ إذ فقدت سبعاً من السفن المملوكة لها، ويُعَد ذلك كارثة كبيرة، ومع ذلك فقد استمر سليمان وإخوانه وأبناؤهم في متابعة العمل التجاري، وبرز منهم النوخذة عيسى إبراهيم العبدالجليل، وابنه عبداللطيف، والنوخذة عبدالعزيز سليمان العبدالجليل.
ويتضح من الرسائل المنشورة في الكتاب أن أسرة العبدالجليل كانت تمارس أعمالها التجارية في بداية القرن العشرين بشكل مشترك، فكان كبير الأسرة آنذاك عيسى إبراهيم العبدالجليل يدير أعمال الأسرة في الكويت وأحياناً من البصرة، وأحمد العبدالجليل يدير مكتبهم في بومبي بالهند، وعبداللطيف العبدالجليل يتابع أعمال التجارة ما بين كاليكوت وخورميان، وعبدالعزيز بن سليمان العبدالجليل الذي تشير الرسائل إلى متابعته لتجارة الأسرة من براول بالهند، بالإضافة إلى داود بن سليمان العبدالجليل الذي يعاون عمه عيسى العبدالجليل في الكويت، بالإضافة إلى آخرين من أبناء الأسرة.
والحديث يطول عن هذه الأسرة الكريمة ورجالاتها وما أسهمت به في الاقتصاد الكويتي القديم، وفي بناء الكويت الحديثة، وهو أمر يحتاج من أحد أبنائها النجباء أن ينهض بتسجيله وكتابته، هذا ما أحببت أن أنقله لكم عن هذا السفر الوثائقي القيم لأسرة آل العبدالجليل.>