إن الائتلاف حتى الآن لم يعرف ما هي مهمته
ندد زهير سالم (أبو الطيب)، الناطق الرسمي باسم إخوان سورية، بالموقف الأمريكي المتخاذل تجاه جرائم نظام «بشار الأسد» بحق الشعب السوري، كما كشف خلال حواره مع «المجتمع» عن الدور الذي تؤديه «داعش» لصالح إيران، التي تخوض حرباً ضد الشعب السوري، وأوضح سالم أن «بشار الأسد» سقط بالفعل، وأن الشعب السوري يكافح من أجل الحرية التي سُلبت منه طوال العقود الماضية.. وإلى نص الحوار:
* نبدأ من حيث الفتنة الكبرى «داعش» وما أحدثته من فوضى في صفوف الثوار.. من يقف خلف «داعش»؟ ولمصلحة من تعمل؟ وهل استفاد نظام «الأسد» منهم؟
– نتيجة للحرب المعمرة المفروضة على الإسلام وأهله، فقد مضى الأمر بأن يقوم أبناء شعبنا بالتعاطف مع كل القوى التي ترفع من الإسلام راية وشعاراً.
لقد شهد العالم الإسلامي نشأة الكثير من الحركات والجماعات المنحرفة عن الموقف الإسلامي الوسطي المعتدل، كما أسَّس له الإمام الشهيد حسن البنَّا يرحمه الله تعالى منذ الربع الأول من القرن العشرين، والتزمت به المدرسة الإخوانية وأهل العلم والفقه من المسلمين.
لقد كان «تنظيم القاعدة» من أكثر التنظيمات على المستويين النظري والعملي انحرافاً عن النهج الإسلامي وإضراراً بواقع المسلمين، ولاسيما منذ مطلع القرن الحادي والعشرين.
ونتيجة للأزمة الخانقة التي عاشها هذا التنظيم، فقد دخل كثير من قياداته في مسارب مخابراتية مظلمة لا يعلم حقيقة أمرها إلا الله تعالى، إلا أنه ومنذ احتلال العراق بدأ هذا التنظيم يتجرأ على الدماء والقتل، وهو ما لم يكن يتصوره مؤسسوه الأولون.
وبين العراق وإيران والنظام الطائفي في سورية يبدو أن هذا التنظيم وقع ضحية اختراق مخابراتي أودى به وجعله أداة طيعة في خدمة المشروع الإيراني الصفوي، وسواء كان أفراده يعلمون أو أن كثيراً منهم لا يعلمون، فإن دور هذا التنظيم العام اليوم في سورية وفي العراق هو بلا شك في خدمة مشروع إيران في الدفاع عن «بشار الأسد»، وعن «المالكي».
بكل دقة أقول: إن ما يسمى «تنظيم الدولة الإسلامية» هو ذراع من أذرع إيران في المنطقة، دوره التنفير من ثورات «الربيع العربي»، والتخويف منها، وإعطاء الذرائع للتخذيل عنها من جهة، والقيام بدور خنجر الظهر من جهة أخرى.
لن ننسى دائماً أن ننادي على أصحاب النوايا الحسنة حيثما وجدوا أن يثوبوا إلى الرشد، وأن يراجعوا أنفسهم، وأن يعودوا إلى صف أمتهم.
* هل لو عاد بكم الزمن خاصة مع هذا التخاذل العربي – الدولي، هل كنتم ستتأقلمون مع نظام «بشار» وترفضون فكرة الثورة؟
– إن كل الحصاد الصعب، وتكشّف المواقف من هذا الشعب وهذه الثورة التي سماها السوريون الفاضحة؛ يؤكد أننا كلما تأخرنا في الثورة يوماً ازداد الطريق صعوبة، لا بد مما ليس منها بد، ولا خيار للشعب السوري غير هذا الخيار، وبالمناسبة فأنا واحد من الناس الذين أعطوا لسقوط «بشار الأسد» زمناً وسطياً قدَّرته بخمس سنوات، أعتقد أن «بشار الأسد» قد سقط عملياً في عامين، وأن معركتنا اليوم هي مع إيران وأذرعها الضاربة ومع الذين لا يعلمون من أبناء أمتنا العربية مع الأسف.
* المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي أثار جدلاً كبيراً، وكانت آخر تصريحاته أنه من المحتمل أن تكون المعارضة استخدمت الكيماوي.. ما تقييمك للإبراهيمي ومهمته التي فشلت في تحقيق أي مكاسب للشعب السوري؟
– الأخضر الإبراهيمي أصبح من الماضي، رجونا منه خيراً، نصحناه وبصرناه، كنت من أول من تحدث معه بعد توليه مهمته يوم كان لنا أمل فيه، مع الأسف يخرج من الميدان وفي عنقه كل هذا القدر من الدماء.
توجيهه الاتهامات للثورة السورية ظل ذريعة لإظهار نوع من الحياد الكاذب، تسويته بين الضحية والجلاد، نحن كمسلمين ننتظر حساباً أمام ميزان حساس يزن الأمور على الذرة كما يقول القرآن الكريم.
* «أمريكا تدعم نظام بشار الأسد».. هل تتفق مع هذا الطرح الذي بدأ في الانتشار مع موقف أمريكا الضعيف من جرائم «بشار الأسد»؟
– جوهر السياسة الأمريكية في سورية يتمثل في شكل المسرح الروماني يوم كان الرومان يتركون العبد المغلول اليدين يقابل الأسد الضاري، الولايات المتحدة التي تركت لـ«بشار الأسد» أن يستخدم كل الأسلحة التقليدية الثقيلة في حرب الشعب السوري، بما فيها الطيران الحربي والصواريخ الإستراتيجية بعيدة المدى والقنابل العنقودية والفراغية، ما تزال تفرض الشروط تلو الشروط على الشعب السوري الأعزل في ماهية السلاح ولونه وشكله.
وأمريكا التي سمحت للروس أن يدخلوا بكل ثقلهم الحرب إلى جانب «بشار الأسد»، وسمحت بذلك للإيرانيين ولأذرعهم من أتباع الولي الفقيه؛ من العراقيين واللبنانيين واليمنيين والأوزبك والأفغان يأتون إلى سورية كقوى منظمة مدربة (..) لا تزال تفرض شروطها على كل من يريد بجد أن يساعد الشعب السوري، بل تضيّق الخناق على من يريد أن يقدم ولو مساعدة مادية لهذا الشعب.
إن السوريين الذين يزعمون أن أمريكا هي صديقة للشعب السوري ولو بأدنى درجات الصداقة هم إما ممسوسون في عقولهم أو في قلوبهم!
* إيران تشارك بقوة في الحرب على الشعب السوري، وجناحها العسكري «حزب الله» اللبناني قلب المعادلة منذ دخوله إلى سورية وأطال أمد المعركة.. برأيك هل الدول السُّنية على قدر المسؤولية تجاه الثورة السورية؟
– أظن أنه يجب أن نتوقف عند مصطلح الدول السُّنية، ومع أنني لست مندفعاً مع هذه التسمية ولا أفضلها، ولكن إيران وحدها هي التي تعرّف نفسها في دستورها مذهبياً في المادة الثانية عشرة من الدستور على ما أذكر.
هل نترك لإيران أن تجرنا إلى سياقاتها الطائفية؟ لا أرى ذلك، بل يجب أن نرفض ذلك، ولكن رفضنا للانجرار الطائفي لا يعني أن نكون عاجزين عن الدفاع عن أنفسنا.
إيران تمتلك مشروعاً مذهبياً طائفياً متكاملاً بمواصفات المشروع الصهيوني نفسه بل وأخطر؛ لأن المشروع الإيراني يتغلغل في الجوانب من هذه الأمة.
لا أطالب مواجهة المشروع الطائفي بمثله أبداً، بل نطالب أن نواجه المشروع الطائفي القائم على التعصب والجهل بمشروع إسلامي حضاري يليق بالإسلام وأهله في القرن الحادي والعشرين، يجب أن يكون في جوهر هذا المشروع استنقاذ من يمكن إنقاذه من عامة الشيعة الذي يجّهلهم ويضللهم أئمة درجوا على الكذب والتزوير.
* مؤخراً خرج حسن نصر الله وقال: إنه كان لابد أن يشارك في قمع الثورة منذ البداية، وإنه أخطأ حينما تأخر في التدخل! ما تقييمك لهذا التصريح؟ وبأي حق يتدخل نصر الله في سورية؟
– أما بأي حق يتدخل حسن نصر الله في سورية فهو بالحق الذي حصل عليه من أمريكا، هل يظن ظانٌّ أن حسن نصر الله قادر على تحدي الإدارة الأمريكية والتدخل في سورية؟ هل كانت أمريكا ستصمت لو أن حسن نصر الله تدخل في مكان آخر مثلاً؟! هي مؤامرة دولية كما يقول «بشار الأسد» ولكن على الشعب السوري.
ولاشك أن تدخل حسن نصر الله يحدث وكذلك القوى العراقية والإيرانية تحدث خللاً بعدد وصل في مجموعه خمسين ألف مقاتل، وهم مقاتلون مختلفون بلا شك عن عصابات «بشار الأسد»، عصابات «بشار الأسد» ليسوا مقاتلين عقائديين، هم ذباب جيفة اسمها السلطة، وهؤلاء بلا شك مقاتلون من نوع آخر.
بكل تأكيد لم أكن أتمنى أن يتدخل حسن نصر الله في سورية، ليس من أجل ميزان المعركة الراهن، حسن نصر الله يؤسس في أفق للحظة شاذة لعلاقة مستدامة لن تكون في مصلحة الاجتماع السكاني بشكل عام، ولن تكون لمصلحة قاعدته البشرية بشكل خاص.
* كيف تابعت ما سُميت بـ«انتخابات الرئاسة السورية»؟
– الحقيقة لم أتابع، كان الفيلم معاداً ومكرراً وأسخف من أن يتابع.
* كان لكم موقف قوي من تهنئة الجربا لـ«السيسي».. لماذا؟
– موقفنا من تهنئة الجربا لـ«السيسي» مشتق من موقفنا من أي تهنئة توجهها جهة ما لـ«بشار الأسد» مهما تكن الذرائع، «الربيع العربي» واحد، والدم العربي واحد، بل دعني أقول: الدم الإنساني واحد، ولا يمكن للإنسان أن يكون مدافعاً عن الديمقراطية في ساحة ومدافعاً عن الاستبداد في أخرى.
* هل ترى أن الائتلاف فشل في مهمته؟
– أفضِّل أن أقول: لم ينجح، وأقول مع الأسف: إن الائتلاف حتى الآن لم يعرف ما هي مهمته، هو كالطفل الذي يقوده قائد في مهرجان فينشغل بالألوان تارة وبالأضواء تارة أخرى.
* ولكن على ذكر «الحكومة المعارضة» لا يشعر السوريون بدورها؟
– الحكومة السورية العتيدة هي في الأصل حكومة خدمات مهمتها العامة على الأرض السورية، حيث لا أضواء ولا ضوضاء، تستطيع أن تعطي بقدر ما تأخذ، لا أقول: إنها فعلت كل ما يمكن، ولكنها ليست غائبة كما يظن البعض.