شنت مشيخة الأزهر الشريف بمصر هجوماً حاداً على استمرار جرائم التنمر ضد المسلمين في الغرب، ومحاولات التغريب للأسرة المسلمة خاصة المرأة في الشرق، ودعت لمواجهة “الإسلاموفوبيا” والتعصب والتطرف بكل أنواعه.
تنمر الغرب
واتهمت المشيخة، في بيان اليوم الثلاثاء، لمرصدها الرسمي لمكافحة التطرف، الحركاتِ اليمينيّة المتطرّفةِ والجماعات المتطرّفة بممارسة التنمر؛ ما عزز الفرقة بين نسيج المجتمع الواحد والكراهية والتعصب الأعمى، وإهدار مبدأ التعايش المشترك.
وأضافت أن الحركات اليمينيّة المتطرّفة ترى في الهجرة طمسًا للهوية الأوروبية، واعتداء على قيمة الإنسان الأوروبي الأبيض؛ لذا تؤجج وتغذي خطاب الكراهية ضد المسلمين والعرب المقيمين في المناطق غير العربية.
وأكدت المشيخة أن الدولَ التي تنشطُ على أراضيها حركاتُ “اليمين المتطرّف”، أصبحت مرتعًا عالميًّا للإرهاب بسبب “الإسلاموفوبيا”، ومصدرَ إلهام لإرهابيّي الحركة العنصرية البيضاء، الذين يعتبرون أنفسَهم في حربٍ صليبيّةٍ ضدَّ الإسلام والمسلمين.
واعتبرت المشيخة عدداً من المذابح ضد المسلمين نتيجة للتنمر الغربي، وهي: المذبحة التي ارتكبها أندرس بريفيك في 22 يوليو 2011، والمُنتمي للفكر اليمينيّ المتطرّف في جزيرة “أوتويا” بالقرب من “أوسلو”، حين أطلقَ النَّار على مُخَيَّمٍ للشباب؛ ما أسفر عن مقتل نحو 69 شخصًا، والمذبحةَ التي نفَّذها ألكسندر بيسونيت على المركز الثقافي الإسلامي في “كيبك” (CCIQ)، مساء 29 يناير 2017، الذي أودى بحياة 6 مُصلّين، ومذبحة برينتون تارنت داخل اثنين من مساجد منطقة “كرايست تشيرش” بنيوزيلندا، خلال أدائهم صلاة الجمعة، التي راح ضحيتُها نحو 50 مُصلّيًا، في 15 مارس 2019.
وصنفت المشيخة عدداً من الإجراءات التعسفية في الغرب ضد المسلمين على أنها مظاهر للتنمر مثل القوانين المقيِّدة لحريّة المسلمين في المجتمعات الغربيّة، التي تتعلّقُ بحظرِ الحِجاب في المدارس والنّقابِ في الأماكن العامّة، والجدل حول ارتداء الحجاب والبوركيني، ومصاحبة الأمهات المحجبات لأبنائهنَّ في الرحلات المدرسيّة.
وانتقدت المشيخة في هذا السياق التمييز فيما يتعلق بتوظيف النساء المحجبات، والملابس الرياضيّة للمحجبات، والتغطية الإعلاميّة اليوميّة حول الإسلام وتشبيهه بالإرهاب، والكتابات الدوريّة المثيرة للجدل، التي تُغذّي بشكلٍ دوريّ النقاشات الإعلاميّة الهستيريّة حول الإسلام، والتصريحات الشعبويّة لبعض الساسة الذين يميلون إلى تبرير أعمال العنف من اليمين المتطرّف ضدَّ المسلمين بـ”الإسلاموفوبيا”، التي تُغذّي الخوف من الإسلام، والاعتداءات على الأفراد وأماكن العبادة الإسلامية التي تشارك فيها حركات اليمين المتطرّف.
مخططات غربية
وفي سياق متصل، حذر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، من أن هناك الآن مخططات ومؤتمرات وبرامج غربية ناتجة من هيمنة نظام عالمي يرى أنه الأفضل وأن أنموذجه هو الأمثل، وأنه بما يتمتع به من قوة عظمى وأموال، ومن فكر -كما يقولون– متقدم، ومن حقه أن يوجه العالم إلى أنموذجه سواء كان نموذج المرأة أو أنموذج التعليم أو الفنون أو حتى التدين.
وأوضح في أولى حلقات برنامجه الرمضاني على “التلفزيون المصري” أن هذه التيارات الغربية الوافدة تطالب الشعوب العربية والشعوب الإسلامية بأن توقع على بروتوكول أو اتفاقيات الهدف منها أن تكون المرأة الشرقية مثل الغربية تماماً، لا يراعون اختلاف الثقافات ولا يراعون اختلاف البيئات.
وأكد أن لدى المسلمين كنوزاً في تراثنا التشريعي أو الفقهي الكبير، كافية جدًا في أن تقدم المرأة المسلمة في وضع يحسدها عليه نساء العالم، موضحاً أن مشكلة المرأة في المجتمع الإسلامي في عصرنا الحالي تتضارب بين تيار يريد للمرأة الشرقية أن تكون صورة للمرأة الغربية، وتيار ثانٍ يريد أن يعود بها إلى قرون قديمة، أو يُحكّم فيها عادات جاهلية قديمة، وبين تيار ثالث وسط هو الذي يحاول أن يُظهر دور الإسلام في تحرير المرأة.
وقال الطيب: إنني ممن يعتقدون أن القرآن لا يوجد له نظير آخر لا في الكتب السماوية ولا في القوانين الوضعية حتى الآن فيما يتعلق بتحرير المرأة، سواء من ناحية تحريرها من عادات وتقاليد قديمة، أو من ناحية إعطائها حقوقها كاملة؛ وذلك في إطار احترام شخصيتها، وإنسانيتها، وإمكاناتها.
حملة دولية
وفي سياق آخر، أطلق مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، بالتزامن مع شهر رمضان المعظم، حملةً بعنوان “فتبيَّنوا”؛ بهدف توعية المجتمعات بخطورة الشائعات التي تسعى إلى خلق جوٍّ من الكراهية والغضب، والتحذير من الأهداف الخبيثة التي يسعى مروجو الشائعات إلى تحقيقها لإشاعة الفوضى بين أفراد المجتمع الواحد.
وأوضح المرصد أن الحملة ستطلق رسائلها عبر 12 لغة، وهي: الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والإيطالية، والأُردية، والفارسية، والتركية، وبعض اللغات الأفريقية، والصينية، والعبرية، إضافة إلى اللغة العربية.