العناد.. سلوك لفظي أو حركي، يعبر عن عدم رغبة الشخص في تنفيذ ما يُطلب منه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويصاحب هذا السلوك انفعال سلبي أو غير سار من خلال التوتر الذي ينشأ بسبب الخلاف بين طرفي العناد.
في مرحلة الطفولة، يظهر سلوك العناد لدى الأطفال بشكل واضح، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة (2 – 6 سنوات)، التي تظهر فيها نوبات الغضب المصحوب بالاحتجاج اللفظي، والأخذ بالثأر أحياناً، خاصة عند حرمان الطفل من إشباع بعض حاجاته، وفي مواقف الإحباط أو الصراع، وتصبح كلمة “لا” سماعها معتاد من الطفل تجاه طلبات الوالدين منه.
وهذا العناد يؤدي إلى توتر العلاقة بين الآباء والأولاد، وربما يصبح عائقاً للتواصل الجيد بينهم، وقد يترتب عليه العديد من المشكلات المستقبلية لدى الأولاد، فكيف يتعامل الآباء مع هذا السلوك بطريقة ناجحة؟
تفهم واستجابة
1- استجب لطلباته المعقولة:
استجب لطلبات طفلك المعقولة والمقبولة، وتجنب كثرة اللاءات والمرفوضات التي تُضيّق الخناق عليه وتدعوه للعناد؛ لأن بعض الأطفال عند رفض طلباتهم وسماعهم لكلمة “لا” بشكل متكرر يظنون أنهم هم المرفوضون وليس طلباتهم، فيشعرون بالضعف، ويحاولون تعزيز قوتهم بسلوكيات قد تبدو مزعجة مثل العناد.
2- لا تتوقع استجابة فورية:
لا تتوقع من طفلك تنفيذ ما تطلبه منه بشكل فوري، واترك له مساحة من الوقت لتنفيذ طلباتك.
3- تفهم موقفه:
احرص على تفهم موقف العناد من خلال وجهة نظر طفلك، إما بتحليله أو بسؤاله مباشرة وبهدوء: لماذا لا تريد هذا الأمر؟ أو لماذا فعلت ذلك؟ أو مثلاً: إذا أخبرته أكثر من مرة أن يظل هادئاً في وجود الضيوف، ولم يمتثل لطلبك، فمن المهم هنا أن تفهم الموقف؛ فهو طفل صغير، يحب اللعب ويحب جذب الانتباه إليه، فتعامل مع الموقف على هذا الأساس ولا تعاقبه.
4- مراعاة حاله:
راعِ الحال والظروف التي عليها طفلك حين تطلب منه القيام بعمل ما، وتجنب وضعه في ظروف ومواقف تكون استجابته المتوقعة فيها رفض ما يُطلب منه، كأن تطلب منه أن يرتب حجرته وهو متعب أو مستغرق في اللعب أو في مشاهدة برنامجه المفضل، ففي الغالب سيكون رد فعله هو الرفض.
تعامل هادئ
5- ملاحظة سلوكياته:
لاحظ سلوكيات طفلك ورغباته، وما يُقبل عليه وما يرفضه، وما احتياجاته، وهل يقول: “لا” لكل ما تطلبه منه، أم لأمور محددة مثل نوع معين من الأكل أو الذهاب إلى النوم مبكراً أو ارتداء ملابس معينة في أوقات معينة؟ وهل طريقتك في طرح ما تريد دائماً هي الأوامر، هذا الأمر يحتاج منك لملاحظة دقيقة لتتفهم لماذا يصدر منه هذا السلوك.
6- الهدوء وضبط الانفعال:
تحلَّ بالهدوء واحرص على ضبط انفعالاتك في التعامل مع عناده؛ لأن مقابلة العناد بعناد مثله أو بالصراخ يأتي بنتيجة عكسية، وإذا ما شعرت بأنك بدأت الدخول في نوبة من الغضب تجاه عناد طفلك، فاحرص على القيام ببعض الأعمال التي تساعدك على استعادة توازنك الانفعالي، مثل:
– الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
– الإكثار من ذكر الله تعالى.
– أخذ نفس عميق وبطيء لعدة مرات.
– العد تنازليا من 10 إلى 1.
– تغيير الوضع الذي أنت عليه، من الوقوف إلى الجلوس، ومن الجلوس إلى الاتكاء.
– المسارعة إلى الوضوء.
7- تغيير موضوع العناد:
غيّر موضوع عناد طفلك واشغله بشيء آخر إذا كان صغيراً، وناقشه وتفاهم معه في مناخ من الود والحب إذا كان كبيراً.
8- تعزيز استجابته:
فعندما يستجيب لما تطلبه منه، فمن المهم أن تمتدح هذه الاستجابة وتشكره عليها، فهذا يدفعه ويشجعه على تكرارها في مواقف أخرى.
عوامل خفض العناد
9- علاقة دافئة:
وفّر لطفلك أجواءً أسرية يسودها الحب والتعاطف، واحرص على مد جسور العلاقات الدافئة معه، فالعلاقة الإيجابية بين الأبوين والطفل تؤدي دوراً أساسياً في بناء شخصيته بشكل عام، وفي إيجاد قنوات للتواصل والتفاهم بينهم بشكل خاص، وهذا بدوره يقلل تمرد الطفل وعناده.
10- روتين يومي:
احرص على وضع نظام عام وروتين يومي يلتزم به كل الأطفال في البيت، مع مراعاة أن يقوموا بوضعه معك، وأن يكون مناسباً لطبيعتهم ولظروفهم التي قد تختلف في أيام الدراسة مثلاً عن أيام الإجازات، مثل: موعد النوم والاستيقاظ، ما ينبغي القيام به بعد الاستيقاظ، أوقات مشاهدة التلفزيون، غسل اليد قبل الطعام وبعده.. إلخ، فهذا يساعد على تعود الطفل على القيام ببعض الأمور بصورة معتادة ودون الدخول معه في نقاشات وجدالات.
11- البدائل والخيارات:
استخدم أسلوب البدائل والخيارات؛ أي لا تطلب منه ما تريده بشكل مباشر، كأن تقول له: اشرب اللبن، أو كل الأرز، أو غير ذلك، لكن امنحه فرصة ليختار بين أمور عدة، كأن تقول له: هل تريد شرب اللبن قبل الأكل أم بعده؟ هل تريد أكل الأرز في الطبق الأخضر أم الأحمر؟ فهذه الخيارات تشعره بذاته، وأنه صاحب القرار، وبالتالي ستكون استجابته أفضل عما لو طلبت منه هذه الأمور بشكل مباشر.
12- الاتفاقات المسبقة:
استخدم معه أسلوب الاتفاقات المسبقة، وذلك بالجلوس معه في جلسة ودية، وفي وقت ليس فيه توتر أو شد وجذب بينك وبينه، واعقد معه اتفاقاً حول أمر ما؛ كأن يرتب ألعابه بعد الانتهاء من لعبه، فيتعلم الاتفاق وتنفيذه، وهذا يساعد على التقليل من رفضه وعناده، مع مراعاة أن توضح له إيجابيات القيام بهذا الأمر المتفق عليه وسلبيات عدم القيام به، وأن يكون هذا الاتفاق واضحاً ومحدداً، ويوافق هو عليه، كما يفضل أن تكون صيغة الاتفاق إيجابية، مثل: “أن ترتب لعبك بعد اللعب بها” وليس: “لا تترك لعبك مبعثرة بعد اللعب».
13- تجاهل بعض أخطائه:
تجاهل بعض سلوكيات طفلك الخاطئة التي لا تضره أو تضر غيره، التي لم يدرك أنك رأيته وهو يقوم بها، فالتعليق المستمر على أخطائه ربما يعزز سلوكه السلبي، بينما يساعد التجاهل على التقليل من إحساسه بالتحدي، وقل لنفسك: إنه ما زال طفلاً يحتاج أن يتعلم الصواب والخطأ والمقبول والمرفوض، ومن الطبيعي أن يكون كثير الأخطاء.
14- طلبات محددة:
احرص على أن تكون توجيهاتك وطلباتك لطفلك واضحة ومحددة، فمثلاً قل له: “ضع الألعاب في مكانها والوسادة على السرير”، بدلاً من “نظم حجرتك”.
15- تجويد طريقة الطلب:
احرص على تجويد الطريقة التي تطلب بها من طفلك بعض الأمور، فكلما كانت الطريقة التي تطلب بها منه أمراً ما جيدة وفيها احترام لشخصه ولقدراته؛ كانت استجابته الإيجابية أفضل، والعكس صحيح، فمثلاً إذا قلت له: “أنت ممتاز في ترتيب المائدة ووضع الصحون في مكانها الصحيح، فهل يمكنك مساعدتي؟”، فمن المتوقع أن تكون استجابته أفضل عما إذا قلت له: “قم بوضع الصحون في المائدة”.
خطوط حمراء
16- عدم الاستجابة لضغطه:
لا تستجب لطلباته المصحوبة بالضغط عليك عن طريق البكاء أو الغضب أو غيرهما؛ لأن الاستجابة له في هذه الحالة سترسخ في نفسه أن العناد والإصرار على ما يريد وسيلة مناسبة وناجحة في تحقيق ما يريده.
17- لا للتعارض بين الوالدين:
احذر من وقوع التعارض بين توجيهاتك وتوجيهات الطرف الآخر لطفلك، كأن يشجعه الأب على القيام بسلوك ما، بينما تقابل الأم هذا السلوك بالرفض أو العكس، فهذا يوقع الطفل في حيرة، ويشعره بالإحباط لعدم قدرته على إرضاء والديه، وربما يقرر حينها أن ينفذ ما يراه هو ويصر عليه، فيسهم هذا في تدعيم سلوك العناد لديه، فضلاً عما قد يصيب شخصيته من آثار سلبية أخرى.
18- تجنب المقارنة:
تجنب مقارنة طفلك بغيره من إخوته أو أقرانه؛ لأن المقارنة تؤدي إلى العديد من الآثار السلبية على شخصية الطفل، ومن بينها العصيان والتمرد على ما تطلبه منه.
19- لا تحاصره باللوم:
لا تحاصر طفلك باللوم والعتاب والتأنيب والعقاب؛ فهذا يشعره أنه منبوذ، ويولد لديه النفور والرفض لما توجهه إليه، ويعتبرها سبباً لإزعاجه وإيذائه.
20- لا تصفه بالعنيد:
تجنب وصف طفلك بأنه عنيد؛ لأن ذلك يدعم ويؤكد سلوك العناد لديه.