كنت أتسلل فجراً إلى سطح المبني في الصقيع، وكنت أشعر ببرد قارس ، وكثيراً ما تنتهي صلاتي وقد غطاني الثلج.
ملتقى نسائي يضم جنسيات مختلفة على هامش مناسبة كريمة في إحدى الدول العربية، لفت نظري إحداهن تحمل ملامح غير عربية، وتتكلم العربية بطلاقة مثل أهلها إن لم يكن أفضل من حيث اللغة العربية الفصحى، ألقيت عليها التحية وتعرفت عليها تعارفاًًًًً عابراً بسبب الجو العام للمكان، ذكرت لي أنها من روسيا؛ حيث جبال القوقاز، وانشغل كل منا بتحية بقية الحشد، والتعرف عليهن، ولكن عينيّ ظلت ترقبها، ونفسي تتوق إلى محادثتها، وانتهى اليوم. بعد وصولي لغرفتي بالفندق، وذاكرتي تستعرض يومي على عجالة، وجدتني أيضاً أتوقف عند هذا الوجه متسائلة: ترى من تكون هذه المرأة؟ وما الذي جاء بها إلى هنا؟ سمعت أذناي طرقاً خفيفاً على الباب، هرولت قدماي، وفتحت يداي، ليتسمر بصري على نفس الوجه، بابتسامة تعلوه تستأذن في الدخول، وعلى الفور كان الترحيب، وكأني كنت على موعد معها، وأنتظر قدومها، دلجتْ سريعاً، واستأذنت في صلاة العشاء، واتجهت إلى القبلة تكبر وتصلي، وقد ملأت علامات الاستفهام فضولي.
بعد أن طوت سجادة صلاتها، جلست على الأريكة أمامي بوجه مشرق، وهي تقول: لم أتعب كثيراً في البحث عن حجرتك، فقد وددت أن أتعرف عليك، وذكرت على الفور اسمها وبلدها وتبادلتُ معها التعارف، ونفسي تود المزيد.
بداية الحكاية
قالت: أنا أصلاً مسلمة من القوقاز بروسيا، وكل أهلي مسلمون، بل كان جدودي وأيضاً والدي من العلماء، استيقظ أبي على يوم دموي قُتل فيه أبوه وجده، وكل من يسمى عالماً في قريتنا، وكان أبوه وجده قد أخفيا كل الكتب التي يعلِّمون الناس منها في قبو منزلنا.
أصبح أبي بعد فترة من الزمن هو العالم الوحيد بالقرية، فقط من أجل إجراء مراسم الزواج والطلاق للمسلمين، ويذكرهم أن هلال رمضان بدأ في الظهور، وأن العيد بدأ، ولكن لا يجرؤ على ذكر أية تعاليم للإسلام، حتى نحن أولاده؛ خوفاً علينا من بطشهم، ومات والدي وترك لأمي خمسة من الأيتام، ودلجت أمي بأيتامها الخمسة إلى حيث القبو، وفي القبو بعيداً عن أعين الناس حتى المسلمين منهم علمتنا الصلاة، وقامت بتحفيظنا فقط سورة «الفاتحة»، وسورة «الإخلاص»، مع كل التحذيرات ألا تكون صلاتنا علنية أمام أي مخلوق.
كانت أمي تروي لنا عن العرب كقمم لدنيانا التي نعيشها، وكشعاع شمس في يوم حالك الظلام، وبالطبع كان الحكم الظالم قد غيَّبنا عن كل العالم المحيط بنا، فلم نكن نعلم إطلاقاً ما يحدث فيه منذ عشرات السنين.
الالتحاق بالجامعة
وأنهيت دراستي الثانوية، والتحقت بالجامعة في روسيا، مع بداية سقوط الاتحاد السوفييتي.
كان الزيّ الذي أرتديه مختلفاً عن زيّ زميلاتي من النساء، اللاتي كن يرتدين ملابس غير محتشمة، وأنا أرتدي ملابس محتشمة، ولكني – بعزة – أصررت على ملابسي، بالرغم من التعليقات التي تحيط بي من كل صوب وجهة.
سكنتُ مع روسيتين في حجرة واحدة بسكن خاص بفتيات الجامعة، وأصبحت أعاني من مشكلة كبيرة لأول مرة تواجهني، كيف سأصلي؟ بالطبع كان لدي فكرة خاطئة أن روسيا متحررة، ومن حق الإنسان أن يعتقد ما يريد، ويباشر عباداته بدون تضييق، ولكن ما كان في خيالي كان بعيداً جداً عن الواقع، فمجرد تكبيري للصلاة وشروعي فيها، احتجت الطالبتان الروسيتان، فكانت الواحدة منهما تتعمد فتح التلفاز، أو الراديو بمجرد شروعي في الصلاة، حتى جاء يوم لم أعد أطيق فيه هذه المعاملة، وبعد انتهاء الصلاة توعدتهن – بما يعلمن من شدة القوقازي وحميته – بما لا يحمد عقباه، وبالفعل تركاني وشأني، ولكن في صلاة الفجر رفضتا تماماً أن أؤديها بنفس الحجرة، فكنت أتسلل فجراً إلى حيث سطح المبني في الصقيع، ليتراكم الثلج من حولي، وكنت أشعر ببرد قارس مهما ارتديت من ثياب، وكثيراً ما تنتهي صلاتي وقد غطاني الثلج.
العثور على مسجد
ومرت أيامي، حتى رثت لحالي حارسة المبنى، فدلتني على مسجد للمسلمين وأنا لا أكاد أصدق ما أسمع، وكتبت لي عنوانه في ورقة دستها في كفي، ولم أنتظر للغد بل هرولت على العنوان، وقد كان بعيداً، ولكني لم أشعر أبداً ببعد المسافة، فقد كان شوقي إليه يطوي بُعد الطريق طياً، ووصلت، فإذ بحارسة المكان تُلقي عليَّ تحية الإسلام: «السلام عليكم»، أمسكتها من كتفيها متسائلة: أأنت مسلمة؟! فأجابت بالإيجاب، وأدخلتني إلى المسجد مرحبة، دخلت مبهورة فإذا هم في صلاة الظهر جماعة، وبالطبع لم أدرِ ماذا يفعلون! فهذه هي المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها صلاة جماعة، وكانت المصليات عدة نساء مسنات، أكبر من سن أمي، وصليت بمفردي، وبعد انتهائي من صلاتي رأيت فتاتين في مثل سني تتجهان إليّ، بوجه بشوش جميل الطلعة، وسألتاني: لماذا لم تصلي معنا جماعة؟ فأجبت ببراءة: لا أعرف كيف أصلي جماعة.
تعارف
عرفتني كل واحدة عن نفسها، وكانت المفاجأة أنهما طالبتان معي في نفس الجامعة، بل في نفس الكلية، وأنهما عربيتان، إحداهما من الكويت، والأخرى من تونس، وكان لباسهما ساتراً فضفاضاً مع طرحة طويلة تغطي الجزء العلوي من جسديهما، وعندما علمت أنهما من بلاد العرب، بكيت فرحة مغتبطة، هل تعرفان سورة «يس»؟ هكذا سألتهما، وكنا نقرؤها فقط على الموتى، قالتا: نعم نعرفها، ونحفظها، حينها أخذت أحتضن كل واحدة منهما على حدة، وأنا أبكي.
وأكملت تقول: قلت لهما بفضول كسا كل ملامحي، وصبغ كل تحركاتي: ما هي بالله عليكما «يس»؟ قالت إحداهن بهدوء شديد: هي مجموعة من القصص لها عبر عظيمة يستفيد منها الإنسان في حياته، ثم نظرت إلي قائلة: ليتك تأتين إلى منزلنا فأنا وأختي في مسكن خاص بمفردنا لنشرح لك السورة تفصيلياً.
وطوال الطريق وأنا لا أفعل سوى الإنصات بكل حواسي وليس حاسة الأذن فقط، حتى لا يفوتني حتى رمش عين ممن تحكي لي عن «يس»، وكأنها أخذتني إلى حيث السماء ذات الحبك، ووصلنا إلى منزليهما.. وجاء وقت صلاة العصر، فتعلمت منهما كيف تكون صلاة الجماعة، وصليت معهما لأول مرة في حياتي صلاة العصر جماعة.. وودعتهما على وعد بزيارة أخرى في إجازة نهاية الأسبوع.
كنت أكتب في خلال الأسبوع كل ما أريد من أسئلة لسؤال الأختين عنها حين اللقاء.
الزلزلة الأولى
وهكذا استمرت صداقتنا حيث أصبحتا تمثلان كل عمري وأيضاً مستقبلي، وفي يوم سافرت الأخت الكويتية إلى الكويت بسبب وعكة صحية ألمت بها، وكانت الزلزلة الأولى، فقد تم فصلها من الكلية وسط اندهاش الجميع، ولم يبقَ معي سوى الأخت التونسية، كان الجو قد ازدادت حرارته، وهي تصر على ارتداء زيها، وكنت أعيب عليها ذلك، فالجو حار وستنبعث منها رائحة العرق، فقالت لي مندهشة: هل شممت مني رائحة عرق؟ فأجبت بالنفي، ثم شرحت لي وهي مكرهة، وكأنها لم تكن تريد الإفصاح عن هذا: إن هذا هو أمر الله، ورددت على مسامعي آية الحجاب: {$ّقٍل لٌَلًمٍؤًمٌنّاتٌ يّغًضٍضًنّ مٌنً أّبًصّارٌهٌنَّ $ّيّحًفّظًنّ فّرٍوجّهٍنَّ $ّلا يٍبًدٌينّ زٌينّتّهٍنَّ إلاَّ مّا ظّهّرّ مٌنًهّا $ّلًيّضًرٌبًنّ بٌخٍمٍرٌهٌنَّ عّلّى جٍيٍوبٌهٌنَّ}(النور:31)، وكأن بركاناً انفجر في رأسي، وأخذت أعتب عليها، لماذا تركتيني هكذا؟ لماذا لم تشرحي لي؟ وعلى الفور قمت بتفصيل ملابس تليق بما شرحت لي من لباس إسلامي.
خبر كالصاعقة
ولم تنقضِ عدة أيام على لباسي الإسلامي الشرعي، إلا وصديقتي تتصل بي: أريد أن أراكِ قبل سفري، فقد تم فصلي من الكلية وأستعد للسفر، ونزل على مسامعي الخبر وكأنه الصاعقة، أخذت أهرول، وأجري كمن يفر من قسورة تلحقه، ودموعي تتناثر عن يميني وشمالي ومن خلفي، حتى وصلت إلى حيث منزلها فتحت الباب، فارتميت بأحضانها، هي تبكي وأنا أصرخ، فهدأت من روعي كعادتها دوماً، وقالت لي: نحن عند قدومنا لروسيا للدراسة، جعلونا نوقع على ورقة ألا نختلط فيها بالروس، وعندما رأيناك، وأنت المسلمة التي لا تعلم عن الإسلام إلا القليل القليل، قررت أنا وزميلتي أن نعينك مهما كانت العواقب، ولا بأس نحن يمكننا الذهاب إلى رومانيا أو أوكرانيا، ولكن المهم أنت لا يصلون إليك، فقد خرقت القانون ولابد وأنهم الآن يلاحقونك، قلت بدهشة: أي قانون هذا؟ قالت: في هذه البلاد قانون يمنعك من الاختلاط بالأجانب.. لم أهتم بالقانون فقد حمدت الله أني كنت به جاهلة قبل التعرف عليهما.
ذهبت معها إلى المطار وأنا لا أبالي ولا أخشى أحداً، وجلست بالمطار وكأني في عزاء لا أكف عن البكاء بل والنحيب بصوت مسموع، فقد طارت روحي من جسدي، هكذا كان شعوري، ورجعت بخفي حنين منهزمة، محطمة.
لا أدري كيف مرت الأيام حتى إجازة الربيع.
إنعاش عائلي
كان لابد من إنعاش عائلي يرد لي الحياة التي فقدتها، وبالفعل سافرت إلى حيث يقطن أهلي، وعندما رأوني بثيابي الإسلامية، أخذ هذا الأمر بجل اهتمامهم فلم يلاحظوا ذبول رونق وجهي، ولا نقص وزني، قامت الدنيا ولم تقعد وكأ ني جلبت لهم عاراً، فجلست مع أخي الأكبر وشرحت له كل شيء، فتعاطف معي ولكنه كان قلقاً عليَّ من رجال الأمن والملاحقات، ثم تعاطف معي الجميع بعد ذلك، إلا أختي وأمي.
من رحمة الله عليَّ أنه كانت في زيارتنا في ذلك الوقت إحدى قريباتنا التي أرادت أن تخفف التوتر الذي حل بالمنزل، فألحت على أمي أن أذهب معها لتلقي القرآن مع بناتها في بلدها، وكان في ذلك الخير فقد أراد الله برحمته أن أتعلم التلاوة الصحيحة، وأن أحفظ الكثير من القرآن، ومن ناحية أخرى فكل ما تعلمته من الفتاتين العربيتين كنت أعلمه لهن، وسط اندهاش شديد منهن يوضح مدى ما فعلته فينا تلك السلطة من تغييب عن تعاليم وتطبيق الإسلام.
الرجوع للدراسة
مرت الإجازة سريعاً، لأرجع مرة أخرى إلى دراستي، ولكن مع عيون تسير معي أينما سرت، وفي أي مكان اتجهت، كنت أتعمد عدم ركوب المترو لأعلم لمن تكون هذه العيون المتلصصة، فيمكث بالمحطة معي عدة أفراد وتكرر هذا المشهد مع نفس الأفراد، وفي يوم ركبت المترو فركبوا معي، وعند الإعلان عن تحركه قفزت بسرعة، وأيديهم متشبثة بزجاج المترو من الداخل وعيونهم تكاد تقفز معي، فعلمت يقيناً أني ملاحَقة، وخشيت من الاعتقال وتلفيق تهمة الجاسوسية لي، أو اتهامي بالجنون، أو الافتراء عليَّ بأي أكاذيب، يلقون بي على أثرها في جب عميق يحسنون اسمه فيلقبونه بالاعتقال، فقررت ترك دراستي والهرب سريعاً من هذا المكان، وسافرت إلى حيث العائلة التي تعلمت معها القرآن الكريم، وهناك علمت من رب الأسرة وكان يعمل بالشرطة أن صورتي قد تم توزيعها عليهم للبحث عني، ونصحني ولده بسرعة الذهاب إلى أهلي وتم إعداد كل شيء لرحيلي، وتركوني على مشارف قريتي.. ووصلت منزلنا وقد فزعت عائلتي كما توقعت من وجودي في غير وقت إجازات، وقصصت عليهم القصص، وأنا تأخذني سِنَة من النوم من التعب في كثير من الوقت.
زواجي
بعد عدة أيام جاء الشيخ الذي كان يعلمني القرآن الكريم للقاء أخي وأطلعه على رسالة جاءته من شاب عربي بكلية الهندسة في نفس جامعتي، وقرأها عليه: الفتاة القوقازية التي تبحث عنها الشرطة أنا مستعد أن أقترن بها والسفر بها إلى بلدي لإنقاذها، فقط قل لي: من هي؟ وهل تزكيها وعائلتها؟ وقال لأخي: إني زكيتكم جميعاً، وسألت عن الفتى فعلمت أنه ملتزم إسلامياً ولا غبار عليه، فما رأيك؟ دخل أخي إلى مكاني وقد احمرَّ وجهه غضباً، وهو يقول: كيف عرفت هذا الشاب؟ وكيف عرفك؟ فأقسمت له أني على العهد باقية، وأبداً لم يكن بيني وبين أي شاب أي تواصل على الإطلاق، ولكني تذكرت الفتاتين العربيتين فقد كانتا تتحدثان مع بعضهما بعضاً أن شاباً من دولة عربية، ملتزم، حسن الخلق.. طلبت من أخي الحديث إلى الشيخ فأكد ما قلت، وذكر أن الشاب لم يرَ سوى صورتها فقط، فأمهل أخي ليفكر في الأمر، وسألني بدوره التفكير والرد عليه، بعد أن أقنعه الشيخ أن الإسلام ليس له جنسية، وجلست أفكر وأستخير بما تعلمت، ففي بلادي هذه التي أعيش فيها لابد لي من وضع قنينة الخمر على صدارة المائدة إكراماً لأي ضيف، وأيضاً السكين في المحلات التي يقطعون بها زبدة الخنزير هي نفس السكين التي يقطعون بها الزبدة الحلال، ولا أستطيع اصطحاب سكين معي إلى المحلات، بل إن لحم الخنزير مكتوب عليه في المحلات «ذبح حلال»، وأيضاً الخمر مكتوب على «قنيتها حلال».
أضافت موضحة: تذكّري أن هذه الأحداث وقعت في الثمانينيات من القرن الماضي، وعندها قررت الزواج من الفتى العربي في وسط اندهاش كل من حولي، فنحن في القوقاز لا نتزوج سوى من بعضنا.
الخروج من روسيا
خرجت من روسيا لأول مرة في حياتي يصطحبني زوجي حيث يقيم، وقد تعبت كثيراً في أول حياتي الزوجية، فهم يعيشون بمنزل واحد زوجي وأهله وعائلته، وطوال اليوم أرتدي الحجاب، لوجود إخوته الذكور حتى في أيام الحر الشديد جداً حيث كان جسدي يمتلئ بحبوب الحساسية، والحمام كان مخيفاً، والمطبخ كان بالنسبة لما اعتدت عليه مأساوياً، فقد كان زوجي يعيش وأسرته في قرية متواضعة ومنزل فقير.
كنت أنتظر بعد يوم عمل شاق بالمنزل مساعدة لأم زوجي، أتسلل إلى سطح المنزل، أبكي وأطلب من الله المعونة، فقد هاجرت من بلدي من أجله وحده، وسبحان الله فقد مرت الأيام سريعاً وأصبح لي مسكن خاص، مع تكييف لكل المنزل، وفتح علينا سبحانه من أبواب رزقه، وانهار الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينيات (1991م)، ورجعت إلى روسيا وأتممت دراستي الجامعية.
وكل شيء بالله أصبح ميسراً كريماً، أسبوعياً ألتقي بالجالية الروسية من المسلمين في بلد زوجي لأعلمهم ما يجهلونه من الإسلام.
ثم نظرتْ لي وقالت: لقد رغبت أن أروي لك قصتي حباً ومودة، وبدوري استأذنت منها أن أرويها لكم بعد أن يسَّر الله لي أمر التعرف عن قرب على إخوة لنا مسلمين يسكنون بجبال تسمى القوقاز؛ لعلنا نقترب من معاناتهم وجهادهم ليتعرفوا على الدين الحنيف مع ما كانوا فيه من التضييق والمعاناة، فطوبى لهم مسعاهم، وحسن مآب لهم في أخراهم.