يقوم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، بزيارة رسمية إلى الكويت يلتقي خلالها سمو أمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح.
وذكر بيان صادر عن المركز الإعلامي للرئاسة التركية، أن أردوغان والصباح سيعقدان اجتماعين، الأول ثنائي، والثاني موسع على مستوى وفدي البلدين.
وأشار إلى أن الجانبين سيبحثان العلاقات الثنائية ومستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.
وتحمل زيارة الرئيس التركي للكويت والقمة المرتقبة خلالها دلالات ومؤشرات هامة في توقيتها وأبعادها وبرنامجها لعدة أسباب، أولها أن القمة المرتقبة بين الجانبين هي الثانية خلال شهرين، بعد القمة التي جمعتهما خلال زيارة أمير الكويت لتركيا خلال الفترة من 20 إلى 22 مارس الماضي.
كما يعد هذا اللقاء الرابع بينهما خلال عامين، بعد الزيارة التي قام بها الصباح في أبريل 2016 للمشاركة في قمة التعاون الإسلامي بإسطنبول، والزيارة التي قام بها أردوغان للكويت 28 أبريل 2015.
وتعكس تلك القمم المتتالية والزيارات المتبادلة، في وقت قريب وقصير، الحرص المتبادل بين الجانبين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود باستمرار، كما تسهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين الجانبين في مختلف المجالات.
وهو ما تم ترجمته عبر ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى 1.287 مليار دولار عام 2016 ، وارتفاع عدد السياح الكويتيين إلى 210 ألف خلال الـ15 شهر الماضية.
وفي مؤشر على أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين بما يصب في صالح شعبيهما، والشراكة في النهضة والتنمية، يشهد برنامج الزيارة مشاركة أردوغان وأمير الكويت في مراسم وضع حجر أساس مبنى الركاب الجديد في مطار الكويت الدولي، الذي يعد أكبر مشروع تفوز بها شركة تركية في الخارج بمفردها.
القمة المرتقبة تأتي أيضا قبيل القمة التركية الأمريكية المرتقبة خلال الزيارة المقررة لأردوغان لأمريكا يومي 16 و17 مايو/أيار الجاري؛ والقمة الخليجية الأمريكية المرتقبة خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للسعودية 23 مايو الجاري، الأمر الذي يزيد من أهمية القمة التركية الكويتية لتنسيق المواقف بين الجانبين، تجاه قضايا المنطقة ولا سيما الأزمة السورية .
ويتوقع أن يبحث الزعيمين خلال قمتهما إنشاء مناطق آمنة في سوريا ومكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي.
أيضاً تعد القمة المرتقبة خامس قمة تركية خليجية خلال 3 شهور، بعد القمم التي جمعت أردوغان بقادة البحرين والسعودية وقطر خلال جولته الخليجية من 12 إلى 15 فبرير الماضي.
وفي التقرير التالي تستعرض “الأناضول” إطار العلاقات المتنامية بين البلدين وأبرز مظاهر قوتها:
تركيا والكويت.. 4 لقاءات في عامين
4 لقاءات جمعت الرئيس التركي وأمير الكويت خلال العامين الماضيين، من بينها القمة المرتقبة اليوم، والقمة التي جمعتهما قبل شهرين خلال زيارة أمير الكويت لتركيا خلال الفترة من 20 إلى 22 مارس الماضي، ولقاء أمير الكويت مع الرئيس التركي في مدينة إسطنبول في 14 أبريل 2016، وذلك على هامش قمة التعاون الإسلامي.
وكان اللقاء الأول خلال العامين الماضين، خلال الزيارة التي قام بها أردوغان للكويت، في 28 أبريل 2015، وأجرى خلالها قمة مع أمير الكويت، تركزت حول تطوير العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، فضلًا عن بحث ملفات إقليمية مثل اليمن، وسورية، والعراق، وليبيا، والقضية الفلسطينية.
وحظيت قمة أنقرة في مارس الماضي، بأهمية كبيرة من بين تلك القمم قياسا لما شهدته من مباحثات واتفاقيات، وتقارب كبير بين الجانبين، تم التعبير عنه عبر قيام أردوغان بتقليد أمير الكويت، وسام الدولة التركية، وقيام الصباح بتقليد الرئيس التركي، قلادة “مبارك الكبير” التي تعد أبرز وسام للدولة في الكويت.
أيضا تم خلال الزيارة توقيع ست اتفاقيات ومذكرات تفاهم، شملت 3 اتفاقيات تتعلق بمنح كويتية تقدم إلى بلديات بعض الولايات التركية التي تستضيف لاجئين سوريين، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري، وأخرى للتعاون في مجال السياحة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية.
العلاقات الاقتصادية.. قفزة نوعية
القمم المتتالية بين الجانبين، انعكست بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية التي تشهد تطورا سريعا، حيث شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين قفزة نوعية فبعد أن كان يتراوح بين 600 و700 مليون دولار قبل سنوات ارتفع إلى 1.287 مليار دولار عام 2016 .
كما أن حجم التبادل التجاري بين البلدين في الربع الأول من العام الحالي وصل إلى 152 مليون دولار مسجلا زيادة بنسبة 17 % مقارنة مع نفس الفترة من عام 2016.
وعلى الصعيد السياحي تعد تركيا إحدى أبرز الوجهات السياحية للكويتيين إذ ارتفعت أعدادهم إلى حوالي 180 ألف في عام 2016، مقارنة مع 20 ألف سائح عام 2010.
كما زار 30 ألف كويتي تركيا في الربع الأول من عام 2017.، ما يعني ان 210 الف كويتي زاروا تركيا خلال الـ 15 شهرا الماضية.
ويتوقع أن يتزايد هذا العدد بشكل أكبر بعد اتفاقية التعاون في مجال السياحة التي وقعها البلدان أثناء زيارة أمير الكويت الى أنقرة في مارس الماضي.
أيضا على صعيد الشراكة في المشروعات الكبرى، من المقرر أن يشارك أردوغان وأمير الكويت اليوم في مراسم وضع حجر أساس مبنى الركاب الجديد في مطار الكويت الدولي، الذي يعد أكبر مشروع تفوز بها شركة تركية في الخارج بمفردها.
واعتبر أردوغان في تصريح له أمس حضوره لمراسم وضع حجر الأساس لمشروع مطار الكويت الدولي الجديد والذي ستتولى بنائه شركة “ليماك” القابضة التركية فخراً كبيراً بالنسبة له من حيث التأكيد على المستوى المتقدم الذي وصلت إليه الشركات التركية على الصعيد العالمي.
ونجح تحالف “ليماك” التركية والخرافي ناشيونال، بالفوز بمناقصة إنشاء وإنجاز وتأثيث وصيانة مبنى الركاب الجديد بمطار الكويت الدولي، أغسطس 2015، بقيمة إجمالية تبلغ 4.33 مليار دولار، ويعد هذا أكبر عقد فاز به مقاولون أتراك في حزمة واحدة بالخارج.
وأعرب الرئيس التركي في تصريحاته أمس عن أمله في مشاركة أكبر للشركات التركية في إنجاز مشاريع البنية التحتية التي تتطلع الكويت إلى تحقيقها في إطار خطتها التنموية لعام 2035 .
وأشار إلى أن البلدين يمتلكان طاقات كبيرة لتطوير علاقاتهما في الاستثمار والتجارة والصناعات الدفاعية والسياحة وغيرها من المجالات.
وأعرب عن أمله في زيادة الاستثمار المتبادل واستعداد تركيا لتبادل تجاربها مع الكويت في مجال الصناعات الدفاعية الذي يعد من مجالات التعاون الإستراتيجي.
استثمارات كويتية متنامية
وتنشط الهيئة العامة للاستثمار الكويتية (حكومية) بقوة في مجال العقارات ومراكز التسوق والقطاع المصرفي والاستثمار في البورصة التركية ومجالات النقل الجوي.
وبحسب الإحصاءات الرسمية فقد بلغت قيمة الاستثمارات الكويتية في تركيا خلال عام 2015 5 مليار دولار ويأتي القطاع العقاري في مقدمة قطاعات الاستثمار الكويتية في تركيا لاسيما بعد إقرار قانون التملك الحر المباشر لمواطني دول الخليج هناك.
وأدى ذلك إلى إقبال كثيف من المستثمر الكويتي على شراء العقار التركي ، لتصبح دولة الكويت اليوم بالمرتبة الأولى في مجال الاستثمار بالعقارات على مستوى دول الخليج ، حيث يتملك الكويتيون أكثر من 6 آلاف عقار في تركيا حتى الآن.
كما أن شركات المقاولات التركية حققت في الكويت اعتباراً من 2016 من خلال 30 مشروعاً إنجازات ضخمة بلغ مجموع قيمتها حوالي 6.5 مليار دولار.
وعلاوة على ذلك للقطاع الخاص الكويتي مساهمات فعالة ومباشرة في السوق التركي حيث تنشط عشرات الشركات الكويتية في مختلف القطاعات لاسيما القطاع المصرفي وقطاع مبيعات التجزئة.
ويعد البنك الكويتي التركي الذي تأسس عام 1989 مثالا بارزا على نجاح التعاون الاقتصادي المصرفي بين البلدين والمساهمة في دعم الاقتصاد التركي فقد استطاع البنك الذي يمتلك بيت التمويل الكويتي نصيب الأسد فيه احتلال المركز الأول على مستوى البنوك الإسلامية في تركيا من حيث حجم الأصول.
وتنشط 280 شركة كويتية في تركيا حاليا، ويوجد 7 شركات تركية برؤوس أموال تركية تنشط في الكويت.
القضايا الإقليمية والدولية.. تطابق وجهات نظر
العلاقات المتنامية بين الجانبين يدعمها تقارب كبير في وجهات نظر البلدين تجاه مختلف القضايا.
على الصعيد السياسي، تدعم تركيا التحالف العربي الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الكويت لدعم الشرعية في اليمن، وتتطابق وجهات نظرها مع دول الخليج، فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة في هذا البلد.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، تتلاقى أهداف البلدين في دعم الوضع الإنساني في سوريا، فسبق أن استضافت الكويت عدة مؤتمرات للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية استجابة للاحتياجات الإنسانية الملّحة للاجئين جراء استمرار الأزمة السورية، وتقوم تركيا بجهود رائدة في هذا المجال عبر استضافة الملايين من اللاجئين على أراضيها وتسيير قوافل إغاثية وإنسانية لصالح اللاجئين والنازحين.
وفي شهر مارس الماضي تم توقيع 3 اتفاقيات تتعلق بمنح كويتية تقدم إلى بلديات بعض الولايات التركية التي تستضيف لاجئين سوريين.
ويتوقع أن تتصدر الأزمة السورية مباحثات الزعيمين خلال قمتهما اليوم ، ولا سيما إنشاء مناطق آمنة في سورية ومكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأكد أردوغان في تصريح له أمس تطابق وجهات نظر بلاده مع دول مجلس التعاون الخليجي إزاء المشاكل الإقليمية والعالمية والاهتمام الذي توليه تركيا للتعاون والتشاور مع دول الخليج في زمن تواجه فيه المنطقة تحديات جادة.
ووصف أردوغان تركيا ودول الخليج “كجزيرة استقرار وسط منطقة جغرافية تعاني من مشاكل شتى”.
أيضاً صبّ الاجتماع الوزاري الخليجي التركي الذي عقد على مستوى وزراء الخارجية في العاصمة السعودية الرياض في 13 أكتوبر الماضي، في دعم العلاقات بين البلدين، لاسيما في ضوء ما صدر في بيانه المشترك.
واعتبرت دول مجلس التعاون الخليجي – ومن بينها الكويت، منظمة “فتح الله غولن”، الضالعة في محاولة الانقلاب الفاشلة “إرهابية”.
تعاون من أجل قضايا الأمة الإسلامية
وفي الشأن الإسلامي، تدعم تركيا التي تترأس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي ودول الخليج، قضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
كما وقعت رئاسة الشؤون الدينية التركية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية في مارس الماضي، على مذكرة تفاهم في مجال الشؤون الإسلامية، لوضع استراتيجيات للدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعزيز التعاون في المجالات الدينية والثقافية.
ووفقاً لنص المذكرة، يتعاون البلدان في الجهود الهادفة للدعوة إلى الإسلام بالطرق المختلفة، ويتبادلان التجارب والمعلومات فيما يتعلق بمواجهة الحركات التكفيرية والإرهابية، والتيارات التي تميل للعنف، والتي تهدد أمن واستقرار المجتمعات الإسلامية.
وتنص المذكرة على أن يتبادل البلدان المطبوعات التي تعمل على تقوية الجوهر الرئيس للإسلام ومواجهة التيارات المتطرفة والعنيفة، وأن يدشنا برامج مشتركة لتوعية الشباب في مواجهة التيارات المتطرفة والتكفيرية.
كما اتفق البلدان على العمل المشترك من أجل طبع وتوزيع المصحف الشريف، ونشر الأحاديث والسنة والنبوية، وتبادل الخبرات فيما يتعلق بالعمل من أجل إعادة المساجد لتصبح مراكزاً لنشر العلم والدين.