أدى حريق كبير نجم عن انفجار سيارة مفخخة إلى توقف الحركة على جسر القرم المنشأة الأساسية ورمز ضم شبه الجزيرة الأوكرانية التي تحمل الاسم نفسه، كما أعلنت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب من دون أن تتهم أوكرانيا.
ويظهر في لقطات للجسر يتم تداولها عبر الإنترنت خط السكة الحديد مشتعلاً على امتداد عشرات الأمتار وقسماً منهاراً من الطريق.
أهمية جسر القرم؟
جسر القرم أو جسر مضيق كيرتش هو أطول جسر في أوروبا يربط بين شبه جزيرة القرم ومقاطعة كراسنودار كراي الروسيتين، يمتد فوق مضيق كيرتش، يبلغ طوله 19 كم (12 ميلاً).
ويوجد جسران من الجسور المتوازية أحدهما لحركة مرور المركبات، والآخر للقطارات.
وشيدت روسيا الجسر بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم في بداية غزوها لأوكرانيا في العام 2014، بكلفة 3.7 مليارات دولار، وأصبح رمزاً للضم.
في يناير 2015، تم إبرام عقد بمليارات الدولارات لبنائه.
وفي مايو 2015، بدأ العمل به، وتم افتتاحه في 15 مايو 2018.
وقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه شاحنة خلال افتتاحه عام 2018 بتكلفة تزيد على 3 مليارات دولار.
ويعد هذا الجسر ضرورياً لنقل الأشخاص والبضائع إلى شبه الجزيرة، وكذلك إلى القوات المنتشرة في أوكرانيا.
ويربط الجسر منطقة كراسنودار الجنوبية بمدينة كيرتش في القرم، فوق المضيق بين البحر الأسود وبحر أزوف.
وهذا الجسر الذي بُني بكلفة كبيرة بأوامر من الرئيس فلاديمير بوتين لربط شبه الجزيرة التي أعلنت موسكو ضمها، بالأراضي الروسية، يُستخدم خصوصاً لنقل معدات عسكرية للجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا.
بالنسبة لسكان القرم الروس، يعد هذا الجسر شريان الحياة إذ يربطهم بوطنهم الأم.
ونظراً لأهميته الكبيرة بالنسبة لموسكو، أنشأت روسيا في العام 2019 درعاً أمنية فوقه يصعب اختراقها.
كما نشرت السلطات الروسية منظومة نظام دفاع جوي قوية لحماية الجسر الشهير.
وبني الجسر بدعامات وهي عبارة عن هياكل خرسانية وفولاذية ضخمة.
يشار إلى أن القرم وجهة شعبية يقصدها الروس لقضاء العطلة والاستمتاع بشواطئها وجبالها، كما يشكل السياح القادمون من روسيا أحد مصادر الدخل الرئيسة لشبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود.
انفجار عنيف
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب أن الانفجار وقع في الساعة 06:07 صباحاً بالتوقيت المحلي (03:07 بتوقيت جرينيتش) في شاحنة نقل وتسبب في اشتعال النار في 7 عربات لنقل الوقود في قطار متجه إلى شبه الجزيرة.
وأضافت اللجنة أن قسمين من الجسر البري انهارا جزئياً، لكن الممر المائي عبر مضيق كيرتش، الذي تنتقل من خلاله السفن بين البحر الأسود وبحر آزوف، لم يتضرر.
وقال سيرجي أكسيونوف الحاكم الروسي لشبه جزيرة القرم على مواقع التواصل الاجتماعي: إن الجسر البري لا يزال سليماً في اتجاه واحد لكن جرى تعليق حركة المرور في أثناء تقييم الأضرار.
وفي حال كانت أوكرانيا وراء الحريق والانفجار على جسر القرم، فذلك سيشكل ضربة لروسيا تتمثل بتمكن القوات الأوكرانية من إلحاق أضرار ببنية تحتية حيوية وبعيدة عن الجبهة.
وتواجه روسيا سلسلة من الانتكاسات العسكرية منذ بداية سبتمبر، إذ أُجبرت قواتها على التراجع في شمال شرق البلاد وجنوبها ولا سيما في منطقة خيرسون المتاخمة لشبه جزيرة القرم التي أعلن بوتين ضمها.
وقال المتحدث باسم الكرملين لوكالة ريا نوفوستي: إن فلاديمير بوتين أمر بتشكيل لجنة حكومية لتحديد الوقائع.
وذكرت وكالات أنباء روسية أنه تم إيقاف حركة السكك الحديدية والطرق، وتم إنشاء عبارات للسماح بالعبور.
ولم تعلق أوكرانيا، لكن رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية أندريه إيرماك نشر، في تغريدة على “تويتر”، رسماً تعبيرياً لجسر وسط سحب من الدخان.
وكتب ميخايلو بودولياك المستشار الآخر للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على “تويتر”: يجب تدمير كل شيء غير قانوني ويجب إعادة كل شيء مسروق إلى أوكرانيا.
ونشر كيريل ستريموسوف، المسؤول من سلطة الاحتلال الروسية في منطقة خيرسون الأوكرانية المجاورة لشبه جزيرة القرم على حسابه على “تلجرام” تسجيل فيديو كاميرا مراقبة للجسر يظهر فيه حدوث انفجار عنيف.
وأضاف أن الإصلاحات قد تستغرق شهرين.
وتؤكد روسيا أن الجسر آمن على الرغم من القتال في أوكرانيا، لكنها هددت في الماضي كييف بالانتقام إذا هاجمت القوات الأوكرانية هذه البنية التحتية أو غيرها في شبه جزيرة القرم.
ونقلت وكالة الأنباء “ريا نوفوستي “عن النائب الروسي أوليغ موروزوف دعوته، أمس السبت، إلى رد مناسب، مؤكداً أن هذا النوع من الهجمات الإرهابية سيتضاعف إذا لم يتم ذلك.
ووقعت انفجارات عدة في الأشهر الأخيرة في منشآت عسكرية روسية في شبه الجزيرة نتيجة عمليات أوكرانية على الأرجح، كما حدث عندما دمرت قاعدة دجانكوي العسكرية في أغسطس بسبب انفجار مستودع للذخيرة مما تسبب برحيل السياح من المنطقة.
إخفاقات بالجملة
لم تذكر السلطات الروسية معلومات كافية عن دجانكوي وحوادث أخرى مماثلة في مستودعات أسلحة في أماكن أخرى في روسيا لكن قريبة من الحدود الأوكرانية.
في دجانكوي، اعترفت موسكو أخيراً بتخريب واعترف الجيش الأوكراني بمسؤوليته بعد أسابيع.
ومنذ أوائل سبتمبر، أجبرت القوات الروسية على التراجع في نقاط كثيرة على الجبهة، وقد اضطرت خصوصاً للانسحاب من منطقة خاركيف (شمال شرق) والتراجع إلى منطقة خيرسون.
في مواجهة هذه النكسات أمام الجيش الأوكراني المتحمس الذي عززته إمدادات الأسلحة الغربية، أصدر الرئيس بوتين في نهاية سبتمبر مرسوماً بتعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط أي من المدنيين، لعكس هذا الاتجاه.
كما أصدر مرسوماً بضم 4 مناطق أوكرانية على الرغم من أن موسكو تسيطر عليها جزئياً فقط.
وأعلنت أوكرانيا استعادتها آلاف الكيلومترات المربعة منذ بداية سبتمبر وشن هجومها المضاد في عدة نقاط على الجبهة.
وساحة المعركة الوحيدة التي تتمتع فيها موسكو حالياً بالتفوق هي بالقرب من بلدة باخموت في منطقة دونيتسك (شرق) التي تحاول القوات الروسية الاستيلاء عليها منذ أغسطس.
ووصلت إخفاقات الأسابيع الأخيرة إلى درجة أن الجيش وقيادته، حتى في وسائل الإعلام الحكومية يتعرضون لانتقادات من شخصيات بارزة.