يسود جدل كبير في فرنسا هذه الأيام بخصوص مشروعي قانونين: أحدهما حول “الأمن الشامل”، الذي يقوي عضد الأجهزة الأمنية ويحميها من المراقبة، والثاني ضد “التطرف الإسلامي”، ويهدف -حسب باريس- إلى محاربة الإرهاب المهدد لاستقرار البلاد.
فقد أعربت المفوضة الأممية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه عن قلقها إزاء التأثير السلبي لمشروع قانون “الأمن الشامل” في فرنسا على المنحدرين من أصول أفريقية والأقليات الأخرى والمسلمين.
كما أعربت باشليه -في مؤتمر صحفي عقدته بمكتب الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية- عن قلقها إزاء استخدام الشرطة الفرنسية العنف ضد المتظاهرين، داعية المسؤولين الفرنسيين إلى فتح تحقيقات فورية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في بلادهم.
وتابعت “منذ فترة طويلة نلاحظ نوعا من العنصرية لدى قوات الأمن الفرنسية، وعلى المسؤولين التدخل للحد من هذه الظاهرة”.
ومنذ أيام، تجتاح مظاهرات عموم فرنسا لرفض مشروع قانون “الأمن الشامل”، الذي تنص إحدى مواده على عقوبة السجن سنة ودفع غرامة قدرها 45 ألف يورو، في حال بث صور لعناصر من الشرطة والدرك، حسب شبكة “يورو نيوز” الأوروبية (مقرها فرنسا).
وأثار القانون -الذي قدمته حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، في أكتوبر الماضي- احتجاجات في مدن بجميع أنحاء فرنسا، بما في ذلك باريس وليون وبوردو ومرسيليا.
كما أثار انتقادات منظمات حقوقية وصحفيين ينظرون إلى مشروع القانون على أنه وسيلة لإسكات حرية الصحافة وتقويض الرقابة على الانتهاكات المحتملة للسلطة من قبل الشرطة.
تزامنت هذه التطورات مع عرض رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الأربعاء مشروع قانون “مكافحة التطرّف الإسلامي”، مؤكدا أن النص الذي وجّهت إليه انتقادات دولية عدة ليس “ضد الأديان”، بل للدفاع عن “الحريات”.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي إن مشروع القانون -الذي تسميه الحكومة “قانون تعزيز قيم الجمهورية”- لا يرمي إلى محاربة الأديان عموما، ولا الدين الإسلامي خاصة.
وأضاف كاستيكس -بعد تقديم المشروع في اجتماع مجلس الوزراء- أن هدف النص الجديد هو حماية الناس وتحريرهم مما سماها النزعات الأصولية.
“الهيدرا الإسلامية”
من جهته، أوضح وزير الداخلية جيرالد دارمانان أن مشروع القانون يمنع الموظفين العموميين من حمل رموز دينية أو طائفية، ويضبط تسجيل الجمعيات الدينية وبناء دور العبادة.
وذكّر بأن القانون سيطالب الجمعيات عندما تطلب تمويلا من الدولة أو مقرا لها أن تلتزم باحترام مبادئ الجمهورية.
كما يتضمن مشروع القانون إجراءات عدة كمراقبة تمويل الجمعيات والتصدي لخطاب الكراهية عبر الإنترنت وتمويل دور العبادة.
وأتى مشروع القانون -الذي يضم نحو 50 مادة، وعرض في الذكرى 115 لقانون عام 1905 التاريخي حول العلمانية- نتاج 3 سنوات من المحاولات لمواجهة ما سماه ماكرون “الهيدرا الإسلامية”؛ في إشارة إلى الحية “هيدرا” متعددة الرؤوس الواردة في الأساطير اليونانية.
ويضم مشروع القانون بنودا للحد من التعلّم المنزلي، الذي بات يشمل 62 ألف طفل، أي ضعف ما كانت عليه الأرقام عام 2016.
ويمنع مشروع القانون مبدأ التعلّم المنزلي مع بعض الاستثناءات المحتملة (صحة، رياضة، فنون…).