فكم في هذه الحياة من يتذكر ذنباً اقترفه منذ شهر، وليس منذ سنة أو أكثر
في عام 1976م كنت أدرس في بريطانيا بمدينة «بورمث» الجميلة، وكان لدي دراجة نارية صغيرة أستعملها للذهاب إلى الكلية، وفي ذات يوم خرجت من الشقة فلم أر الدراجة في مكانها، أبلغت الشرطة، وبعد ما يقارب من شهر أو أكثر أبلغني البوليس بأنه قد عثر عليها، ولكن بحالة محطمة تماماً.
وبعد مرور ما يقارب 32 عاماً من هذه الحادثة التي نسيتها تماماً، أبلغني صاحب لي بأن فلاناً أحد جيراننا أيام الدراسة في مرض الموت، واقترح علي زيارته، فذهبنا سوياً لعيادته، وكان في حالة يرثى لها، وبعد أن رحب بي، وتذكرنا أيام الماضي.
أومأ إلي بأن أقرب رأسي إليه.
ثم قال لي: حللني يا شيخ!
قلت: من ماذا؟ قال: هل تذكر الدراجة النارية التي افتقدتها أيام الدراسة في بريطانيا؟
قلت: نعم.
قال: أنا الذي سرقتها، أرجوك سامحني وحللني.
فقلت: أنت في حل.
وبعد مغادرتي إياه: تعجبت لتذكر صاحبي لذنب منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ورجوت أن يكون ذلك بشائر حسن خاتمة، حيث توفي يرحمه الله بعد أيام من تلك الزيارة، فكم في هذه الحياة من يتذكر ذنباً اقترفه منذ شهر، وليس منذ سنة أو أكثر، لاشك أنهم موجودون، ولكنهم أقل من القليل، نرجو أن نكون منهم.