في عام 2000، اتفقت كل من إيران وروسيا والهند على إنشاء “ممر إيران” أو ما اصطلح على تسميته “ممر الشمال – الجنوب”، بحيث يصل هذا الممر بين بلدان جنوب آسيا والخليج العربي ودول المحيط الهندي، وشمال أوروبا من الجهة الثانية، ما قد يشكل منافسة قوية لقناة السويس؛ لأن الممر الجديد يوفر الوقت والمال.
ويوم الأحد الماضي، أعلن مسؤول إيراني عن استكمال مسار شحن ونقل البضائع من الهند إلى ميناء جابهار، في جنوب شرقي إيران، الذي يطل على المحيط الهندي، ومن ثم شحن البضائع برياً إلى ميناء بندر على ساحل بحر قزوين، ومن ثم نقل البضائع عن طريق البحر إلى روسيا، ومنها إلى شمال روسيا أو أوروبا بالسكك الحديدية، مما يختصر فترة الشحن لنحو النصف.
وأكدت صحيفة “المال” أن هيئة قناة السويس تجهز بياناً صحفياً مدعوماً بالأرقام والإحصائيات، حول ما تردد بشأن منافسة ممر “الجنوب-الشمال” الإيراني لقناة السويس، ويبدو أن الأمر لا يقلق مصر؛ لأن هيئة قناة السويس تتابع ذلك الملف منذ عام 2000.
ما أهمية الممر الجديد؟
تعود فكـرة إنشـاء ممر تجـاري يربـط بين هـذه الأقاليم إلـى قـرون ماضية، لكـن التأسـيس لهذه الفكرة بدأ بالتوقيع على اتفاق بين روسـيا وإيـران والهنـد، في سبتمبر 2000، انضـم إليـه لاحقاً عدد مـن دول آسـيا الوسـطى والقوقاز والخليـج العربـي والشـرق الأوسط؛ بهدف توسـيع حجـم التجارة بين الـدول والأقاليم الواقعة على مسـاراته المختلفـة مـن خـلال تخفيـض تكاليـف التجـارة، وتخفيـض زمـن النقـل.
وتتألف الشبكة متعددة الطرق، التي تبلغ 7200 كيلومتر، من السفن، والسكك الحديدية، والطرق البرية، وتهدف إلى نقل البضائع، والمرور عبر أراضي الهند، وإيران، وأفغانستان، وأرمينيا، وأذربيجان، وروسيا، وآسيا الوسطى، ثم أوروبا الشرقية.
وقد أكد تقرير نشرته إحدى المجلات الإيرانية أن ممر الجنوب الشمال (INSTC) يشير إلى شـبكة نقل متعدد الوسائط من طرق التجارة الدولية، البحرية والبرية والسكك الحديديـة، التـي تربـط بيـن أقاليـم جنوبـي آسـيا، وغربـي آسـيا (إيـران ومنطقـة الخليـج العربـي)، وآسـيا الوسـطى، والقوقـاز، وروسـيا، وصول إلـى شـمال أوروبا.
وأوضح التقرير أن الدراسات الأولية انتهـت إلى أن هذه المسـارات سـوف تسـهم فـي تخفيـض تكلفـة التجارة بيـن الدول الواقعـة علـى هـذه المسـارات بنسـبة 35% تقريبـاً، وتخفيـض مـدة النقـل بنحـو 45% مقارنة بالمسارات التقليدية.
وأضاف التقرير أن الفكـرة الأساسـية لمشـروع «ممـر الشـمال-الجنوب» هي ربـط إقليمـي جنوب وغـرب آسـيا بشـمال وغـرب أوروبـا وآسـيا الوسـطى عبـر إيـران وبحـر قزويـن، أو إيران والبحر الأسود، وأن الدراسـات تؤكد الوفورات المادية والزمنيـة التـي يوفرهـا هـذا الممـر بالمقارنـة بالطريـق التقليـدي.
هل يهدد الممر قناة السويس؟
زعمت قناة «برس تي في» الإيرانية أن هذا المشروع المخصص للنقل بطول 7200 كيلومتر، سيكون بديلاً أرخص وأقصر من قناة السويس، وسيشمل كلاً من السكك الحديدية والنقل المائي، حيث سيتم شحن البضائع من ميناء بندر عباس الإيراني على ساحل الخليج، ثم يجري شحنها إلى ميناء “بندر” على ساحل بحر قزوين، وبعد ذلك تنقل عن طريق البحر إلى أستراخان بروسيا، ومنها إلى أوروبا بالسكك الحديدية.
وحسب تقرير القناة الإيرانية، من المفترض أن يقلل هذا الممر المخصص للنقل الدولي، من وقت وتكلفة نقل البضائع بنسبة 30-40%، وبالمقارنة مع قناة السويس، فعلى سبيل المثال، ستصل البضائع من مومباي إلى موسكو عبر «ممر النقل الشمالي الجنوبي» في غضون 20 يوماً.
أيضاً وفقًا لتقديرات الخبراء، من المرجّح أن يشهد ممر النقل بين الجنوب والغرب عبور حوالي مليوني طن على الأقل من البضاعة المشحونة خلال السنة الأولى من إنشائه.
فكيف سترد مصر على الممر الجديد؟ أم يتوقع أن يؤكد بيان هيئة قناة السويس المرتقب أن هذا الممر -مثل غيره من القنوات والممرات التي جرى الإعلان عنها كمنافس لقناة السويس- ليس سوى “فنكوش”، وستظل أهمية القناة كممر مائي حيوي نظيف وسريع.